تحليل/عبدالكريم مطهر مفضل/ وكالة الصحافة اليمنية//
رغم التغيرات السياسية التي شهدتها سوريا بعد سقوط نظام الأسد يواصل الحراك الشعبي مسيرته في محافظة السويداء جنوب سوريا، للمطالبة بدولة بعيدة عن الطائفية والتشدد الديني تحفظ كرامة وحقوق كل السوريين.
ورغم رحيل نظام الأسد ومجيء سلطات “الجولاني المدعوم من واشنطن وأنقرة على حد سواء، فإن المطالب الشعبية لم تتغير، حيث يرفع المتظاهرون شعاراتٍ تطالب بتحسين الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مما يعكس حالة عدم الرضا عن المرحلة الانتقالية الحالية.
مطالب ثابتة رغم تغير الحكام
من ساحة الكرامة في وسط المدينة، تصدح هتافات المحتجين المطالبة برحيل أحمد الشرع وحكومته، في موقف يعكس استمرار أزمة الثقة بين الشارع السوري والسلطات الجديدة.
كما أكد المحتجون رفضهم القاطع لدخول قوى الأمن العام التابعة للإدارة المؤقتة إلى المحافظة، مشددين في الوقت نفسه على أن الحكم اللامركزي هو الحل الأمثل لسوريا الجديدة، في إشارة واضحة إلى رغبتهم في نظام حكم أكثر استقلالية بعيداً عن هيمنة أنقرة والقوى الدولية والاقليمية.
المطالبة بدولة مدنية ورفض الطائفية
المتظاهرون شددوا على مطلبهم بإقامة دولة مدنية تحفظ حقوق المواطن بعيدًا عن أي توجهات دينية أو طائفية، معبرين عن رفضهم لوجود أي عناصر أجنبية في الجيش السوري الجديد، أو أي قوة عسكرية أجنبية في إشارة للمقاتلين الأجانب والقوات التركية والأمريكية و”الإسرائيلية”.
كما رفض المحتجون تصنيف سكان السويداء كأقلية، مؤكدين أنهم جزء أصيل من النسيج السوري، وأن لهم تاريخًا طويلاً من المواقف الوطنية في البلاد.
تصعيد ميداني وشعارات تضامنية
في تطور جديد، قام المحتجون بإنزال العلم السوري الأخضر التابع لحكومة دمشق الجديدة، ورفع علم الدروز على مبنى المحافظة، بالإضافة إلى طرد المحافظ الجديد الذي عينته حكومة دمشق، في خطوة تصعيدية تعكس مدى الغضب الشعبي تجاه السلطات المركزية في دمشق.
وعلى صعيد آخر، رفع المتظاهرون شعارات تضامنية مع أبناء الطائفة العلوية، مستنكرين جرائم القتل خارج نطاق القانون التي طالت حتى النساء والأطفال، وخاصة في محافظة اللاذقية.
يأتي ذلك في سياق الاحتقان الشعبي المتزايد على خلفية الانتهاكات الطائفية التي تشهدها سوريا خلال الفترة الماضية.
احتقان شعبي وفوضى أمنية
لم تقتصر حالة الاحتقان على السويداء فحسب، بل امتدت إلى مناطق أخرى في سوريا، حيث تتفاقم الأوضاع بسبب الفلتان الأمني والانتهاكات الطائفية.
كما ساهمت القرارات الحكومية الأخيرة، التي وصفت بالمتخبطة، في تصعيد الغضب الشعبي، لا سيما عمليات الفصل الجماعي التي طالت عشرات الآلاف من الموظفين الحكوميين، بينهم أطباء ومعلمون ومهندسون.
وعليه يمكننا القول، إن الاحتجاجات المستمرة في السويداء تعكس صورة أعمق لحالة عدم الاستقرار التي تعيشها سوريا، حيث يظهر أن التغيير السياسي وحده لا يكفي لحل الأزمة المستمرة منذ سنوات.
فمع بقاء المطالب ذاتها رغم تغير الأسماء، يبدو أن الشارع السوري لا يزال يبحث عن نظام سياسي قادر على تحقيق تطلعاته في العدالة والمساواة والاستقرار.
مشغل الفيديو
00:00
00:00