المصدر الأول لاخبار اليمن

ما وراء تحذيرات ترامب من “تغلغل أنصار الله في الصومال”؟ (3)

مناورة جيوسياسية أم تمهيد لمواجهة أوسع؟

تحليل/عبدالكريم مطهر مفضل/وكالة الصحافة اليمنية//

 

في تطور يعكس تصاعد التوترات في منطقة القرن الأفريقي، أثارت التهديدات العسكرية الصادرة عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشأن تدخل عسكري محتمل في الصومال، بذريعة “منع تغلغل أنصار الله إليه” موجة من القلق الإقليمي والدولي.

وقال ترامب في تغريدات على منصات التواصل الاجتماعي، ” منحت مقاتلينا الصلاحيات الكاملة من جديد للعمل في الصومال، تمامًا كما فعلت في معركتنا ضد داعش.. ينبغي ألا يسمح الشعب الصومالي للحوثيين بالتسلل والتخفي بداخله.”

وتأتي تصريحات ترامب في سياق معقد يتقاطع فيه الأمن البحري بالمصالح الجيوسياسية، وتحديدًا في الممرات المائية الاستراتيجية التي باتت محور تنافس بين القوى الكبرى.

أطماع في المضيق

وبحسب مراقبين، فإن هذه التهديدات لا يمكن فصلها عن سياق أوسع يرتبط بمخططات أمريكية-إسرائيلية للسيطرة على ممرات بحرية حيوية، وعلى رأسها مضيق باب المندب، الذي يعد شريانًا حيويًا للتجارة العالمية، إذ تمر عبره نحو 10% من حركة الشحن العالمية.

هذا المضيق، الذي يربط البحر الأحمر بخليج عدن، يشكل بُعدًا استراتيجيًا ذا أولوية متقدمة في حسابات القوى الكبرى، خاصة في ظل الحظر الذي تفرضه قوات صنعاء على السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر و البحر العربي وخليج عدن، في إطار سياستها الثابتة في دعم القضية الفلسطينية وإسناد غزة ومقاومتها.

أهداف متشابكة

و تأخذ التهديدات الأمريكية ما يبدو ابعادا مزدوجة:

أولًا الضغط على قوات صنعاء من خلال تصعيد عسكري مباشر وغير مباشر يطال محيطها الإقليمي.

وثانيًا تهيئة المسرح السياسي والعسكري في الصومال كقاعدة أو نقطة ارتكاز جديدة، قد تُستخدم في مرحلة لاحقة ضمن مخططات لإعادة رسم خرائط النفوذ في المنطقة، بل ويذهب البعض إلى القول إن هذه التحركات قد تتقاطع مع مشاريع مشبوهة تهدف إلى طرح الصومال كبديل جغرافي للفلسطينيين ضمن سيناريوهات “التوطين القسري”.

تصعيد محتمل

المخاوف لا تنبع فقط من التصريحات، بل من سياق التصعيد الإقليمي الأوسع، الذي يشمل حالة التوتر المستمرة بين الولايات المتحدة وإيران، وتنامي النفوذ الصيني والروسي في القارة الأفريقية، وكذا التطورات الجارية في اليمن، فضلًا عن الاشتباكات المستمرة بين قوات صنعاء والبحرية الأمريكية في البحر الأحمر.

ويخشى خبراء من أن يشكل أي تحرك عسكري أمريكي في الصومال فتيلًا لتفجير صراع واسع النطاق قد يمتد من القرن الأفريقي إلى الخليج العربي وإيران.

الأمن في مهب الريح

ويتمثل خطر التدخل الأمريكي الذي تسبب في تنامي الصراع مع قوات صنعاء في البحر الأحمر والعربي وخليج عدن من وجهة نظر -المراقبين- في إطار تداخل العوامل الجيواستراتيجية ” التي تقيد أو تؤثر على التخطيط العسكري والسياسي”، والعوامل الجيوبوليتيكية “البحث عن الاحتياجات التي تتطلبها الدول خارج حدودها”، حيث يمثل البحر الأحمر وخليج عدن مسرحًا مفتوحًا لصراعات النفوذ بين قوى دولية وإقليمية.

ومن شأن أي خلل في التوازن أن ينعكس بشكل مباشر على أمن الملاحة الدولية، وعلى استقرار الدول المحاذية لهذا الشريط البحري بالغ الحساسية.

التنافس الدولي واضطراب المنطقة

تبقى التساؤلات قائمة حول مدى جدية الإدارة الأمريكية في تنفيذ هذه التهديدات، خاصة في ظل التباين بين تعهدات ترامب السابقة في حملته الانتخابية بالعمل على إنهاء الحروب في العالم وبالأخص في أوكرانيا وغزة ولبنان وسوريا، والخط السياسي العدواني الحالي للإدارة الجمهورية بقيادة ترامب على كافة دول العالم.

لكن المؤكد أن الصومال، وباب المندب، والمنطقة برمتها، أصبحت مجددًا تحت مجهر التنافس الدولي، ما ينذر بمرحلة أكثر اضطرابًا في المشهد الإقليمي.

قد يعجبك ايضا