تحليل/وكالة الصحافة اليمنية//
في مشهد يتجاوز حدود الكارثة، يواجه النظام الصحي في قطاع غزة واحدة من أسوأ مراحله على الإطلاق، وسط استمرار العدوان الإسرائيلي والحصار الخانق.
ومع حلول يوم الصحة العالمي، الذي يُفترض أن يكون مناسبة لتعزيز الوعي بأهمية الرعاية الصحية، يخرج قطاع غزة من دائرة الاحتفاء إلى مربع الإنذار، حيث يتحول شعار “الصحة للجميع” إلى واقع صحي مفقود تمامًا.
نظام صحي يحتضر
البيان الصادر عن وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، اليوم الإثنين، يرسم صورة قاتمة لمنظومة صحية تنهار تحت وطأة الأرقام المهولة.
فنسبة العجز في الأدوية الأساسية تصل إلى 37%، والمستهلكات الطبية إلى 59%، في وقت تتوقف فيه أقسام حرجة في المستشفيات عن العمل بسبب نقص الوقود ودمار الأجهزة الحيوية.
هذه الأرقام لا تعكس مجرد أزمة دوائية، بل تمثل تهديدًا مباشرًا لحياة آلاف الجرحى والمرضى الذين لم يعودوا يحصلون على الحد الأدنى من الرعاية الصحية، خصوصًا المصابين بأمراض مزمنة كالسرطان وأمراض الدم، الذين يُتركون لمصير مجهول في ظل غياب الأدوية والبروتوكولات العلاجية الأساسية.
انهيار شامل
لم يتوقف الاستهداف عند حدود تدمير الأجهزة والمرافق، بل شمل أيضًا الكوادر الطبية.
فاستشهاد 1300 من العاملين في الطواقم الإسعافية والإنسانية يشير إلى استهداف مباشر للعنصر البشري المسؤول عن إنقاذ الأرواح، وهو ما يُعتبر خرقًا صريحًا للقانون الدولي الإنساني.
كما أن حرمان أكثر من 13 ألف مريض من الوصول للعلاج خارج القطاع بسبب إغلاق معبر رفح يكشف عن بعدٍ آخر من المأساة: حصار مزدوج يمنع العلاج في الداخل ويغلق الباب على أي بدائل خارجية.
الأطفال في دائرة الخطر
من بين أخطر ما ورد في بيان الوزارة هو نقص اللقاحات الأساسية للأطفال، ومنها لقاح شلل الأطفال، ما يفتح الباب أمام كوارث صحية مستقبلية قد لا تظهر نتائجها الآن، لكنها ستنعكس لاحقًا على الصحة العامة، ويهدد بنسف سنوات من جهود مكافحة الأوبئة.
مفارقة مؤلمة
أن يتزامن هذا الوضع مع يوم الصحة العالمي هو مفارقة لافتة ومؤلمة.. ففي الوقت الذي ترفع فيه المنظمات الدولية شعارات العدالة الصحية والحق في العلاج، يعاني أكثر من مليوني إنسان في غزة من حرمان شامل من هذا الحق، وسط صمت دولي مطبق، وتواطؤ فعلي عبر منع دخول المساعدات أو الاكتفاء بالإدانات اللفظية.
هل من تحرك دولي؟