المصدر الأول لاخبار اليمن

صنعاء تتحدى واشنطن وتربط المعركة في غزة بالجبهة اليمنية

استعداداً لمعركة النفس الطويل

تحليل/عبدالكريم مطهر مفضل/وكالة الصحافة اليمنية//

حملت المليونية التي شهدتها العاصمة اليمنية صنعاء وعدد من المحافظات تحت شعار “جهاد وثبات واستبسال.. لن نترك غزة”، أكثر من مجرد رسالة تضامن مع الشعب الفلسطيني.

جاء ذلك في مشهد تجاوز البعد التضامني مع الشعب الفلسطيني إلى ما يشبه إعلانًا واضحًا لتكامل الجبهات وتوحيد المعركة في وجه التحالف (الأمريكي-الإسرائيلي).

وعلى الرغم من تعرضها لسلسلة من الضربات الجوية التي استهدفت أعيانًا مدنية في صنعاء ومدن أخرى، أظهرت الجبهة الداخلية اليمنية تماسكًا لافتًا من خلال الحشد الشعبي الضخم، الذي حمل رسالة واضحة إلى الخارج مفادها أن محاولات إخضاع اليمن عبر الضغط العسكري قد فشلت.

فقد بدت، بوضوح، بمثابة إعلان تعبئة شعبية ورسالة سياسية حازمة للولايات المتحدة وحلفائها، مفادها أن استهداف اليمن عسكريًا لن يفلح في إبعاد صنعاء عن ساحة المواجهة الإقليمية المفتوحة في غزة.

من التضامن إلى التلازم

البيان الصادر عن الفعالية لم يكتفِ بتأكيد الدعم المعنوي لغزة، بل ذهب أبعد من ذلك حين ربط صراحة بين التصعيد الأمريكي على اليمن، والضغط لإفشال الموقف اليمني المساند للمقاومة الفلسطينية.

بمعنى آخر، ترى صنعاء أن العدوان العسكري الذي تتعرض له هو امتداد للمعركة ذاتها التي تخوضها قوى المقاومة في غزة وجنوب لبنان، وأنها ليست مجرد جهة داعمة، بل جزء لا يتجزأ من محور المقاومة.

هذا التحول اللافت من “موقف داعم” إلى “شراكة فعلية في المعركة” يعكس نضوجًا سياسيًا وتوجهًا استراتيجيًا جديدًا لدى قيادة صنعاء، التي باتت تُقدّم نفسها كطرف إقليمي فاعل لا كحالة محلية معزولة.

أذن الرسالة هنا أن اليمن لا يرى نفسه خارج المعركة، بل يعتبر أن العدوان عليه جزء من حرب واحدة تشن ضد محور المقاومة في المنطقة.

هذا التحول من “موقف داعم” إلى “شراكة في المعركة” يعبّر عن تطور نوعي في مواقف الشعب اليمني، الذين باتوا يتحدثون عن وحدة الميدان وتكامل الجبهات، في ظل ما يشهده البحر الأحمر من تصعيد عسكري متواصل.

صلابة الجبهة الداخلية

رغم تعرضها لسلسلة من الضربات الجوية التي استهدفت أعيانًا مدنية في صنعاء ومدن أخرى، أظهرت الجبهة الداخلية اليمنية تماسكًا لافتًا من خلال الحشد الشعبي الضخم، الذي حمل رسالة واضحة إلى الخارج مفادها أن محاولات إخضاع اليمن عبر الضغط العسكري قد فشلت.

وفي المقابل، لم تتوقف العمليات التي تنفذها قوات صنعاء ضد السفن المرتبطة بكيان الاحتلال واستهداف مواقعه العسكرية في عمق فلسطين المحتلة، ما يعزز الرواية التي تقول إن واشنطن فشلت حتى الآن في ردع الهجمات أو زعزعة الاستقرار السياسي في صنعاء، كما يُبرز اتساع هامش الردع الذي باتت تملكه صنعاء، ويكرّس حضورها كجزء من مشهد الردع الإقليمي الشامل..

ويرى مراقبون أن الحشد الشعبي اليمني الضخم يبرز صلابة الجبهة الداخلية في وجه التصعيد الأمريكي الأخير، خاصة بعد تعرضها لسلسلة ضربات جوية استهدفت أعيان مدنية في العاصمة صنعاء ومحافظات أخرى.

رسائل متعددة الاتجاهات

احتوى بيان المسيرات المليونية، على لهجة تحذيرية واضحة تجاه كل من “يتواطأ مع العدو الصهيوني أو الأمريكي”، في إشارة مزدوجة تحمل بعدًا أمنيًا داخليًا، ورسالة ردع موجهة لمن قد يسعى إلى اختراق الجبهة الداخلية أو التشويش على الخطاب الوطني.

كما دعا البيان إلى تفعيل أدوات “المقاطعة الاقتصادية” والإنفاق في سبيل الله، وهو ما يؤشر إلى سعي القيادة في صنعاء لتحويل الزخم الشعبي إلى تعبئة مستدامة تتجاوز اللحظة الآنية، وتؤسس لحالة من “الاقتصاد المقاوم” طويل الأمد، وهي أدوات تعبوية تستهدف إشراك الجمهور في معركة النفس الطويل.

الرسالة الأخيرة.. مستمرون

إذا كان الحشد الجماهيري يهدف إلى توجيه رسائل دعم لغزة، فإن توقيت المسيرات، وحجم الحشود، والمضامين السياسية للبيان، كلها تعكس مسعى صنعاء لإعادة تعريف دورها الإقليمي وصياغة موقعها في الخارطة الإقليمية، لا كطرف معزول، بل كقوة سياسية وعسكرية فاعلة ضمن معادلة الصراع المفتوح، مهما بلغت كلفة المواجهة.

الرسالة اليمنية، التي حملها بيان الفعالية بوضوح: “عدوانكم فاشل سواء في غزة أو ضد اليمن”، تتجاوز الرد على الغارات الجوية أو الضغوط الدبلوماسية، لتكرّس قناعة راسخة بأن الولايات المتحدة و”إسرائيل” تواجهان اليوم مقاومة مترابطة جغرافيًا ومتكاملة استراتيجيًا يصعب كسرها بالوسائل التقليدية، سواء في الجنوب اللبناني أو في غزة أو في عمق اليمن.

قد يعجبك ايضا