تحليل/د.ميخائيل عوض/وكالة الصحافة اليمنية//
السيناريو 2:
الانتفاضات والهَّبات الشعبية لدوافع اجتماعية واقتصادية
توترات وأعمال عسكرية وأمنية فردية أو كردة فعل
تسارع انحسار سلطة هيئة التحرير عن المدن والساحات.
ما لَم يجري ترحيل “هيئة تحرير الشام” على يد الجهات التي أّمنَّتَها وانتدبتها، وبذات طريقة ترحيل الأسد، وإذا لم تتسارع أحداث تركيا ومتغيرات الإقليم فتَفرض الرحيل …؟
وعلى افتراض عدم انفجار صراعاتٍ مسلحة دامية بين فصائل وتيارات “تحرير الشام” تدفعها للرحيل أو تستعجل ترحيلها.
ستدخل سورية الواقعة تحت الاحتلالات الإسرائيلي والأمريكي والحصة الأكبر للاحتلال التركي، بدءاً من قصر الشعب وامتداداً لجغرافية واسعة من الأرض السورية، مرحلةً من الاضطرابات والتوترات التي تُعبر عن حيويتها التقليدية واستعادة شعبها لفاعليته، بعد زمن “الإقعاد القسري” و”الانكفاء” بفعل التطورات المتسارعة، و”الإرهاق” بسبب طول مدة الحرب وتكاليفها، وضغط الأزمات المعيشية، وافتقاد أبسط حاجات الحياة والعجز عن تأمينها.
في واقع الحال ومعطياته المعاشة، وبحسب طبائع سورية ومسارات تاريخها وتحولاتها ما قبل البعث والأسد، وفي تماثل إلى حدود التطابق مع دروس التجارب التاريخية التي عاشت فيها سوريا الحالة نفسها أو ما يقاربها، تَرتَسم معالم سيناريو “الاضطرابات الاجتماعية والاقتصادية والتوترات الأمنية” على النحو الآتي:
من المرجح أنَّ كُل مِن الضباط والجنود والمتعاقدين والمتعيشين على الجيش والمؤسسات الأمنية والخدمية ذات الطابع العسكري، والذين حُرموا من رواتبهم وتعويضاتهم سيكونون عناصر وبيئات حيوية تقود أو وقود لتحركات شعبية، للمطالبة بالإنصاف وفرص العمل وتأمين أبسط الحقوق. وقد تقع التحركات و”الهبَّات” وتتسع لينخرط بها موظفي الدولة والأجهزة المدنيَّة التي حُلَّت وتُرِكوا بلا دخل أو فرص أو أعمال لتوفير حاجاتهم في كل منطقة وبيئة. ومن غير المستبعد أن تتقاطع وتتفاعل قِطاعياً في عموم سورية، وتمتدُّ إلى المزارعين والصناعيين والتجار والأسواق. وأن تتعاون مع “الهبَّات” قطاعات وعائلات تقليدية والنقابات المهنية والهيئات الاجتماعية، التي تضررت من السلطة وإجراءاتها ومن مُزاحمة رجالها والمقربين منها.
ستكون السلطة عاجزة أو رافضة للاستجابة للمطالب، وستلوذ بالتخويف والقمع الشديد، وقد ترتكب مجازر وتواجه بالرصاص، وذلك بسبب طبيعة نشأتها وضيق أُفقها ومعاداتها لمصالح الناس المُحِقة، خاصةً بعد أن أصبحت قابضة على السلطات ومدراءها ومفاتيحها بيدها، وإنفاذاً لخطط “التوحش” و”إدارته للتتريك”.
الأمر الذي يُعمِق الوحدة بين البيئات المُنتَّفِضة والقطَّاعات و”الجَهويات” والكُتل الاجتماعية التي ترى نفسها مُبعدَة ومُستهدَّفة ويتم تجاهلها، فتتفاعل مع بعضها لتشكل قوة اعتراض ومعارضة للسلطة، وتكسب فئات ومناطق وقطاعات جديدة أوسع، بِما في ذلك انخراط هيئات وجمعيات دينية وأهليَّة في المدن والبيئات السُّنية.
مما يحفز على إعادة تمتين وصياغة الوحدة الوطنية والاجتماعية، ويزيد في تعميق الرَّوابط النضالية والتشاركية، واتساع وتكاثف بيئات احتضان المعارضة ومساندتها، والرفض لسلطة “هيئة تحرير الشام”.
