المصدر الأول لاخبار اليمن

دماء الشهداء وأسطورةُ المقاومة.. معادلةُ النصر التي أذلت أعتى الجيوش!

السيد عبد الملك الحوثي

تحليل/عبدالكريم مطهر مفضل/وكالة الصحافة اليمنية//

في توقيت بالغ الحساسية، جاء خطاب السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي ليعيد رسم معادلة الصراع في المنطقة، واضعًا اليمن في موقع الفعل لا رد الفعل، ومؤكداً أن ما يجري في غزة وفلسطين ليس سوى فصل من مشروع صهيوني أمريكي أوسع، تحاول صنعاء قلب معادلته.

وجاء الخطاب ليرسم بوضوح خريطة الفهم اليمنية والإقليمية لمسار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ضمن سياق أوسع يشمل التورط الأمريكي، والتخاذل الدولي، والتكالب على القضية الفلسطينية.

الخطاب لم يكن مجرد استعراض للموقف، بل حمل في طياته رسائل استراتيجية تجاه قوى العدوان، وأكد على ثبات الموقف اليمني وتصاعد تأثيره.

الأسرى.. ورقة المقاومة لا الاحتلال

لم يكن حديث السيد عبدالملك الحوثي عن الأسرى مجرد تعاطف إنساني، بل كشف فشلاً استخباراتيًا وأخلاقيًا لدى كيان الاحتلال، الذي يرفض صفقة تبادل منصفة، مفضلاً استمرار العدوان على استعادة جنوده، ما يفضح حجم المأزق “الإسرائيلي” داخليًا وخارجيًا، بعدم الاكتراث بمصير جنوده.

وأكد أن العدو رفض اتفاقًا كان كفيلاً بتحقيق الإفراج المتبادل ووقف العدوان، ما يكشف نية الاحتلال في مواصلة سياسة الأرض المحروقة، واستخدام ورقة الأسرى كغطاء لاستمرار الإبادة الجماعية في غزة.

تهجير ممنهج.. بغطاء أمريكي

التحذير من التهجير القسري لا يقتصر على غزة، بل يمتد إلى الضفة الغربية، في سياسة ممنهجة تهدف إلى تصفية ما تبقى من الوجود الفلسطيني، وسط صمت دولي وشراكة أمريكية، وصفها السيد عبدالملك الحوثي بسخرية لاذعة تعرّي “الحرية” الزائفة التي يتغنى بها ترامب.

يحذر السيد عبدالملك الحوثي في خطابه، من مخطط صهيوني أشمل يتجاوز غزة ليطال الضفة الغربية عبر عمليات تهجير تدريجية وممنهجة، كما في جنين وطولكرم، واليوم في مخيم بلاطة.

اللافت في الخطاب هو الربط المباشر بين هذا المخطط والتغطية الأمريكية العلنية، إذ استشهد بتصريح ترامب الأخير حول “تحرير غزة” وتحويلها إلى “أرض حرية”، وهو ما وصفه السيد عبدالملك بسخرية لاذعة، مؤكدًا أن التهجير ليس تحررًا، بل اغتصاب وقح.

فشل خيار “السلام” وسقوط وهم التسوية

رسالة واضحة تضمنها الخطاب: لا تسوية مع الاحتلال، ولا مستقبل لـ”السلام” مع مغتصب لا يعترف إلا بمنطق القوة.

فالميدان يؤكد فشل كل المبادرات الناعمة، وسقوط رهان “إسرائيل الكبرى” أمام صلابة الجبهة الشعبية والمقاومة.

يتبنى السيد عبدالملك الحوثي موقفًا حاسمًا تجاه أي مشاريع تسوية، مؤكداً أنها لا تعني سوى الاستسلام.

ويعزز رؤيته بالوقائع الميدانية، حيث أن العدو لم يستجب حتى لأكثر المواقف العربية والدولية ليونة.

ويرى أن الاحتلال لم يكن يومًا مهتمًا بحلول عادلة، بل يعمل بخطة صهيونية صريحة لإقامة “إسرائيل الكبرى”.

التمدد الصهيوني نحو سوريا والعراق

ففي جانب مهم من الخطاب، الربط بين غزة، العراق، وسوريا، لا يأتي من باب التضامن الرمزي، بل من قراءة عسكرية واستراتيجية، تشير إلى محاولة أمريكية إسرائيلية لتكريس “الفراغ الأمني”، بما يسمح بتكرار سيناريو الاستباحة في عواصم المقاومة.

وأشار السيد عبدالملك، إلى أن العدو الإسرائيلي بات يتعامل مع أجواء المنطقة كمجال مفتوح أمام طيرانه الحربي، مدفوعاً بشراكة أمريكية واضحة.

والاتهام الأخطر كان بشأن منع واشنطن للجيش العراقي من تفعيل دفاعاته الجوية، ما يشير إلى مساعٍ أمريكية لفرض معادلة “الاستباحة” على المنطقة بأكملها.

اليمن.. مناصر لا متفرج

خطاب السيد عبدالملك الحوثي كرّس انتقال اليمن من موقع المتضامن إلى المشارك الفعلي في المعركة، عبر عمليات عسكرية نوعية أربكت الولايات المتحدة وكيان الاحتلال معاً.

التصعيد الأمريكي، وفقًا للخطاب، لم يُضعف صنعاء، بل صقل تجربتها وأجبر الخصوم على إعادة حساباتهم.

الرسالة الأقوى في الخطاب جاءت لتؤكد استمرار اليمن في موقعه المتقدم ضمن جبهة دعم فلسطين، ليس بالشعارات بل بالفعل العسكري.

وأشار السيد عبدالملك الحوثي إلى أن التصعيد الأمريكي ضد اليمن يثبت تأثير الموقف اليمني، الذي بات يربك حسابات “حكومة نتنياهو” وواشنطن معًا.

الخطاب أكد أن الهجمات اليمنية عبر البحر والأجواء مستمرة، وأن اليمن لا يزال يحتفظ بزخم عسكري متصاعد رغم الاستهداف الأميركي المباشر.

بل ذهب السيد عبدالملك الحوثي إلى أبعد من ذلك بالقول إن العدوان الأمريكي أسهم في تعزيز القدرات اليمنية وليس العكس، وهو ما يشكل رسالة تحدٍ مفتوحة للبيت الأبيض والبنتاغون.

معركة وعي وصمود

خطاب السيد عبدالملك الحوثي لا ينفصل عن معركة أكبر تخوضها شعوب المنطقة، معركة وعي وبصيرة.

وفي الوقت الذي تُغلق فيه أبواب السياسة، تفتح المقاومة نوافذ جديدة للأمل، مؤكدة أن الزمن لا يعود إلى الوراء، وأن من اختار طريق الكرامة لا يمكن إخضاعه.

ختاماً، لا ينفصل خطاب السيد عبدالملك الحوثي عن معركة الوعي التي يخوضها محور المقاومة.. فبقدر ما يحمل من مضامين عسكرية وسياسية، يضخ أيضًا جرعة معنوية لجمهور واسع في الداخل اليمني وخارجه.

إذ يؤكد أن العدوان، مهما بلغ بطشه، لا يمكن أن يهزم الإرادة، ولا أن يطوّع شعبًا اختار طريقه عن قناعة ووعي.

قد يعجبك ايضا