المصدر الأول لاخبار اليمن

بيان الهيئات الأممية حول غزة… صرخة إنسانية في وجه صمت العالم

بيان الهيئات الأممية حول غزة… صرخة إنسانية في وجه صمت العالم

تحليل/عبدالكريم مطهر مفضل/وكالة الصحافة اليمنية//

 

البيان المشترك الذي أصدرته الهيئات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة بشأن الأوضاع في غزة، أمس الإثنين، لا يحمل فقط مضمونًا إنسانيًا، بل يعكس أيضًا حجم الإحباط المتراكم لدى المؤسسات الدولية من عجز المجتمع الدولي أمام الكارثة المتفاقمة في القطاع.

فبين سطور البيان، تتردد صرخة واضحة: العالم يتفرج، بينما غزة تحتضر.

تحول في نبرة الخطاب الأممي

تشير لغة البيان، التي بدت غير معتادة في صراحتها، إلى أن ما يجري في غزة تجاوز حتى معايير الكوارث الإنسانية التقليدية.

استخدام تعبيرات مثل “استهتار تام بالحياة البشرية” و”حصار شامل خانق” يكشف عن تحول في نبرة الخطاب الأممي، من التحذير الدبلوماسي إلى الإدانة المباشرة.

وفي ظل انهيار الهدنة الأخيرة، لا تكتفي المنظمات الإنسانية برصد الأوضاع، بل توجه اتهامًا ضمنيًا إلى المجتمع الدولي بعدم الوفاء بمسؤولياته، عبر دعوة مباشرة لـ”التحرك العاجل والحازم”.

هذه اللغة تعكس قناعة متزايدة بأن بيانات التنديد لم تعد كافية.

فشل إنساني مزدوج

يظهر البيان أن الوضع تجاوز حدود الأزمة الإنسانية إلى ما يمكن وصفه بـ”الفشل الإنساني المزدوج”: فمن جهة، يعيش أكثر من مليوني إنسان في غزة تحت القصف المستمر وانعدام الموارد، ومن جهة أخرى، قُتل أكثر من 400 عامل إغاثة منذ أكتوبر 2023 – رقم صادم يوضح أن حتى الجهود الإنسانية أصبحت في مرمى النيران.

هذا الرقم، إلى جانب التحذير من الانهيار الكامل للمنظومة الصحية، يعطي مؤشراً خطيراً بأن القطاع يواجه خطر الانزلاق إلى مجاعة وأوبئة شاملة، ما لم يُسمح بإدخال المساعدات فوراً.

تحذير مبطن من التهجير القسري

واحدة من الرسائل الأبرز في البيان، وإن جاءت بصيغة قانونية، هي الرفض القاطع لما وصفته المنظمات بـ”محاولات التهجير القسري أو الضم”.

هذا يشير إلى مخاوف أممية من أن تصعيد العدوان الصهيوني على قطاع غزة المنكوب، قد يكون غطاءً لتغيير ديموغرافي، وهو أمر إذا ثبت، سيحمل تداعيات قانونية دولية تتعلق بجريمة التهجير الجماعي.

نداء يتجاوز غزة

البيان ليس فقط رسالة إنسانية، بل تحذير سياسي وأخلاقي.. إنه دعوة للمجتمع الدولي كي يواجه نفسه: هل القوانين الدولية لا تزال قائمة إذا تم خرقها دون تبعات؟ هل حياة الفلسطينيين أصبحت أقل قيمة من أن تحظى بالحماية؟

في جوهره، يعكس البيان محاولة أخيرة لإعادة الاعتبار للمبدأ الإنساني وسط ساحة تتآكل فيها القيم، وتزداد فيها الحسابات السياسية على حساب البشر.

ولعل الرسالة الأوضح في ختام البيان، هي أن استمرار تجاهل هذا النداء لن يكون ثمنه على بيان الهيئات الأممية حول غزة… صرخة إنسانية في وجه صمت العالم وحدها، بل على مصداقية نظام المجتمع الدولي بأسره.

قد يعجبك ايضا