خاصةً في سعيها لاحتكار الدولة والسلطات والدور الاقتصادي لفصيلها على حساب الجميع. لتتوفر بذلك كل العوامل المُحفِزَّة على تَشكُل منصات على طرف نقيض من السلطة تُغذي وتحمي “التَّمردات” و”المتمردين” وتتحول تِباعاً إلى العنف الفردي أو ردود الفعل العنيفة الجماعية.
فعنف السلطة يستدرِّج رد فعل عنيف من الناس وطلائعها. خاصةً وأنَّ السلاح منتشر بين أيدي الجميع والحرب والتجنيد الإجباري والتدريب العسكري في المدارس والجامعات يقدِّم الخبرة في التنظيم وإدارة “الهبَّات” والأعمال العسكرية وتنظيمها وتأمين حاجاتها بحدها الأدنى.
إضافةً لتأثير المعطيات والتَّحولات الجارية في الإقليم والعالم، خاصة ًمع عودة التشكيك في طبيعة وحقيقة “هيئة تحرير الشام” والفصائل بعد مجازر الساحل، وتراجع الاهتمام والاحتفالية بالنظام الجديد، وعودة فرض الشروط والقيود والحصار، وتقنين التعاملات الدبلوماسية والاقتصادية معها.
إضافةً الى انكفاء وتَمنُّع السعودية ودول النفط عن مد يد العون والمساعدات المالية والاقتصادية وحَجبِها بسبب انكشاف الدور التركي وتبعية “تحرير الشام” لتركيا وسعيها “لتتريك” سورية.
ومع استمرار الحصار وإحجام المغتربين عن الاستثمار وإحجام اللاجئين عن العودة، واستحالة وجود مستثمرين عرب وأجانب راغبين في الاستثمار، والعجز الكلي لتركيا عن تقديم الإسناد والعون المجاني، ومع اختلال الميزان لصالح منافسة المنتجات التركية على حساب مصالح القطاعات السورية.
الأمر الذي ينعكس بتزايد ظاهرات إفلاسها المالي والاقتصادي وتَمنُّعِها عن تأمين الوقود والكهرباء والخدمات العامة، في واقعٍ لا فرص أو إمكانات لديها للإحاطة بالأزمة ومعالجتها. فكل ذلك يُسهم بتعرية السلطة وإشهار عجزها وافتقادها للقدرة على الحكم. فتزداد حالة الانفلات الأمني، وعمليات السرقة والسطو، والخطف والاعتداء على الآمنين، وتهديد أملاكهم، ورفع الضرائب وتكاليف الحياة.
مما سيُعمق الهُوة بينها وبين الأغلبية الساحقة وبين فصائلها وكُتلها ذاتها. وتلك شروط الانهيار والانفجار الاجتماعي الاقتصادي التي توفر الفرص وتُحفز على الانتفاض وتعميم “الهبَّات” وتوحيدها وصولاً إما لرحيل “هيئة تحرير الشام” أو ترحيلها، وانفجار سلطتها العاجزة والمأزومة والفاقدة للشرعيات والمجردة من قوى وعناصر الحماية والإسناد سواءً في الداخل أو في الإقليم والعالم. فليس من قوةٍ أو جهةٍ غيرُ تركيا تريدها وتستثمر فيها مما يشكل عبئاً إضافياً عليها. بينما الدول والقوى المتضررة كثيرة وأقوى وتستطيع تغذية التوترات وإسناد “الهبَّات” و”الانتفاضات” بما في ذلك تأمين مستلزمات وحاجات التمردات ذات الطابع العسكري المُرتقبة.
الحالة والبيئة وافرة وتُعزز وتُسرّع من فرص التوترات وصولاً لاشتباكات بين الفصائل المسلحة ومع مسلحي المحافظات والمدن والبلدات والعشائر، خاصةً في درعا والسويداء والقنيطرة. وغالباً ستُنظِم حمص وحماة وحلب والبادية نفسها قريباً. بينما الاشتباكات قائمة وتزداد وتائِرها مع “قسد” و”العشائر” في الشمال والشرق.
حالة الفوضى والعجز وتزاحم الأزمات و”الهبَّات” وتنوعها هو سيناريو تتوفر كل حوامله وأسبابه وظروفه وقد تبدأ أيامه وطلائعه في أي لحظة وزمن. وبإزاء قضايا وموضوعات وأحداث متوقعة أو عابرة وصُدَفية تحفز على تصاعد التوترات لتتراكم نتائجها وتستعجل انحسار سلطة ونفوذ “تحرير الشام” في الأرياف والأحياء والمدن وتستنزفها وليس لديها الاحتياط والقدرة على التجنيد أو التعويض.
