المصدر الأول لاخبار اليمن

سياسة التهجير القسري في غزة تهدد الاستقرار الإقليمي وتقوض فرص السلام

سياسة التهجير القسري في غزة.. تهدد الاستقرار الإقليمي وتقوض فرص السلام

تحليل/عبدالكريم مطهر مفضل/وكالة الصحافة اليمنية//

 

في إطار تصعيد عدوانها الوحشي ضد قطاع غزة، تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ سياسة التهجير القسري بحق المدنيين في مختلف مناطق القطاع، متسبِّبة في أزمة إنسانية غير مسبوقة.

ما يجري اليوم من تهجير قسري للسكان من أحياء الشجاعية والزيتون الشرقي ورفح وخان يونس، تحت التهديد بالقصف والمجازر، يعكس استمرار نهج التطهير العرقي بحق السكان الأصليين.. ويُعد حلقة جديدة في سلسلة طويلة من الانتهاكات الصهيونية التي تتناقض مع المعايير الدولية، ويُصنف وفق القانون الدولي كجريمة حرب.

تهجير تحت طائلة القصف والتهديد

قوات الاحتلال، عبر منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، تطالب السكان بمغادرة مناطقهم تحت التهديد بالقصف.

هذه الأوامر التي تُعطى للمدنيين لا تراعي الظروف الإنسانية أو الأمنية، إذ تشدد على النزوح إلى ما تُسمى بـ “مراكز الإيواء” في غرب غزة، وهي مناطق تفتقر إلى أي نوع من البنية التحتية أو الخدمات الأساسية.

الواقع في هذه “المناطق الإنسانية” يوضح أن هناك تجاهلًا صارخًا للظروف الصحية والبيئية، حيث تعاني هذه المناطق من انتشار الأوبئة والمشاكل الصحية بسبب التكدس السكاني ونقص الرعاية الصحية والمياه النظيفة.

معاناة لا تحتمل

النازحون يواجهون تحديات ضخمة في محاولاتهم للانتقال إلى مناطق أكثر أمانًا، خاصةً في ظل منع الاحتلال للتحرك بالمركبات.. هذا يشمل صعوبة نقل كبار السن والمرضى، في وقت تتزايد فيه المخاطر الصحية، ما يجعل عمليات النزوح أكثر مأساوية.

وبالتالي، لا تقتصر معاناة المدنيين على الاعتداءات العسكرية المباشرة، بل تتسع لتشمل ظروف الحياة اليومية القاسية في “المناطق الإنسانية” المفترضة، حيث تتحول الحياة إلى صراع مستمر من أجل البقاء.

هذه الممارسات تذكرنا بمأساة نكبة الشعب الفلسطيني، حيث لا زال التهجير القسري أحد أبرز عناصر التدمير الممنهج الذي يستهدف تطهير المناطق من السكان الأصليين.

توسع سياسة التهجير

العملية لا تقتصر على مناطق الشجاعية والزيتون، بل تشمل أيضًا رفح وخان يونس في الجنوب.

منذ أول أيام عيد الفطر، أجبر الاحتلال السكان على مغادرة منازلهم في ظروف كارثية، حيث أصدرت قوات الاحتلال الإسرائيلي أوامر إخلاء جماعية في وقت حساس لزيادة الضغوط النفسية والمعنوية على السكان.

 عمليات الإخلاء، ترافقت مع تصعيد قوات الاحتلال لعمليات الهدم التي طالت مربعات سكنية كاملة، ما يهدف إلى إحداث تغيير ديموغرافي في المنطقة واستكمال خطة تهجير واسعة تشمل مختلف أنحاء القطاع.

جريمة حرب تحت أعين المجتمع الدولي

ما يجري في غزة ليس مجرد عمليات عسكرية، بل سياسة متعمدة لاقتلاع السكان، وفرض معادلة جديدة على الأرض، في انتهاكٍ واضح لكل الأعراف والمواثيق الدولية.

التهجير القسري للفلسطينيين يعد انتهاكًا فاضحًا للقانون الدولي، حيث تُصنف مثل هذه الممارسات على أنها جريمة حرب وفقًا للمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة.

وما يقوم به كيان الاحتلال في غزة يعد تطهيرًا عرقيًا مكتمل الأركان، يعكس تجاهلًا تامًا للقرارات الدولية ولحقوق الإنسان.

بل إنَّ هذا التهجير يُضاف إلى سجل طويل من الانتهاكات التي تشهدها الأراضي الفلسطينية، ما يضع مسؤولية كبيرة على عاتق المجتمع الدولي للتدخل العاجل لحماية المدنيين الفلسطينيين ومحاسبة الاحتلال على جرائمه.

تغييرات ديموغرافية تهدد المنطقة

يُعد استمرار هذه السياسات جزءًا من استراتيجية صهيونية ممنهجة تهدف إلى تقويض أي أفق للسلام من خلال فرض واقع جديد على الأرض، مع دفع الفلسطينيين إلى خارج أراضيهم، وفرض تغييرات ديموغرافية عنوة.

الوضع الحالي يهدد بشكل جدي استقرار المنطقة، ويعمق جراح الشعب الفلسطيني الذي يعاني منذ عقود من النزوح والتهجير القسري.

وفي ظل هذه الظروف، يواجه الفلسطينيون تحديات هائلة في مقاومة هذه الممارسات، ما يتطلب استجابة دولية قوية لوقف هذه الانتهاكات وحماية الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني.

قد يعجبك ايضا