من جديد يبرز اليمن كلاعب قوي في إدارة الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي بمواقفه القوية وتدخلاته لنصرة الشعب الفلسطيني ومقاومته في المنعطفات الخطيرة بدءا من دخوله الحرب الى جانب المقاومة الفلسطينية في معركة طوفان الأقصى وصولا الى القرار الذي أعلنه السيد عبد الملك الحوثي بإمهال كيان الاحتلال الإسرائيلي أربعة أيام لإدخال المساعدات الى قطاع غزة .
وكما كان تأثير جبهة الاسناد اليمنية واضحا على مسار معركة طوفان الأقصى فبالتأكيد ان قرار السيد عبد الملك الحوثي سيكون تأثيره على مسار مباحثات تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين المقاومة والاحتلال الإسرائيلي باعتباره سيردع الاحتلال عن محاولته لفرض شروط جديدة وطريقة تفاوض جديدة عبر مقترحات أمريكية تهدف إلى تمديد المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بما يخالف البنود المتفق عليها في محاولة أمريكية اسرائيلية مفضوحة للإفراج عن أكبر عدد ممكن من الأسرى الصهاينة دون تقديم مقابل أو استكمال الاستحقاقات العسكرية والإنسانية المفروضة في الاتفاق.
ومن الواضح تماما ان الدعم الأمريكي وتصريحات “ترامب” وعجز الوسيطين المصري والقطري عن إلزام الاحتلال بتنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار كما هو متفق عليه شجعت قادة الاحتلال الإسرائيلي وفي مقدمتهم رئيس وزراء كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو على المضي في محاولات تعطيل الاتفاق.
ورغم ان وقف ادخال المساعدات الى غزة واتجاه الاحتلال الإسرائيلي للتصعيد في غزة يعتبر انقلاب على الاتفاق فمن الواضح جدا ان الوسطاء يريدون الإبقاء على باب المفاوضات مفتوح، دون الاكتراث للمعاناة الكبيرة الذي يمكن ان يسببها وقف الاحتلال لإدخال المساعدات على سكان قطاع غزة وهو ما رفضته المقاومة الفلسطينية وهذا ظهر واضحا في اعلان ناطق كتائب القسام الأخير بشأن جهوزية المقاومة لكل الاحتمالات واستعدادها للعودة الى الحرب في حالة عدم تنفيذ الاحتلال لالتزاماته التي تضمنها اتفاق وقف إطلاق النار واتجاهه للتصعيد، وهي تصريحات لم يمر عليها 24 ساعة حتى اتى اعلان السيد عبدالملك الحوثي بإمهال الوسطاء أربعة أيام فيما يبذلونه من جهود لإدخال المساعدات الى غزة وهو رسالة واضحة للوسطاء بان اليمن لن يترك المقاومة وحيدة وهي تواجه الضغوط تلو الضغوط من الوسطاء لتقديم تنازلات خصوصا مع توجه وفد من حماس الى القاهرة مع احتمالية ممارسة الوسطاء لضغوطات على حركة حماس من منظور انها الحلقة الاضعف في المفاوضات.
ووفق مراقبين فان هذا الاعلان سيكون له تأثير كبير على تقوية موقف المقاومة التفاوضي ومواجهة محاولات انتزاع تنازلات جديدة، والتمسك بخيار القوة لردع كيان الاحتلال وإجباره على تنفيذ بنود وقف اطلاق النار.
وحسب المراقبين فان هذا الاعلان هو تحذير للوسطاء من تبعات الاستمرار في الاستجابة للإملاءات الامريكية وممارسة الضغوط على حماس وهي الملتزمة بتنفيذ بنود الاتفاق على عكس الكيان الاسرائيلي الذي أعلن انقلابه على الاتفاق.
كما أن مهلة الاربعة أيام التي أعطها السيد عبدالملك الحوثي للوسطاء هي رسالة بان ابقاء باب المفاوضات مفتوحا في ظل توجه الاحتلال الى التصعيد وحصار القطاع والعودة لحرب التجويع على سكان قطاع غزة لم يعد ممكن، وفيما إذا كان الوسطاء جادين في ممارسة دور الوساطة، فعليهم ان يعوا خطورة المرحلة وان يتوجهوا للضغط على الاحتلال الاسرائيلي لإدخال المساعدات الى غزة قبل انقضاء مهلة الاربعة أيام .
ومثلما يمثل الاعلان رسالة تحذير للوسطاء فهو رسالة تحذير للاحتلال الاسرائيلي مما يمكن ان يمثله الانقلاب على الاتفاق من خطورة عليه كونه سيعيده الى مربع الحصار البحري الذي أوقفته صنعاء بعد التوصل الى اتفاق وقف اطلاق النار في غزة .
ولا يمكن ان يتجاهل الكيان الاسرائيلي هذا الاعلان خصوصا مع فشله ومعه واشنطن سابقا في وقف عمليات صنعاء البحرية التي أغلقت البحر الاحمر أمام الملاحة الاسرائيلية وبشكل تام وهو ما كبد الاحتلال خسائر اقتصادية كبيرة باعتراف الاحتلال الاسرائيلي.
وبالتأكيد فان هذا القرار حشر الكيان الاسرائيلي في زاوية ضيقة، ووضعه بين خيارين لا ثالث لهما، فإما المضي في تنفيذ بنود الاتفاق كما هي، أو تحمل تبعات الانقلاب على الاتفاق وهو ما أكدته حكومة صنعاء اليوم في بيان حيث حملت الكيان الاسرائيلي المسؤولية الكاملة عن تداعيات استئناف العمليات البحرية وكافة التداعيات الأخرى الناجمة عن عدم رفع الحصار عن أبناء غزة وعدم إدخال المساعدات لهم.