واشنطن بوست: الإمارات هي من تنفذ حملة اغتيالات أئمة وخطباء المساجد في عدن
وكالة الصحافة اليمنية // نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا لمراسلها “سادرسان راغفان” في مدينة عدن، تناولت فيه حملة الاغتيالات الغامضة التي تستهدف رجال الدين وأئمة المساجد في مدينة عدن، جنوبي اليمن. ويشير التقرير، الذي ترجمته “عربي21″، إلى مقتل الإمام صفوان الشرجبي، الذي كان يسير مساء يوم ربيعي في شارع مزدحم، بعدما اشترى الدواء لوالدته، […]
وكالة الصحافة اليمنية //
نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا لمراسلها “سادرسان راغفان” في مدينة عدن، تناولت فيه حملة الاغتيالات الغامضة التي تستهدف رجال الدين وأئمة المساجد في مدينة عدن، جنوبي اليمن.
ويشير التقرير، الذي ترجمته “عربي21″، إلى مقتل الإمام صفوان الشرجبي، الذي كان يسير مساء يوم ربيعي في شارع مزدحم، بعدما اشترى الدواء لوالدته، وخرج رجل من السيارة، وأطلق أربع طلقات على الرجل النحيل ذي اللحية الصغيرة، بحسب ما قال شهود، وسقط الشرجبي على الأرض والدم ينزف من الجزء السفلي من ظهره.
ويشير “راغفان” إلى أن الشرجبي كان آخر شخص يقتل في ملاحقة على ما يبدو لشيوخ العلم، حيث قتل خلال العامين 27 عالما في عدن والمناطق المحيطة بها.
وتنقل الصحيفة عن محمد عبدالله، وهو صاحب الصيدلية الذي شاهد السيارة وهي تسرع بقوله: “يعرفه معظم السكان في الحي، واستمعوا إلى خطبه.. كان صاحب تأثير ولهذا قتلوه”.
وينوه التقرير إلى أن عمليات القتل ما تزال لغزاً، فعلى الرغم من التكهنات التي تنتشر هنا وهناك، فلم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن تلك الاغتيالات، ولم يتم اعتقال أي من الجناة حتى الآن.
ويكشف الكاتب عن حملة استهداف الأئمة الداعين للوحدة زادت منذ أكتوبر الماضي، حيث تشير الإحصائيات إلى مقتل نحو 15 رجل دين، بينهم 2 في الشهر الماضي، حيث تعرض جميعهم لهجمات بإطلاق نار على سياراتهم، أو بالقرب من مساجدهم، الأمر الذي دفع العشرات من رجال الدين إلى الفرار من عدن وبعض المناطق القريبة منها.
وتقول الصحيفة إن هذه المدينة، التي لا تخضع لسيطرة سلطة مركزية، تعيش حالة من الفوضى، حيث تسعى حكومة هادي في عدن، إلى السيطرة على الأوضاع فيها، في حين تحكم الشارعَ جماعات مسلحة متنافسة، ما أدى إلى وجود فراغ في القيادة، ملأه رجال الدين، وهو ما جعل منهم أهدافا للعديد من الجماعات المسلحة.
ويورد التقرير نقلا عن الناشطة اليمنية في مجال حقوق الإنسان ليلى الشبيبي، قولها: “مع كل عملية قتل يتم إضعاف المجتمع، فرجال الدين قادة فاعلون في مجتمعاتهم، وقاموا بحل العديد من النزاعات وتقديم النصيحة، وكانوا معلمين ومتحدثين باسمها”.
ويجد “راغفان” أن عمليات القتل التي تستهدف رجال الدين في عدن مرتبطة بالصراع على السلطة بين حلفاء الولايات المتحدة هناك، السعودية والإمارات، فعلى الرغم من أن البلدين دخلا غمار الحرب في اليمن ضد “الحوثيين” ضمن تحالف واحد، إلا أن لكليهما رؤى مختلفة لمستقبل اليمن.
وتشير الصحيفة إلى أن العديد ممن تم اغتيالهم من الأئمة ينتمون إلى حزب الإصلاح، الذي ينظر إليه السعوديون على أنه حليف حيوي له، في حين يعده الإماراتيون خطرا وحزبا متطرفا مرتبطا بجماعة الإخوان المسلمين، التي تنظر إليها بعض القوى الإقليمية على أنها جماعة متطرفة.
وبحسب التقرير، فإن بعض من تمت تصفيتهم من رجال الدين كانوا يدعون إلى ضرورة بقاء اليمن موحدا، في حين أن المجموعات المسلحة التابعة للإمارات تفضل فصل الجنوب اليمني عن الشمال.
وينقل الكاتب عن المحلل في الشؤون اليمنية في مجموعة الأزمات الدولية في بروكسل “بيتر سالزبري”، بقوله:” أن الاغتيالات هي “حملة خطط لها ودبرت بعناية”، مضيفا أن من تم اغتيالهم هم “الذين يخالفون التيار السائد في الجنوب وهو دعم الانفصال”.
