المصدر الأول لاخبار اليمن

تقرير يكشف شهادات مروعة عن تعذيب الأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال

متابعات/ وكالة الصحافة اليمنية//

نقلت مصادر إعلامية، شهادات 5 معتقلين فلسطينيين أُفرج عنهم وعادوا إلى غزة، عن سوء المعاملة والتعذيب على أيدي الجيش الإسرائيلي وموظفي السجون.

وقد تحدث الأسرى المفرج عنهم عن أنواع التعذيب والأساليب المختلفة للتعذيب طيلة فترة اعتقالهم ، حسب ما ذكرته “قناة الـ بي بي سي”.

ويقول الرجال إنهم متهمون بالارتباط بحماس، وتم استجوابهم بشأن موقع الرهائن والأنفاق، لكن لم يثبت تورطهم في هجوم السابع من أكتوبر 2023، وهو الشرط الذي وضعته “إسرائيل” لأي شخص يتم إطلاق سراحه بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الأخير.

وكان الفلسطينيون الخمسة الذين أجريت معهم مقابلات متعمقة قد عادوا في وقت سابق من هذا العام بموجب اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس.

ووصف جميع السجناء الفلسطينيين الخمسة المفرج عنهم ظروف اعتقالهم في غزة، ونقلهم إلى “إسرائيل”، حيث تم احتجازهم أولاً في ثكنات عسكرية قبل نقلهم إلى السجن، وأخيراً إطلاق سراحهم وإعادتهم إلى غزة بعد أشهر.

تعرضنا للإساءة في كل مرحلة من مراحل اعتقالهم

كما روى أكثر من اثني عشر سجيناً آخرين أُفرج عنهم، وتحدثت إليهم “بي بي سي” بإيجاز لدى وصولهم إلى منازلهم في غزة، روايات عن الضرب والجوع والمرض.

وتتوافق هذه الشهادات، بدورها، مع شهادات قدمها آخرون لمنظمة “بتسيلم” الإسرائيلية لحقوق الإنسان والأمم المتحدة، التي أوردت في يوليو تقارير مفصلة من السجناء العائدين تفيد بأنهم جُردوا من ملابسهم، وحُرموا من الطعام والنوم والماء، وتعرضوا للصدمات الكهربائية والحرق بالسجائر، وأطلقت عليهم الكلاب.

وثّق تقريرٌ آخر صادر عن خبراء الأمم المتحدة الشهر الماضي حالات اغتصاب واعتداء جنسي، وقال إن استخدام هذا التهديد “إجراءٌ عمليّ معتاد” لدى جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وكشفت “بي بي سي” عن إجراءها المقابلات مع المعتقلين الخمسة المفرج عنهم عبر الهاتف أو من قبل صحفيين مستقلين تعاقدت معهم في غزة، وذلك بسبب أن “إسرائيل” لا تسمح للصحفيين الدوليين بالوصول بحرية إلى غزة.

وقال الرجال الخمسة إن إساءة معاملتهم بدأت منذ لحظة اعتقالهم، عندما قالوا إنهم جُردوا من ملابسهم، وعصبت أعينهم، وتعرضوا للضرب.

محمد أبو طويلة الميكانيكي ، اخبرنا أنه تعرض للتعذيب لأيام.

وقال إن الجنود اقتادوه إلى مبنى غير بعيد عن مكان اعتقاله في  مارس 2024، واحتجزوه في غرفة -كان المعتقل الوحيد فيها- لمدة ثلاثة أيام من التحقيق معه.

أخبرنا أن الجنود خلطوا مواد كيميائية تُستخدم للتنظيف في وعاء، وغمسوا رأسه فيه. ثم لكمه المحققون، فسقط على الأرض، وأُصيبت عينه. قال إنهم غطوا عينه بقطعة قماش، ما “فاقم إصابته”. وأشعلوا النار فيه أيضاً.

استخدموا معطر جو مع ولاعة لإشعال النار في ظهري. ركضتُ كالحيوان، محاولًا إخماد النار التي امتدت من رقبتي إلى ساقيّ. ثم انهالوا عليّ ضرباً بأعقاب بنادقهم مراراً، وكانوا يحملون عصياً استخدموها لضربي ووخزي في جانبي.

ثم “استمروا في سكب الحمض عليّ. قضيتُ حوالي يوما ونصفه أُغسل به”.

