المصدر الأول لاخبار اليمن

أطفال غزة في مواجهة العطش… حين يصبح الماء أثمن من التعليم

تحليل/عبدالكريم مطهر مفضل/وكالة الصحافة اليمنية//

مع دخول الحصار الصهيوني على قطاع غزة أسبوعه السادس، تتكشف يومًا بعد يوم أبعاد الأزمة الإنسانية التي يعيشها السكان، لا سيما الأطفال، الذين أصبحوا في طليعة من يدفعون ثمن الحرب والمماطلة السياسية، والخذلان العربي، والعجز الدولي.

لم يعد الحديث يدور حول نقص في الخدمات أو شح في الإمدادات، بل عن انهيار كامل في مقومات الحياة الأساسية، وفي مقدمتها الماء والغذاء.

في منشور لافت، عبّرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” عن مأساة الأطفال بلغة تختزل الواقع: “في شمال غزة، لا يبحث الأطفال عن ألعابهم أو أقلامهم، بل عن الماء”.

هذه العبارة، مرفقة بصورة لطفلين يجرّان عربة مليئة بأوعية المياه، تختصر حجم التدهور الإنساني، وتحمل في طيّاتها رسالة سياسية صارخة: غزة على حافة كارثة، وأطفالها هم أول الضحايا.

تجويع ممنهج وتسييس للمساعدات

يأتي هذا المشهد في ظل استمرار كيان الاحتلال الإسرائيلي في منع دخول المساعدات الإنسانية منذ الثاني من مارس الماضي، عقب نكوصه عن تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار.

وقد شمل الحصار منع دخول الغذاء والماء والإمدادات الطبية والتجارية، ما عمّق الأزمة وأدى إلى تفشي المجاعة والعطش، خاصة في شمال القطاع، الأكثر تضررًا.

اللافت أن هذا الحصار لا يُفرض فقط بالقوة العسكرية، بل أيضًا من خلال استخدام المعابر كأدوات ضغط سياسي.

فبينما تدعو المؤسسات الأممية إلى فتحها فورًا، تصرّ “حكومة نتنياهو” على ربط ذلك بشروط سياسية وأمنية، في تجاهل تام للقانون الدولي الإنساني الذي يُلزم القوة القائمة بالاحتلال بضمان وصول المساعدات إلى المدنيين.

الماء.. سلاح حرب بوجه الأطفال

في غزة، لم تعد أزمة المياه قضية خدماتية، بل تحولت إلى وسيلة من وسائل الحرب.

فقد توقفت إمدادات المياه القادمة من شركة “ميكروت” الصهيونية، والتي كانت تمثل 70% من مياه مدينة غزة.

هذا التوقف ليس عرضيًا، بل يعكس سياسة “التجويع والعطش” التي ينتهجها كيان الاحتلال في إدارة الصراع، ضمن استراتيجية ترمي إلى إنهاء المجتمع الغزي بالكامل.

وبينما يفترض أن تنصب الجهود على إعادة الأطفال إلى مدارسهم وتأمين الحد الأدنى من حقوقهم، نجد أن الواقع دفع بهم إلى أدوار قاسية تفوق أعمارهم، فأصبحوا يبحثون عن الماء بدل التعليم، ويجرّون عربات بدل حمل الحقائب المدرسية.

كلفة بشرية باهظة

أرقام الضحايا، وفق وزارة الصحة في غزة، تعكس جانبًا من المأساة: أكثر من 1500 شهيد و3688 جريحًا منذ منتصف مارس، معظمهم من النساء والأطفال. ومنذ السابع من أكتوبر 2023، بلغ عدد الشهداء والجرحى أكثر من 166 ألفًا، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود.

ورغم هذه الحصيلة الدموية، لا تزال المواقف الدولية تراوح بين الإدانة الخجولة والدعوات غير الملزمة.

أما مجلس الأمن، حدث بلا حرج، فيبدو عاجزًا عن فرض هدنة إنسانية دائمة، بينما تواصل قوات الاحتلال حربها المفتوحة على سكان القطاع، متذرعة بحجج أمنية، ومحمية بمظلة سياسية غربية بقيادة أمريكية وبريطانية.

ختاماً.. يمكننا القول، إن ما يجري في قطاع غزة، وتحديدًا مع الأطفال، ليس مجرد أزمة إنسانية، بل نتيجة مباشرة لسياسات ممنهجة تستخدم الحصار والتجويع كأدوات ضغط وعقاب جماعي.

والمشهد الذي وصفته الأونروا لا يجب أن يُقرأ فقط كبكاء على الواقع، بل كنداء عاجل لوقف العدوان، وفتح المعابر، ووضع حد للانهيار الكامل الذي يتهدد حياة أكثر من مليوني إنسان.

قد يعجبك ايضا