وسط مشهد دموي يزداد تعقيداً في سوريا، تحاول وسائل الإعلام الموالية لحكومة أحمد الشرع في دمشق، الترويج لمزاعم تصديها للمخربين من “فلول النظام السابق” في الساحل السوري، إلا أن تقارير ومشاهد فيديو صادرة من منظمات حقوقية وناشطون سوريون على منصات التواصل الاجتماعي، كشفت تناقض تلك المزاعم، ووثقت جرائم حرب وتصفية عرقية وطائفية ارتكبت بحق 568 من أبناء الطائفة العلوية.
اليوم السبت، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن قرى وبلدات محافظات الساحل السوري، شهدت لليوم الثاني على التوالي، مجازر نفذتها القوات التابعة للحكومة السورية المؤقتة، ما أسفر عن مقتل 568 مواطناً، بينهم شيوخ ونساء وأطفال وأطباء ومعلمون.
جرائم حرب
أعدام المسنين
وذكر المرصد السوري بأنه حصل على مشاهد فيديو وشهادات من الأهالي، توثق جرائم حرب ضد الإنسانية نفذها عناصر من الأمن الداخلي بحق المئات من أبناء الطائفة العلوية في المناطق السابق ذكرها، وسط تقارير عن سقوط المزيد من القتلى الذين لم يتمكن المرصد من توثيقهم حتى اللحظة.
وأكد المرصد أن “مناطق الساحل السوري وجبال اللاذقية شهدت جرائم مروعة وعمليات تصفية على أساس طائفي ومناطقي، راح ضحيتها المئات من المواطنين”، مضيفاً أن “قوات الأمن وعناصر وزارة الدفاع والقوات الرديفة لها ارتكبت جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان، وسط غياب الرادع القانوني”.
مجازر مروعة
في مدينة بانياس بمحافظة طرطوس، قُتل 60 مدنياً، بينهم عشر نساء وخمسة أطفال، خلال هجوم مكثف، بينما لقي شابان مصرعهما أثناء محاولتهما الفرار من بلدة يحمور المجاورة.
وأكدت مؤسسات حقوقية، أن عوائل علوية تم إبادتها بشكل كامل في بانياس.
أما في اللاذقية، فقد كانت المجازر أكثر فظاعة، إذ شهدت قرية المختارية في منطقة الحفة مذبحة راح ضحيتها 166 شخصاً، بينما تم اعدم 24 مدنياً في قرية الشير، وفق المرصد الديمقراطي السوري.
ولم تسلم قرى أخرى مثل دوير بعبدة وبيت عانا وقرفيص وحفة من مصير مماثل، حيث تعرضت لمجازر مروعة قتل خلالها أعداد كبيرة من المدنيين، جلّهم بعمليات إعدام ميدانية.
وفي محافظة حماة، أعدمت قوات موالية لحكومة دمشق الجديدة شيخ الطائفة العلوية شعبان منصور مع نجله في قرية سلحب شمال شرقي طرطوس.
اعدام شيخ من الطائفة العلوية وابنه في بانياس
كما شهدت قرية التويم مجزرة تصفية عرقية بحق 31 مدنياً، بينهم 9 أطفال و4 سيدات.
وفي بلدة الرستن، أعدمت قوات حكومة دمشق 21 مدنياً قبل اقتحام قرية العلمين بريف حماة الجنوبي، حيث قتلت 19 شخصاً في الطرقات، و17 آخرين داخل منازلهم بعد اقتحامها ونهب ممتلكاتهم.
كما شهدت المنطقة إعدام 15 طبيباً، بينهم طبيبة أُعدمت مع أطفالها، بينهم طفل رضيع.
أطباؤ وصيادلة تم اعدامهم
وفي بلدة مصياف، ذبح عناصر الأمن الطفلين غدير أحمد محمد وهادي خليل محمد على طريقة تنظيم “داعش”، في مشهد أثار استنكاراً واسعاً.
إعدام المتضامنين
شيخ سني أعدم بسبب تضامنه مع العلويين
ولم تكتفي قوات حكومة دمشق الجديدة بهتك دماء العلويين بل وهتكت دماء الرافضين للمجازر المروعة التي ترتكب بحق العلويين وتصاعد الفوضى الأمنية في قرى وبلدات الساحل السوري، من الطوائف الأخرى.
في العاصمة دمشق، اقتحمت قوات الأمن العام التابع للحكومة السورية الجديدة منزل الشيخ السني “عبدالرحمن علي الضلع” بسبب اعتراضه واستنكاره لعمليات التطهير الطائفي ضد العلويين في سوريا.
وذكر موقع “توثيق انتهاكات سوريا”، أن الشيخ عبدالرحمن الضلع تعرض للإهانة والتعذيب الوحشي، قبل أن يتم إعدامه بدم بارد أمام أطفاله.
كما قتلت قوات الأمن في بانياس، المسن “جهاد بشارة”، والد الخوري غريغوريوس بشارة، كاهن رعية كنيسة سيدة البشارة، بسبب رفضه للمجازر المروعة بحق العلويين.
مناشدات دولية لوقف الانتهاكات
طالب المرصد السوري لحقوق الإنسان، إلى جانب منظمات حقوقية أخرى، حكومة الشرع بوضع حد لتلك المجازر، ومحاسبة المسؤولين عن عمليات الإعدام الميدانية.
كما دعا المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل وإرسال فرق تحقيق دولية مختصة لتوثيق تلك الجرائم والانتهاكات الجسيمة بحق المدنيين.
ومع تصاعد وتيرة العنف والانتهاكات، يبقى السؤال مطروحاً حول مدى جدية المجتمع الدولي في اتخاذ إجراءات فاعلة لوقف تلك الجرائم ومحاسبة المسؤولين عنها، لضمان عدم تكرارها.