“سكبوه على رأسي، فتساقط على جسدي وأنا جالس على الكرسي”.

وأضاف:  في النهاية، سكب الجنود الماء على جسده، واقتادوه إلى إسرائيل، حيث تلقى العلاج الطبي في المستشفى، بما في ذلك عمليات ترقيع الجلد”.

قال أبو طويلة إن معظم علاجه كان في مستشفى ميداني معتقل سدي تيمان، وهي قاعدة عسكرية إسرائيلية قرب بئر السبع المحتلة. وأضاف أنه كُبِّل عارياً إلى سرير، وأُعطي حفاضة بدلاً من السماح له بالذهاب إلى المرحاض.

وتقول الـ “بي بي سي” اثناء المقابلة مع أبو طويلة بعد إطلاق سراحه بفترة وجيزة، كان ظهره مغطى ببقع حمراء. وقال إن الألم المتبقي من حروقه ما زال يوقظه، وإن بصره قد تأثر.

ويؤكد طبيب عيون متخصص عالج أبو طويلة لدى عودته إلى غزة إصابته بحرق كيميائي في عينه، ما أدى إلى تلف الجلد المحيط بها. كما قال إن بصر أبو طويلة كان يضعف، إما بسبب المواد الكيميائية أو بسبب صدمة أخرى.

يقول عبد الكريم مشتهى، عامل في مسلخ دواجن يبلغ من العمر 33 عاماً، إنه اعتُقل في نوفمبر 2023 عند نقطة تفتيش إسرائيلية في أثناء تنفيذه أوامر الإخلاء مع عائلته: “كبلونا وضربونا. لم يُعطني أحد قطرة ماء”. وأشار تقرير قدمه محامٍ زار مشتهى لاحقاً إلى أنه “تعرض للضرب المبرح والإذلال والإهانة والتجريد من الملابس في أثناء اعتقاله حتى نُقل إلى السجن”.

قال اثنان إنهما تُركا في العراء لساعات في البرد، وقال اثنان إن جنوداً إسرائيليين سرقوا ممتلكاتهما وأموالهما.

وقال جميع من أجريت معهم المقابلات، ومنهم مشتهى، إنهم نقلوا إلى معتقل سيدي تيمان الإسرائيلي، حيث قال أبو طويلة أيضاً إنه تلقى العلاج في المستشفى الميداني هناك.

أخبر أحدُهم أنه تعرض لمعاملة سيئة في طريقه إلى هناك. وطلب عدم نشر اسمه خوفاً من الانتقام، لذلك نُناديه “عمر”.

قال إن جنوداً إسرائيليين وقفوا وبصقوا عليه وعلى آخرين معه، ووصفوهم بـ”أبناء الخنازير” و”أبناء السنوار”.

وقال الرجل البالغ من العمر 33 عاماً، الذي يعمل في شركة كابلات كهربائية: “لقد جعلونا نستمع إلى تسجيل صوتي يقول: ما فعلتموه بأطفالنا، سنفعله بأطفالكم”.

كان معتقل سيدي تيمان محور شكاوى خطيرة سابقة في أعقاب هجمات  أكتوبر 2023.

وقال ثلاثة من الرجال الخمسة إن الكلاب كانت تستخدم لتخويف المعتقلين في سيدي تيمان وغيره من السجون.

وقال عدد من المعتقلين إنهم أُجبروا على اتخاذ أوضاع مُرهقة، بما في ذلك رفع أذرعهم فوق رؤوسهم لساعات.

قال أبو طويلة: “كنا نجلس على ركبنا من الخامسة صباحاً حتى العاشرة مساءً، حين يحين وقت النوم”.

وقال حمد الدحدوح، وهو شخص آخر أُجريت معه مقابلة، إن الضرب في الثكنات “استهدف رؤوسنا ومناطق حساسة كالعيون والآذان”.

وقال الرجل البالغ من العمر 44 عاماً، الذي عمل مزارعاً قبل الحرب، إنه عانى من تلف مؤقت في الظهر والأذن نتيجة لذلك، وكُسر قفصه الصدري.

قال الدحدوح وبعض السجناء المفرج عنهم إن الصعق الكهربائي استُخدم أيضاً في أثناء التحقيقات أو كعقاب.

وقال: “كانت وحدات القمع تُحضر الكلاب والعصي والمسدسات الصاعقة، وكانوا يصعقوننا بالكهرباء ويضربوننا”.

