تحليل/عبدالكريم مطهر مفضل/وكالة الصحافة اليمنية//
في مشهد يُلخص فداحة الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، استُهدف مدنيون وأطفال بقصف مدفعي صهيوني بينما كانوا يقفون أمام فرن بحثًا عن رغيف خبز، في “شارع النخيل” بحي التفاح شرق مدينة غزة.
المجزرة التي أودت بحياة 11 مواطنًا، بينهم 9 أطفال، لم تكن حدثًا معزولًا، بل حلقة جديدة في سلسلة متواصلة من الانتهاكات التي تطال المدنيين في القطاع المحاصر.
الأطفال… الرقم الأكثر تكرارًا في قوائم الشهداء
الأرقام التي وردت من وزارة الصحة الفلسطينية، والدفاع المدني تكشف عن نمط بات واضحًا في هذا العدوان: الأطفال هم الضحايا الأكثر تكرارًا.
ثلاثة من الشهداء الستة الذين انتشلتهم طواقم الدفاع المدني من موقع الاستهداف كانوا أطفالًا، ما يطرح تساؤلات جدية حول مدى التزام كيان الاحتلال بقواعد الاشتباك والقانون الدولي الإنساني، الذي يُحظر فيه استهداف المدنيين والأعيان المدنية، وعلى رأسها المخابز والمرافق الخدمية.
تحول خطير في الجرائم
اللافت في هذه المجزرة ليس فقط حجم الضحايا، بل طبيعة الهدف: تجمع مدنيين للحصول على الخبز، في وقت يشهد فيه القطاع انهيارًا شبه كاملًا في سلاسل الإمداد الغذائي.
يشير ذلك إلى تحول خطير في طبيعة الاستهدافات، حيث لم تعد تقتصر على المواقع المشتبه بها عسكريًا، بل باتت تشمل أماكن يعتبر الوصول إليها ضرورة بقاء بالنسبة للمدنيين.
21 يومًا من المجازر اليومية
مجزرة شارع النخيل تأتي في اليوم الـ21 من جولة جديدة من العدوان المستمر على قطاع غزة، والتي استؤنف في 18 مارس، وراح ضحيته منذ ذلك الحين 1350 شهيدًا منهم 40 طفلاً، وفق الإحصاءات الرسمية لمكتب الإعلام الحكومي في غزة.
أما منذ بدء العدوان في أكتوبر 2023، فقد تجاوز عدد الشهداء 50 ألفًا، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ الصراع الفلسطيني-الصهيوني.
هذه الأرقام لا تعكس فقط حجم الكارثة، بل تشير أيضًا إلى إصرار واضح من قبل قوات الاحتلال على مواصلة سياسة “الصدمة والرعب” كوسيلة لفرض وقائع ميدانية، حتى وإن كان الثمن أرواح آلاف المدنيين.
الحرب على الخبز
قصف فرن مكتظ بالمدنيين له بُعد يتجاوز المشهد الإنساني المروع، إنه رسالة ضمنية مفادها أن “لا مكان آمن في غزة”، وأنه حتى أبسط ضرورات الحياة – كالخبز – يمكن أن تتحول إلى هدف مشروع.
وهي استراتيجية تُذكّر بسياسات “تجويع العدو” و”كسر الإرادة” التي استخدمت تاريخيًا في حروب الإبادة.
المجتمع الدولي… بين الشجب والعجز