واقع الاحتلالات وتصرفات المحتلين واستفزاز أدواتهم للأهالي سينعكس أيضاً باتساع وتنوع وانتشار ردود الأفعال وعمليات التصدي والمقاومة. مما سيشكل المزيد من الضغوط على السلطة وهي مأزومة وعاجزة وقاصرة.
كيفما وبأي منهجية وأي طريقه تُقرأ عبرها الحالة القائمة في سورية تفيد بذات النتائج والسيناريوهات، وملخصها: يستحيل على تحرير الشام الإمساك بالسلطة طويلاً ويستحيل عليها تلبية الحاجات وتأمين الشعب السوري وتحقيق الاستقرار والأمن وإعادة البناء والنهوض وحماية السيادة والكرامة الوطنية.
ناهيك عن طرد الاحتلالات والتحرر من التركي وسطوته، الجاري في سورية شبيه بما جرى في مثيلاتها من الدول والشعوب التي تعرضت لحروب تدميرٍ طويلة ولتدخلاتٍ خارجية. وما يزيد من نضج الظروف السورية للانتفاضة والثورة هو الظروف والتحولات التي تعصف بالبيئة الإقليمية والعالمية، وحاجة القوى الكبرى والصاعدة للتخلص من “تحرير الشام” و “الأردوغانية” و”الإخوان المسلمين”
كلُّ الظروف والشروط والأسباب والعناصر وافرة ويزداد توفرها لترحيل “هيئة تحرير الشام” وإسقاطها وعزل “الاردوغانية” وتقليم أظافرها في الإقليم وخاصة في سورية والشام.
غدا؛ السيناريو ٣
الثورة الشاملة وتفاعل “الهبَّات” و”الانتفاضات الشعبية “مع “المسلحة” فولادة جديدة لسورية لتعود وتقود.
عناوين للاطلاع والمراجعة:
1. متابعة مقالات الدكتور ميخائيل عوض على موقعه على منصة (substack) على الرابط https://substack.com/@mikhaelawad?utm_source=notes-invite-friends-item&r=5fnw4e
2. الجزء السادس من الدراسة على صفحة الدكتور ميخائيل عوض على (facebook ) على الرابط https://www.facebook.com/share/19NFLPCsCL/ بعنوان سيناريوهات واحتمالات ترحيل الجولاني بتاريخ 30 مارس 2025
3. الجزء الخامس من الدراسة على موقع (مجلة كواليس نت الالكتروني) بعنوان كما رحل السابق يرحل الحالي مسرعاً بتاريخ 29 مارس 2025
4. الجزء الرابع من الدراسة على صفحة الدكتور ميخائيل عوض على (facebook ) على الرابط https://www.facebook.com/share/19NFLPCsCL/ بعنوان سيفشل التتريك عبر محاولة إدارة التوحش بتاريخ 28 مارس 2025
5. الجزء الثالث من الدراسة على موقع (Sada 4 Press الالكتروني) بعنوان (مَن يسبق؛’’ التتريك’’ عبر إدارة التوحش أم رحيل’’ الجولاني’’ وعودة قصر الشعب لأهله؟ بتاريخ 27 مارس 2025
6.
7. الجزء الثاني من الدراسة على موقع (ساحة التحرير الالكتروني) بعنوان (سورية أَزِف زمن الولادة والنهوض 2) بتاريخ 27مارس 2025
8. الجزء الأول من الدراسة على صفحة الدكتور ميخائيل عوض (Maik Awad Awad facebook ) بعنوان: سورية، أزف زمن الولادة والنهوض (1) بتاريخ 25 مارس 2025
9. لقاء مع الدكتور ميخائيل عوض على منصة (Bel Moubashar youtube ) بعنوان ( فرصة أحمد الشرع انتهت و 3 سيناريوهات مطروحة) بتاريخ مارس 2025
10. مقالة للدكتور ميخائيل عوض على موقع (إضاءات إخبارية الالكتروني) بعنوان (سورية عامود السماء يستدعيها الزمن لمهمة الريادة.) بتاريخ 1 ديسمبر 2024
11. مقال للدكتور ميخائيل عوض على موقع (إضاءات إخبارية الالكتروني) بعنوان: باي باي جولاني، باي باي للتقسيم والفوضى, سوريا في زمن العصف تتمخض لتلد جديدً بتاريخ 15 مارس 2025