تحليل/عبدالكريم مطهر مفضل/وكالة الصحافة اليمنية//
شهدت المنطقة العربية تصعيدًا جديدًا مع تصعيد خطاب السيد عبدالملك الحوثي ضد كيان الاحتلال الإسرائيلي وواشنطن، وكذا استمرار الغارات الجوية الأمريكية على اليمن، والتي استهدفت مساء الجمعة، العاصمة صنعاء ومحافظتي صعدة والجوف بـ 26 غارة.
جاء ذلك في سياق توتر إقليمي متزايد وملتهب، مما يطرح تساؤلات حول أبعاد هذا التصعيد ومدى انعكاسه على التطورات في اليمن والمنطقة.
المجرم الأكبر في العالم
وفي خطابه بمناسبة يوم القدس العالمي، وصف السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، الولايات المتحدة بأنها “أكبر مجرم في العالم”، متهمًا إياها بارتكاب جرائم فظيعة على مستوى العالم، مشيرًا إلى دورها في دعم الاحتلال الإسرائيلي والاعتداءات على الشعوب العربية والإسلامية.
تصريحات السيد عبدالملك، لم تكن الأولى من نوعها، لكنها جاءت في وقت تتزايد فيه التوترات في المنطقة بين قوات صنعاء من جهة وبين كيان الاحتلال ومن خلفها الدول الغربية بقيادة واشنطن، خاصة مع تصاعد العدوان الصهيوني على قطاع غزة.
في هذا الإطار، تعكس مواقف السيد عبدالملك الحوثي موقفًا أوسع تتبناه قوى المقاومة في محور القدس، التي ترى أن الولايات المتحدة ليست مجرد داعم لكيان الاحتلال، بل شريك أساسي في العدوان المستمر على الشعوب العربية والإسلامية.
قراءة في الخطاب
في كلمته، أكد الحوثي أن العداء “الإسرائيلي” الأمريكي ليس مجرد خلاف سياسي أو اقتصادي، بل هو عداء شامل يستهدف الشعوب بشكل مباشر.
هذا الطرح ينسجم مع الخطاب السياسي لحركة أنصار الله وحكومة صنعاء، والذي يربط بين العدوان الأمريكي على اليمن والدعم غير المحدود الذي تقدمه واشنطن لكيان الاحتلال، مما يعزز فكرة أن واشنطن تستخدم قوتها العسكرية والاقتصادية لخدمة أجندتها الاستعمارية في الشرق الأوسط.
كما أشار السيد عبدالملك الحوثي إلى أن العمليات العسكرية ضد كيان الاحتلال لا تزال مستمرة، معرّجًا على توقف الملاحة “الإسرائيلية” في البحر الأحمر، وهو تطور استراتيجي يعكس فاعلية التحركات العسكرية لمحور المقاومة.
رسائل التصعيد
ويمكننا القول، إن التصريحات النارية للسيد عبدالملك تحمل في طياتها رسالة سياسية واضحة بأن اليمن بات لاعبًا مهمًا في المعادلة الإقليمية، وأن استهداف المصالح “الإسرائيلية” ليس مجرد تهديد بل واقع ميداني ملموس.
ولعل أبرز الرسائل المهمة التي حملتها تصريحات الحوثي تتمثل كما يلي:
-
تثبيت الموقف المناهض لأمريكا وكيان الاحتلال الإسرائيلي: جيث يسعى السيد عبدالملك الحوثي لتأكيد أن المواجهة مع الولايات المتحدة ليست خيارًا، بل “حتمية مفروضة” على الشعوب التي تتعرض للعدوان والاستهداف.
-
التأكيد على استمرارية العمليات العسكرية: حديثه عن استمرار الهجمات ضد كيان الاحتلال، وتوقف الملاحة “الإسرائيلية” في البحر الأحمر، يهدف إلى التأكيد على أن تأثير الضربات من اليمن فاعل، رغم محاولات واشنطن تقليل أهميتها.
-
إحراج واشنطن: اتهام الولايات المتحدة باستهداف المدنيين في اليمن وتجريم التعاطف مع ما يتعرض له سكان غزة من جرائم وحشية يهدف إلى كشف ازدواجية المعايير الأمريكية، خصوصًا في ظل مزاعمها حول حماية حقوق الإنسان.
استراتيجية العدوان الأمريكي
منذ بدء التدخل العسكري في اليمن، لم تتوقف الهجمات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة وحلفاؤها ضد الأعيان المدنية، لكن تصاعدها مؤخرًا يعكس تحوّلًا في تكتيكات واشنطن نحو ارتكاب جرائم وحشية بشكل أوسع على غرار الجرائم المرتكبة في غزة.
ويرى المراقبون في استهداف الأعيان المدنية مساء اليوم في العاصمة صنعاء وصعدة والجوف يأتي في إطار دعم التحالف الذي تقوده السعودية، ما يكشف عن استمرار السياسة الأمريكية في استعادة ما نفذه وكلائها بالمنطقة في 16 مارس 2015، عبر استخدام القوة المفرطة ضد المدنيين العزل في اليمن لحماية مصالحها في المنطقة.
وهو ما تطرق إليه السيد عبدالملك الحوثي في خطابه بأن “العدوان الأمريكي لا يقتصر على استهداف القدرات العسكرية، بل يطال المدنيين مباشرة”، وهو ما يعكس استمرار المعاناة الإنسانية في اليمن نتيجة للحرب المستمرة منذ 10 سنوات.
ويؤكد المراقبين، أن الاستراتيجية الأمريكية الجديدة تضعف أي محاولات للحل السياسي وتزيد من تعقيد المشهد اليمني.
تداعيات محتملة
-
على المستوى اليمني: قد تعكس هذه التصريحات توجّهًا نحو تصعيد جديد في العمليات العسكرية، سواء ضد التحالف الذي تقوده السعودية أو ضد كيان الاحتلال والبوارج الأمريكية في البحر الأحمر.
-
إقليميًا: قد تؤدي هذه المواقف إلى زيادة الدعم الشعبي والإعلامي لحركات المقاومة في المنطقة، مما يزيد الضغط على حكومة وقوات كيان الاحتلال وحلفائها.
-
دوليًا: من المحتمل أن تواجه واشنطن صعوبات أكبر في تبرير دعمها للحملات العسكرية ضد اليمن، خاصة إذا استمرت الهجمات ضد السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر.
-
استمرار الصراع الإقليمي: واشنطن مستمرة في دعم التحالفات العسكرية بالمنطقة، مما يُبقي اليمن ساحة مواجهة مفتوحة.
-
تزايد الاستقطاب الدولي: في ظل الانتقادات المتزايدة للدور الأمريكي، قد نشهد مزيدًا من المواقف الإقليمية والدولية المناهضة للسياسات الأمريكية.
-
تأثير التصعيد على الملاحة العالمية: مع استمرار العمليات ضد كيان الاحتلال وكذا العمليات التي تقودها واشنطن ضد اليمن من البحر الأحمر والعربي قد تعطل الملاحة، وبدوره تتأثر طرق التجارة الدولية، مما يزيد من الضغوط الاقتصادية على القوى الغربية.