المصدر الأول لاخبار اليمن

“نتنياهو” بين يافا اليمنية و”الشرق الأوسط الجديد”.. رسائل القوة ومخاوف الزوال

 

تحليل/عبدالكريم مطهر مفضل/وكالة الصحافة اليمنية//

 

جاءت تصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” الأخيرة، حول هجمات قوات صنعاء وتغيرات الإقليم، لتكشف عن قلق سياسي متزايد يرافقه خطاب متعمد لفرض الهيمنة الإقليمية، وسط تزايد الضربات القادمة من خارج حدود فلسطين، وبروز فاعلين جدد في مشهد الصراع العربي-الإسرائيلي.

 

ضربات برموز فلسطينية

 

وبينما تتوالى الضربات التي تنفذها قوات صنعاء باتجاه عمق العدو الإسرائيلي في فلسطين المحتلة، مستخدمة طائرات مسيرة تحمل أسماء مدن فلسطينية محتلة مثل “يافا”، بدا “نتنياهو” في خطابه الأخير كمن يرسل إشارات مزدوجة: تهديد واضح، في مقابل اعتراف ضمني بتغير قواعد الاشتباك في المنطقة.

 

طائرة يافا المسيرة
طائرة يافا المسيرة

“يافا ليست محتلة”، قالها “نتنياهو” غاضبًا، في رد على تسمية الطائرة اليمنية، متناسيًا أن المدينة الفلسطينية الواقعة على ساحل المتوسط لا تزال واحدة من أبرز رموز النكبة، وأن إطلاق هذا الاسم يحمل رسالة تتجاوز البعد العسكري لتخترق الوعي السياسي والتاريخي للصراع.

حروب الجغرافيا والرموز

بعيداً عن فاعلية الضربة الجوية من صنعاء، فإن ردة فعل “نتنياهو” كشفت هشاشة قوات الاحتلال أمام معركة الرموز.. فـ”يافا” ليست مجرد اسم لطائرة مسيرة، بل استدعاء لذاكرة فلسطينية متجذرة وموجعة.. وفي الوقت الذي يسعى فيه “نتنياهو” لطمس هذه الرموز، يبدو أن خصومه في محور مقاومة القدس يستخدمونها كأدوات ضغط معنوي ونفسي.

تصريحاته عن “كسر محور الشر” لا تخرج عن دائرة الخطاب المألوف، لكنها هذه المرة ترافقت مع جملة شديدة الوضوح: “نحن نغيّر وجه الشرق الأوسط”، وهو ما يعيد للأذهان مصطلح “الشرق الأوسط الجديد” الذي ارتبط تاريخيًا بمشاريع تفكيك وإعادة هندسة المنطقة لصالح الأمن الصهيوني.

لكن ما بدا اعترافًا بواقع جيوسياسي تصنعه الحرب، يمكن قراءته أيضًا كإقرار بعمق المأزق الصهيوني، خاصة مع توسع الجبهات، من غزة جنوبًا، إلى لبنان شمالًا، فاليمن والعراق ضمنًا، وصولًا إلى تحركات البحر الأحمر ومضيق باب المندب.

هاجس الزوال والانهيار الداخلي

ورغم حديثه عن “عدم وقوع حرب أهلية في إسرائيل”، إلا أن تضمين “نتنياهو” لهذا التطمين في خطاب موجه للخارج والداخل، يعكس قلقًا من تفاقم الانقسامات داخل قطعان المستوطنين، لاسيما في ظل احتجاجات شعبية، وتوترات سياسية، وتراجع ثقة متزايد بحكومته.

أما تحذيره من “قيام أي خلافة على شاطئ البحر المتوسط”، فيبدو رسالة مبطنة للغرب، خاصة واشنطن، مفادها أن استمرار كيان الاحتلال كدولة صهيونية مدعومة غربيًا، يتطلب الحيلولة دون تمكين أي قوى إسلامية أو تحررية من الاستقرار في محيطها، حتى وإن كانت شرعية أو ذات قاعدة شعبية.

صنعاء تدخل المعادلة من بوابة الرمزية القتالية

تصريحات “نتنياهو” تضع صنعاء رسميًا في خريطة التهديدات المؤثرة على الأمن الصهيوني، بعد أن كانت وسائل الإعلام العبري تصفها مطلع طوفان الأقصى كمصدر دعائي أكثر من كونها فاعلًا عسكريًا حقيقيًا.. لكن مع الأيام وتكرار الضربات، ونجاح بعضها في تجاوز الدفاعات الجوية، يبدو أن المعادلة تتغير، وأن قوات صنعاء اكتسبت حضورًا لم يكن في الحسبان.

واختيار اسم “يافا” للطائرة المسيرة ليس عبثيًا.. هو استدعاء لتاريخ النكبة، ولإرث المدن الفلسطينية الساحلية التي اقتلعها كيان الاحتلال الإسرائيلي من الجغرافيا وأراد محوها من الوعي.. لكن يبدو أن هذا الوعي يعود الآن من باب اليمن.

 

قد يعجبك ايضا