المصدر الأول لاخبار اليمن

حي الشجاعية في غزة ينزف.. والنزوح يتجدد

تحليل/عبدالكريم مطهر مفضل/وكالة الصحافة اليمنية//

 

 

الغارة التي استهدفت مبنى سكنيً في حي الشجاعية بمدينة غزة، وأدت  إلى استشهاد وإصابة أكثر من 100 فلسطيني، ليست مجرد تصعيد ميداني عابر، بل تمثل حلقة جديدة في نمط متصاعد من الضربات التي تُنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضمن إطار العدوان الصهيوني المستمر منذ أكتوبر 2023.

اللافت هذه المرة ليس فقط في عدد الضحايا، بل في الرمزية السياسية والتوقيت، فضلًا عن الردود الرسمية الفلسطينية والعربية الباهتة، وبدء موجة نزوح داخلي جديدة تزيد من المأساة الإنسانية.

ضربات “نوعية” أم استهداف جماعي؟

قوات الاحتلال الإسرائيلي زعمت أن الغارة استهدفت “قياديًا بارزًا في حماس” دون الكشف عن اسمه، وهي صيغة تتكرر عادة في سياق تبرير استهداف المدنيين ضمن سياسة تصفية يُقال إنها موجهة، لكنها كثيرًا ما تُسفر عن مجازر بحق عائلات بأكملها، كما حدث في هذه الغارة.

إصرار قوات الاحتلال على تسويق هذه الرواية، دون تقديم أدلة أو تفاصيل دقيقة، يعكس محاولة لاحتواء الغضب الدولي وتبرير السلوك العسكري في أحياء مكتظة بالسكان، تُعد وفق القانون الدولي مناطق مدنية محمية.

نزوح جماعي.. مأساة تتجدد

مع تصاعد القصف، وتهدم البنية التحتية في الحي، بدأت موجة نزوح واسعة لأهالي حي الشجاعية، حيث غادرت عشرات العائلات منازلها باتجاه مناطق أكثر أمانًا داخل القطاع، رغم ضيق الخيارات.

مشاهد العائلات وهي تغادر تحت القصف تعيد إلى الأذهان صورة التهجير الداخلي التي تتكرر مع كل تصعيد لقوات الاحتلال، وتُسلط الضوء على العبء الإنساني المتزايد في ظل الحصار، وانهيار القطاع الصحي، ونقص الملاجئ والمساعدات.

خطابات تصعيد وغضب

ردّ حركة “حماس” كان سريعًا وغاضبًا، وصف ما جرى بأنه “مجزرة دموية جديدة” و”جريمة تضاف إلى سجل الاحتلال”، لكنها لم تُعلن عن رد عسكري واضح، بل اكتفت ببيانات شجب ودعوات لحراك شعبي.

هذا يُطرح سؤالًا حول الخيارات المتاحة أمام الحركة، التي تواجه ضغطًا شعبيًا متزايدًا للرد، وضغطاً دولياً لضبط النفس، في وقت تسعى فيه قوات الاحتلال إلى إضعاف القدرات التنظيمية والقيادية لحماس من خلال عمليات الاغتيال والتدمير الممنهج للبنية التحتية.

صمت دولي وعجز عربي.. مستمر

مرة أخرى، تأتي المجازر لتُحرج المجتمع الدولي.

ورغم تزايد الانتقادات في بعض العواصم الغربية للعدوان على غزة، لا تزال الحماية السياسية لكيان الاحتلال قائمة، خصوصًا من الإدارة الأمريكية.

في المقابل، تبقى المواقف العربية والإسلامية داخل دائرة التنديد اللفظي، دون خطوات دبلوماسية أو اقتصادية ملموسة، مما يفتح الباب أمام اتهامات فلسطينية بالخذلان.

رسائل قوات الاحتلال

توقيت المجزرة، وموقعها، ورسائلها، تشير إلى أن حكومة الاحتلال تحاول فرض معادلة جديدة: لا خطوط حمراء في العمليات الجوية، سواء من حيث كثافة النيران أو طبيعة الأهداف.

كما أن الغارة قد تحمل رسالة داخلية أيضًا، موجهة للمستوطنين، في ظل ضغوط سياسية متصاعدة على “حكومة نتنياهو” نتيجة الفشل في حسم المعركة في غزة رغم مرور أكثر من عام و 6 أشهر على بدء العملية.

ويمكننا القول، إن جريمة الشجاعية ليست حادثًا منفصلًا، بل هي جزء من استراتيجية عسكرية متواصلة تهدف لإخضاع غزة عبر كلفة بشرية مهولة.

ومع استمرار غياب حل سياسي وفعلي، تتجدد معاناة السكان بين قصف وقتل ونزوح داخلي، ليبقى المدنيون هم الثمن الأغلى في معادلة باتت تنزف إنسانيًا وأخلاقيًا أمام أعين العالم.

قد يعجبك ايضا