وأضاف الرجال أنهم اتُهموا خلال هذه التحقيقات بالارتباط بحماس.

قال مشتهى: “كل من سُجن… كانوا يقولون له: ‘أنت إرهابي’. كانوا يحاولون دائماً إخبارنا بأننا شاركنا في هجوم السابع من أكتوبر.

قلت لهم: ‘لو كنتُ من حماس أو أي شخص آخر، هل كنتُ سأعبر الممر الآمن؟ هل كنتُ سأستمع إلى دعواتكم للمغادرة؟

التحقيقات كانت تستمر طوال الليل.

“لمدة ثلاث ليالٍ، لم أستطع النوم بسبب تعذيبهم لي. كانت أيدينا مقيدة ومعلقة فوق رؤوسنا لساعات، ولم نكن نرتدي أي شيء. كلما قلت “أشعر بالبرد”… كانوا يملؤون دلواً بالماء البارد، ويصبونه عليك، ثم يشغلون المروحة”.

وقال الدحدوح إن المحققين أخبروهم أن كل من هو من غزة “ينتمي إلى مجموعات إرهابية”، وعندما سأل المعتقلون ما إذا كانوا يستطيعون الطعن في ذلك في المحكمة قيل لهم إنه لا يوجد وقت لذلك.

لم يُسمح لي بمقابلة محامٍ

وأضاف “عمر” أنه اقتيد للتحقيق لمدة ثلاثة أيام عند وصوله إلى سيدي تيمان.

وأضاف أن المعتقلين كانوا يرتدون ملابس عمل رقيقة، ويُحتجزون في غرفة شديدة البرودة، مع تشغيل موسيقى إسرائيلية بواسطة مكبرات صوت.

بعد انتهاء الاستجواب، قال الرجال إنهم أُعيدوا إلى الثكنة معصوبي الأعين.

قال عمر: “لم نكن نعرف إن كان الليل قد حلّ أم الصباح قد حلّ. لا نرى الشمس. لا نرى شيئاً”.

وقال عمر ومشتهى إنهما نُقلا بعد ذلك إلى سجن كتسيعوت، حيث وصفا “مراسم استقبال” تضمنت ضرباً وإساءات أخرى.

واضافا ”  إن الضرب في سجن كتسيعوت، الذي تم تصويره هنا في عام 2011، كان شديداً وكان الطعام محدوداً.

اعتداءات جنسيه في سجن كتسيعوت

“كانوا يجردون بعض الرجال من ملابسهم، ويرتكبون أفعالًا مشينة… كانوا يُجبرون الرجال على ممارسة الجنس مع بعضهم البعض.. كان الأمر إجبارياً”.

وتراوحت هذه الاعتداءات بين الاغتصاب والتحرش الجنسي وضرب الأعضاء التناسلية، على حد قوله.

عمر أكد ،  إنهم تعرضوا أيضاً للضرب بالهراوات في سجن كتسيعوت.

“بعد أن تعرضنا للتعذيب، كنت أتألم طوال الليل – من ظهري إلى ساقيّ. كان الرجال يحملوني من فراشي إلى المرحاض. كان جسدي، ظهري، ساقيّ – جسدي كله أزرق من الضرب. لم أستطع الحركة لما يقارب الشهرين”.

ووصف مشتهى تعرضه لضرب رأسه بالباب ضربة قوية، وضرب أعضائه التناسلية.

وقال: “كانوا يجردوننا من ملابسنا. ويصعقوننا بالصواعق الكهربائية. ويضربوننا في أماكن حساسة. ويقولون لنا: سنخصيكم”.

وأضاف أن الضرب كان “يهدف إلى كسر العظام”، وأن المعتقلين كانوا يُجمعون أحياناً ويُسكب عليهم الماء الساخن.

وأفاد تقريرٌ صادرٌ عن محامٍ زار مشتهى وعمر في سجن كتسيعوت في  سبتمبر الماضي أن مشتهى: “يعاني كغيره من السجناء، من آلامٍ ناجمة عن دمامل في يديه وقدميه وأردافه، ولا تتوفر له النظافة اللازمة، ولا يُقدَّم له أيُّ نوعٍ من العلاج”.

كما قدّم مشتهى لـ”بي بي سي” تقريرا أعدّه طبيبٌ في غزة، أكّد فيه أنه كان لا يزال مصاباً بالجرب يوم إطلاق سراحه.

