تحليل/عبدالكريم مطهر مفضل/وكالة الصحافة اليمنية//
في يوم الطفل الفلسطيني، الذي يحتفل به في 5 أبريل من كل عام، تتجدد المأساة التي يعيشها الأطفال الفلسطينيون تحت وطأة كيان الاحتلال الإسرائيلي، حيث تتحول براءة الطفولة إلى معاناة يومية عنوانها القتل، العنف، الاعتقال، والحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية.
هذه المناسبة التي يفترض أن تسلط الضوء على حقوق الطفولة إلى مرآة تعكس حجم المأساة التي يعيشها الأطفال الفلسطينيون، في ظل عدوان إسرائيلي مستمر منذ السابع من أكتوبر 2023، ووسط صمت دولي مطبق جعل من الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الطفل مجرد “حبر على ورق”، بحسب تعبير الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال.
واقع مرير خلف الأسوار
لا يزال كيان الاحتلال الإسرائيلي الدولة الوحيدة في العالم التي تحاكم الأطفال الفلسطينيين أمام محاكم عسكرية، في خرق واضح للقانون الدولي الإنساني واتفاقية حقوق الطفل التي تنصّ على ضرورة حماية الأطفال من التعذيب وسوء المعاملة والاعتقال التعسفي.
ووفقًا لتقارير منظمات حقوقية فلسطينية ودولية، يُعتقل سنويًا المئات من الأطفال الفلسطينيين، بعضهم دون سن 12، ويتعرض كثير منهم للتعذيب الجسدي والنفسي، والحرمان من زيارة الأهل أو الحصول على التعليم أثناء فترات احتجازهم.
البيانات الصادر عن مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، كشفت عن أرقام صادمة منذ بداية العدوان الصهيوني في 7 أكتوبر 2023، تؤكد تصاعد الانتهاكات الصهيونية بحق الأطفال، أبرزها اعتقال 1200 طفل في الضفة الغربية فيما لم تتمكن من معرفة أعداد الأطفال المعتقلين من قطاع غزة، ووجود انتهاكات ممنهجة داخل السجون والمعتقلات “الإسرائيلية” بحق الأطفال المعتقلين.
الطفولة المنسية
لم تقتصر الانتهاكات على الاعتقالات، بل تعاظمت مع الهجمات العسكرية المتكررة على قطاع غزة، حيث فقد آلاف الأطفال حياتهم أو أُصيبوا بجروح دائمة، وصدمات نفسية.
أطفال غزة لا يعرفون طعم الأمان، إذ يعيشون في ظل حصار خانق وظروف معيشية متدهورة، محرومين من الرعاية الصحية والتعليم وكافة الخدمات الأساسية.
تقارير اليونيسف تشير إلى أن أكثر من نصف أطفال غزة يعانون من اضطرابات نفسية بسبب الحرب.
قنابل تُسقط على الطفولة
في هذا اليوم، الذي يُحتفل به تضامنًا مع الأطفال الفلسطينيين، تظهر الأرقام المؤلمة الحجم الكبير للمعاناة التي يعانيها الأطفال في غزة، والذين يعيشون في ظروف كارثية جراء الحرب المستمرة.
وأكد بيان صادر عن جهاز الإحصاء الفلسطيني عشية “يوم الطفل الفلسطيني” أن قوات الاحتلال قتلت نحو 17,954 طفلاً منذ بداية العدوان.
وفي الجانب الأخر، أكثر من 200 طفل فلسطيني تم قتلهم خلال العام الماضي فقط في عدوان مستمر لقوات الاحتلال في الضفة الغربية، فيما يعاني الآلاف منهم الإصابات.
كما تُظهر تقارير أخرى تصاعد عمليات إطلاق النار تجاه الأطفال في الضفة الغربية وقطاع غزة، سواء في أثناء المواجهات أو حتى خلال الأنشطة اليومية.
وتشير الإحصائيات إلى أن عددًا كبيرًا من الأطفال قضوا أو أُصيبوا في السنوات الأخيرة أثناء ذهابهم إلى مدارسهم، أو أثناء لعبهم في الشوارع.
هذه الأرقام، وإن كانت تعبر عن حجم الخسائر، إلا أنها لا تختزل المأساة الكاملة، إذ تُسحق حقوق الطفولة من جذورها في مناطق مثل غزة.
صمت المجتمع الدولي
رغم فداحة الأرقام وتواتر الشهادات، ما زال الصمت الدولي يُخيّم على هذه الانتهاكات، حيث يتعامل العالم بازدواجية واضحة مع قضايا حقوق الإنسان، ويُغضّ الطرف عن معاناة الأطفال الفلسطينيين.
رغم الإدانات الدولية الخجولة، لم تتخذ القوى الكبرى خطوات فعلية لوقف نزيف الدم المستمر.
في المقابل، تبقى المبادرات الإنسانية والدعوات الحقوقية عاجزة عن إحداث تغيير ملموس في ظل غياب الإرادة السياسية الدولية لمحاسبة الاحتلال، ويبقى السؤال الأهم: متى سيحاسب العالم الاحتلال على مجازره؟
قوانين بلا أثر فعلي
صمت المجتمع الدولي وعدم مساءلة الاحتلال عن جرائمه، يطرحان تساؤلات حول مصداقية الشعارات التي تتحدث عن حقوق الإنسان والعدالة.
اللافت ليس فقط في بيانات الإدانات والتقارير التي توثيق الانتهاكات، بل التركيز على الإطار القانوني الدولي الذي من المفترض أن يكون الحامي الأول للأطفال في النزاعات.
اتفاقية حقوق الطفل، التي تُعد من أكثر الاتفاقيات الدولية توقيعًا والتزامًا، باتت وفق الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، مجرد وثيقة بلا أثر فعلي ” خبر على ورق”، في ظل غياب آليات محاسبة فعالة، واستمرار ازدواجية المعايير في التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي.
هنا يبرز تساؤل جوهري: ما جدوى القوانين الدولية إذا كانت عاجزة عن حماية الفئات الأضعف في أكثر مناطق العالم اشتعالاً؟ وكيف تحول الصمت الدولي من تقاعس إلى شراكة في الجريمة؟
بين الواقع والأمل