المصدر الأول لاخبار اليمن

بين التدمير والصمت الدولي.. الرياضة الفلسطينية في مرمى الاستهداف “الإسرائيلي”

تحليل/عبدالكريم مطهر مفضل/وكالة الصحافة اليمنية//

تتجلى في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة صورة أخرى من صور الاستهداف الممنهج للمدنيين والأعيان المدنية، حيث لم تقتصر الهجمات على المدنيين والبنية التحتية، بل طالت أيضاً المجال الرياضي، الذي يشكل أحد مظاهر الصمود الفلسطيني.

ولعل استشهاد نائب رئيس الاتحاد الفلسطيني للكاراتيه، بهجت رزق طنطيش، مساء السبت، جراء قصف مدفعي في بيت لاهيا، يمثل رمزًا لهذا الاستهداف الممنهج، الذي يهدف إلى حرمان الفلسطينيين من أحد أهم ركائز الأمل والمقاومة الثقافية والفنية والرياضية.

الرياضة كهدف في الحرب

يطرح استهداف الرياضيين والمنشآت الرياضية الفلسطينية تساؤلات عميقة حول الأهداف الصهيونية من هذه العمليات.

فمن الناحية العسكرية، لا تشكل الرياضة تهديدًا مباشرًا، لكنها تعد رافدًا مهمًا لتعزيز الهوية الوطنية الفلسطينية وصناعة جيل يمتلك الروح القتالية والانتماء.

وبالتالي، فإن استهداف شخصيات بارزة مثل طنطيش، الذي كان له دور ريادي في نشر رياضة الكاراتيه وتدريب الأجيال، يكشف عن نية واضحة لضرب البنية التحتية للرياضة كوسيلة لمحو ملامح الحياة المدنية في غزة.

أكثر من مجرد أرقام

لم يكن طنطيش الوحيد الذي فقد حياته بسبب العدوان، فالأرقام تشير إلى استشهاد ما لا يقل عن 560 رياضيًا منذ بدء الحرب في أكتوبر 2023، بينهم 25 من لاعبي كرة القدم، و259 من أعضاء الأكاديميات الرياضية والاتحادات الأولمبية، و51 من منتسبي الكشافة والمرشدات.

هذه الأعداد تمثل أكثر من مجرد إحصائيات، فهي تعكس خسارة أجيال من المواهب والكوادر التي كان يمكن أن تكون لها بصمة في رفع مستوى الرياضة الفلسطينية على الساحة الدولية.

أما على صعيد المنشآت، فقد دمرت قوات الاحتلال 265 منشأة رياضية، بينها 184 بشكل كلي، ما يشير إلى أن هذه الهجمات لم تكن عشوائية، بل تأتي ضمن استراتيجية واضحة تهدف إلى إفراغ القطاع من أي مقومات للحياة الرياضية.

ازدواجية المعايير الدولية

بالنظر إلى ردود الفعل الدولية، نجد أن المؤسسات الرياضية الكبرى، مثل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) واللجنة الأولمبية الدولية، التزمت الصمت حيال هذه الجرائم، رغم أن هذه الجهات سبق لها اتخاذ مواقف صارمة تجاه دول أخرى في حالات أقل خطورة، كما حدث مع روسيا التي تم إقصائها من مونديال كأس العالم في قطر 2022، وحرمانها من المشاركة في أولمبياد باريس 2024.

هذا الصمت يثير تساؤلات حول مدى التسييس الذي تتعرض له الرياضة على المستوى الدولي، حيث يتم تطبيق المعايير بشكل انتقائي، مما يسمح لكيان الاحتلال بالإفلات من المحاسبة رغم انتهاكها لحقوق الرياضيين الفلسطينيين.

مستقبل الرياضة الفلسطينية

بعد كل هذه الخسائر، يبقى السؤال الأهم: ما هو مستقبل الرياضة الفلسطينية؟

في ظل استمرار هذا العدوان الوحشي وتدمير البنية التحتية، يواجه الرياضيون الفلسطينيون تحديات غير مسبوقة، تتطلب جهودًا مضاعفة لإعادة بناء هذا القطاع الحيوي.

ويشير المراقبون، إلى أن الموقف الدولي قد يشهد تغيرًا إذا ما استمرت الضغوط من قبل المؤسسات الحقوقية والرياضية لإجبار الفيفا واللجنة الأولمبية الدولية على اتخاذ مواقف أكثر صرامة تجاه الاحتلال الإسرائيلي.

ويمكننا القول، إن استهداف الرياضة الفلسطينية ليس مجرد خسائر فردية أو مادية، بل هو جزء من سياسة ممنهجة تهدف إلى تقويض كل ما يعزز الهوية الفلسطينية.

وفي ظل استمرار هذه الانتهاكات، فإن الصمت الدولي يمثل تواطؤًا غير مباشر في هذه الجرائم، مما يستدعي تحركًا فلسطينيًا وعربيًا ودوليًا لإعادة تسليط الضوء على هذه القضية وضمان محاسبة إسرائيل على انتهاكاتها ضد الرياضة والرياضيين الفلسطينيين.

قد يعجبك ايضا