تعرضوا للضرب لطلبهم الرعاية الطبية

وأشار المحامي إلى أن عمر كان بحاجة إلى عناية بسبب “انتشار البثور على جلده – في منطقة الفخذ والأرداف – بسبب ظروف السجن القاسية”، بما في ذلك نقص مستلزمات النظافة الشخصية والمياه الملوثة. يقول السجين إنه “حتى عندما يحين دوره للاستحمام، فإنه يحاول تجنبه لأن الماء… يسبب الحكة والالتهاب”.

وأضاف أن جميع السجناء لم يحصلوا إلا على قدر ضئيل من الطعام والماء في أثناء احتجازهم في مرافق مختلفة، وأفاد العديد منهم بفقدانهم كميات كبيرة من الوزن.

قال عمر إنه فقد 30 كيلوغراماً من وزنه. وقال المحامي إن عمر أخبره أن الطعام كان “شبه معدوم” في الأشهر القليلة الأولى، إلا أن الظروف تحسنت قليلاً لاحقاً.

ووصف مشتهى الطعام الذي كان يُترك خارج أقفاصهم لتأكله القطط والطيور أولاً.

وقال أحمد أبو سيف، وهو أحد المعتقلين الخمسة، إنه نُقل إلى سجن آخر – وهو سجن مجدو، بالقرب من الضفة الغربية المحتلة، بعد اعتقاله في عيد ميلاده السابع عشر.

وأكد إن السلطات الإسرائيلية كانت تقتحم زنازينهم هناك بانتظام وترشهم بالغاز المسيل للدموع.

ووفقًا لأحمد، الذي ذكر أنه كان محتجزاً في جناح الأحداث بالسجن، “كنا نشعر بالاختناق وعدم القدرة على التنفس جيداً لمدة أربعة أيام بعد كل هجوم بالغاز المسيل للدموع”.

“لم يُراعَ أننا أطفال، لقد عاملونا كما لو كنا مسلحين شاركوا في السابع من أكتوبر”.

قال إنه تم خلع أظافره في أثناء التحقيقات. وعندما صوّرته “بي بي سي” في اليوم التالي لإطلاق سراحه، ظهر كيف كانت العديد من أظافر قدميه لا تزال متأثرة، بالإضافة إلى ندوب على يديه قال إنها ناجمة عن الأصفاد وخدوش الكلاب.

قال اثنان من الرجال إنهما شهدا وفاة زملاء لهم في سدي تيمان وكتسيوت؛ أحدهما نتيجة الضرب، بما في ذلك استخدام الكلاب، والآخر نتيجة الإهمال الطبي.

وتتطابق أسماء وتواريخ الحوادث التي ذكروها مع التقارير الإعلامية وروايات منظمات حقوق الإنسان.

واكد اغلب الأسرى ،  إن الاعتداءات استمرت حتى لحظة إطلاق سراحهم في  فبراير.

وقال مشتهى: “في يوم الإفراج، عاملونا بوحشية. شدّوا الأصفاد، وعندما أرادوا تحريكنا، وضعوا أيدينا فوق رؤوسنا وسحبونا”.

قالوا: ‘إذا تعاملتم مع حماس أو عملتم معها، فسيتم استهدافكم’. قالوا: ‘سنرسل إليكم صاروخاً مباشرةً’.

وقال أحمد، البالغ من العمر 17 عاماً، إن الأوضاع ساءت بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في يناير ، “صعّد الجنود عدوانهم علينا لعلمهم بقرب إطلاق سراحنا”.

فيما قال مسؤولٌ في المستشفى الأوروبي بغزة، الذي قيّم حالات السجناء العائدين، إن الأمراض الجلدية، بما فيها الجرب، شائعة، وإن المسعفين لاحظوا العديد من حالات “الهزال الشديد وسوء التغذية” و”الآثار الجسدية للتعذيب”.

بالنسبة للعديد من السجناء الفلسطينيين المفرج عنهم، كانت العودة إلى غزة لحظة احتفال ويأس في آن واحد.

قال أبو طويلة إن عائلته صُدمت بمظهره عند إطلاق سراحه، وأضاف أنه لا يزال متأثراً بتجربته.

قال: “لا أستطيع فعل أي شيء بسبب إصابتي، فعيني تؤلمني، وتدمع، وأشعر بحكة، وجميع الحروق في جسدي تؤلمني أيضاً. هذا يزعجني كثيراً”.

قد يعجبك ايضا