وبينت الصحيفة أن الاغتيالات في عدن ظلت ولسنوات طويلة مستعمرة إنجليزية، وسيلة للحصول على التأثير السياسي، مشيرة إلى تزايد الاغتيال السياسي بشكل واسع في هذا الميناء الواسع، الذي انهار فيه حكم القانون والنظام القضائي، حيث نفذ تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة عدة عمليات انتحارية ضد مسئولين في المدينة.
ويجد التقرير أن الاغتيالات مستشرية لدرجة أن منظمات حقوق الإنسان خصصت لها مؤتمرات للبحث في كيفية منعها، فيما تنتشر اللوحات الإعلانية والملصقات التي تنعى القتلى في مناطق مختلفة من المدينة.
ويلفت “راغفان” إلى أن ميناء اليمن الحيوي يعيش حالة من الاضطرابات، بعد سيطرة التحالف الذي تقوده السعودية والجماعات اليمنية الموالية له على المدينة، مستدركا بأنه رغم انتقال حكومة هادي إلى عدن، إلا أن سلطتها على الشوارع شكلية، ومن يحكمها هو خليط من المليشيات التابعة لما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي تدعمه بشكل رئيسي الإمارات.
وتذكر الصحيفة أن الانفصاليين يشكون في حكومة هادي، ويزعمون أن حزب الإصلاح يسيطر على حكومة هادي، لافتة إلى أن الانفصاليين حاولوا في يناير السيطرة على القصر الرئاسي الذي تعمل منه حكومة هادي، ما اضطر السعودية والإمارات للتدخل ووقف إطلاق النار.
ويورد التقرير أن مسئولا أمريكيا بارزا لم يستبعد تورط المجلس الجنوبي الانتقالي في حملة الاغتيالات، مشيرا إلى أن “حزب الإصلاح يواجه، على المستوى السياسي والأمني، ضغطا شديدا في عدن وأماكن أخرى”.
وينوه الكاتب إلى أن مدير الأمن في عدن وأحد كبار قادة الانفصاليين “شلال علي شائع” الموالي للإمارات، نفى المزاعم بأن قواته هي التي تقف وراء عمليات القتل، وأنحى باللائمة على المتطرفين الإسلاميين، فيما قال المسئولون الانفصاليون إن حزب الإصلاح هو المسئول عن قتل المعتدلين منه لاستبدالهم بمتطرفين.
وأوضحت الصحيفة إن أقارب رجل الدين “صفوان الشرجبي” يصفونه بالشخص الذي كان محبوبا وليس له أي أعداء ظاهرين، لافتة إلى أن الشرجبي مثل بقية العلماء، أدى دورا مهما في المجتمع اليمني التقليدي، فحل الخلافات بين الجيران، وتوسط في النزاعات المالية، وقدم النصيحة للشباب، ووحد بين العائلات، وأدى دور الخاطب، وانضم لبقية الشيوخ في حملات التعبئة ضد الحوثيين، وجمع المال والطعام للمقاتلين الذين ردوهم عن عدن.
وبحسب التقرير، فإن الشرجبي لم يتردد في نقد الطبقة الحاكمة، سواء في خطبه أو على صفحته في”فيسبوك”، ودعا الشباب للابتعاد عن الانفصاليين والجماعات المتطرفة، مثل تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة، مشيرا إلى أن آخر ما كتبه على صفحته في “فيسبوك” هو نقد السلطات التي سببت الألم للسكان، وقال إن “أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر”.
وينقل الكاتب عن وائل الفارع، وهو أحد شيوخ حزب الإصلاح، قوله: “دعا صفوان دائما للوحدة كبقية العلماء المعتدلين.. لم يكن يؤمن بأن خيرا سيأتي من الانفصال”.
وتورد الصحيفة نقلا عن الصحافي أشرف محمد، قوله إن الاغتيالات نفذت لخدمة بعض الأطراف في الداخل والخارج، و”هددت هذه الأطراف بطرد الإصلاح من المجتمع”.
ويشير التقرير إلى أن هذه الاغتيالات تركت أثرها على الأئمة والعلماء، الذين أغلق بعضهم مساجده، فيما توقف آخرون عن أداء صلاة الفجر، حيث يقدم الظلام غطاء للقتلة، ووزع أئمة أوقات صلاتهم في المسجد بطريقة تكسر الروتين، فيما أصبح استخدام الحرس أمرا شائعا الآن.
ويقول راغفان إنه لم يعد للمساجد أئمة بعد هروبهم، فهرب الإمام هائل سعيد بعد مقتل إمامين في مسجدين قريبين، وقال علي أحمد المحفوظ الخطيب إن السلطات المسئولة عن التحقيقات وقوات الأمن لم تعمل ما فيه الكفاية لحماية الأئمة أو التحقيق فيمن يقف وراء القتل، وأضاف أنه يعرف عن 20 إماما هربوا من عدن.
مشيرا إلى أن ما ورد في التقارير الإعلامية من أرقام تقول إن 120 إماما فروا من المدينة، ورفض تحميل جهة معينة المسؤولية، واكتفى بالقول: “طالما استمرت الحرب فستظل هذه الأمور”.
وتختم “واشنطن بوست” تقريرها بالقول إن كل إمام مسجد في عدن ينادي بالوحدة والتمسك بالوحدة سيكون “هدفا” لعمليات الاغتيال والتصفية.