المصدر الأول لاخبار اليمن

التصعيد “الإسرائيلي” في سوريا.. دلالات التوسع العسكري وصمت الجولاني

تحليل/عبدالكريم مطهر مفضل//

في تطور خطير يعكس تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية داخل الأراضي السورية، واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الخميس، توسيع نطاق توغلاتها في جنوب سوريا، مقتربة من العاصمة دمشق.

يأتي ذلك في وقت تعيش فيه سوريا الجديدة حالة من الفوضى الأمنية والانتهاكات بحق الأقليات.

أبعاد التوسع وتداعياته

وشهدت الساعات الماضية دخول دبابات وآليات عسكرية “إسرائيلية” عبر الحدود السورية من فلسطين المحتلة، مع تنفيذ هجمات على مواقع عسكرية على طريق دمشق – عين النورية، وفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان.

وتزامن هذا التصعيد مع سلسلة تفجيرات داخل سرية الصقري واستهداف مواقع تابعة للواء 90، مما أدى إلى انفجارات عنيفة هزت المنطقة.

ولم تقتصر العمليات الإسرائيلية على الجنوب السوري، بل امتدت إلى العاصمة دمشق، حيث شن الطيران الحربي غارة استهدفت مبنى وسيارة في حي مشروع دمر، وسط ترجيحات بأن الهدف كان أحد قادة حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، ما أسفر عن سقوط ضحايا مدنيين.

هذا النوع من الضربات يعكس سياسة قوات الاحتلال ضمن ما يعرف بعمليات “قطع الرؤوس” التي تعتمدها قوات الاحتلال في استهداف شخصيات بارزة داخل فصائل المقاومة الفلسطينية في الخارج.

في موازاة ذلك، تصاعدت العمليات في ريف القنيطرة، حيث أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي نيرانها من التل الأحمر الغربي، كما اعتقلت شابًا من قرية كودنا – مزرعة الفتيان.

هذه الاعتداءات تشير إلى أن قوات الاحتلال لا تكتفي بالغارات الجوية والتوغلات البرية المعتادة، بقدر ما هي تأكيد توسع نطاق عملياتها البرية باتجاه العاصمة دمشق، وذلك في مسعى لفرض واقع استعماري جديد في عمق الأراضي السورية وهو تحول يحمل دلالات استراتيجية.

الرسائل الموجهة لحكام سوريا

  • فرض قواعد اشتباك جديدة: توغل قوات الاحتلال الإسرائيلي البري باتجاه طريق العاصمة دمشق يرسل رسالة واضحة مفادها أن قواعد الاشتباك لم تعد كما كانت، وأن تل أبيب مستعدة للانتقال إلى مرحلة أكثر حدة من العمليات العسكرية.

  • استغلال الفوضى الداخلية: التوقيت يأتي متزامنًا مع الاضطرابات الأمنية المتزايدة في سوريا، مما يتيح لقوات الاحتلال هامش مناورة أوسع لتنفيذ عملياتها دون ردود فعل قوية من دمشق، المنهمكة في إدارة أزماتها الداخلية.

التداعيات المحتملة

  • ردود الفعل المحلية: حتى الآن، لم تصدر دمشق ردًا عسكريًا كبيرًا، لكن استمرار هذه الاعتداءات قد يؤدي إلى تصعيد أكبر، خاصة لو شعرت أنقرة بأن مصالحها ووجودها في سوريا بات في خطر.

  • التوتر الإقليمي: في ظل تصاعد التوتر بين إيران وكيان الاحتلال في المنطقة، يمكن أن تؤدي هذه الاعتداءات إلى عودة طهران إلى المشهد السوري، ضمن تفاهمات بينها وبين أنقرة وحكامها الجدد في دمشق مما يزيد من تعقيد الوضع الأمني والعسكري.

الموقف الدرزي والردود الحكومية

وفي صعيد التوسع الاستعماري، تحاول قوات الاحتلال تقديم نفسها كحامية للأقليات، حيث أعلنت جهوزيتها للتدخل العسكري لحماية الدروز في سوريا.

وعلى ما يبدو فأن تحليق الطيران الحربي الإسرائيلي الثلاثاء الماضي، بعلو منخفض فوق السويداء ودير الزور يحمل رسائل سياسية وعسكرية واضحة.

ووفقًا للقناة 14 العبرية، فإن هذه التحركات تهدف إلى إيصال رسالة مفادها أن إسرائيل على استعداد لدعم الأكراد والدروز شمال شرق سوريا، في محاولة لكسب ولاء هذه الفئات وسط الأوضاع السياسية المتقلبة.

الأمر الذي دفع حكومة سوريا الجديدة للمسارعة في التوصل إلى “تفاهم من 10 بنود” مع الدروز، الأربعاء الماضي، استهدفت غالبيتها “تسيير المؤسسات”، والقضايا التي يسعى أبناء محافظة السويداء إلى معالجتها.

في تطور لافت، هاجم زعيم الطائفة الدرزية في سوريا، حكمت الهجري، الحكومة السورية الجديدة، واصفًا إياها بحكومة “التطرف”.

كما استبعد أي توافق مستقبلي معها، على خلفية تدهور الأوضاع الأمنية واستمرار عمليات القتل على أسس طائفية كما حدث في مجازر الساحل السوري بحق أبناء الطائفة العلوية، وهو ما اعتبره المراقبون بداية لتراجع الدروز عن التفاهمات السابقة مع حكومة دمشق.

وأكد المراقبون، أن التصعيد “الإسرائيلي” الجديد يشير إلى تغيرات جذرية في استراتيجيات قوات الاحتلال داخل سوريا، حيث لم تعد الغارات الجوية مقتصرة على استهداف مواقع عسكرية بعينها، بل باتت تتوسع لتشمل عمليات تمشيط، اعتقالات، وإنشاء نقاط تفتيش، مما يعكس توجهاً جديداً نحو تعزيز الهيمنة العسكرية في المنطقة.

وعلى ما يبدو أن قوات الاحتلال تتجه إلى استراتيجية جديدة في سوريا، تعتمد على التوغل المباشر وتنفيذ عمليات نوعية داخل العمق السوري، بهدف تعزيز سيطرتها على المعادلة الأمنية الإقليمية.

وبينما تراقب القوى الكبرى هذه التطورات، يبقى السؤال الأهم: إلى أي مدى يمكن أن يستمر هذا التصعيد دون أن يتحول إلى مواجهة أوسع؟

 

كما تبقى التساؤلات مفتوحة حول التداعيات المستقبلية لهذه التحركات على المشهد الإقليمي والدولي.

قد يعجبك ايضا