تحليل/عبدالكريم مطهر مفضل/وكالة الصحافة اليمنية//
تتعرض مديرية بني حشيش، الواقعة شرق العاصمة اليمنية صنعاء، للاسبوع الثالث على التوالي لضربات جوية أمريكية مكثفة، ما يثير تساؤلات حول الأهداف الاستراتيجية لهذه العمليات في ظل التصعيد العسكري المستمر في المنطقة.
الأبعاد العسكرية والاستراتيجية
تُعد مديرية بني حشيش بوابة استراتيجية للعاصمة صنعاء، حيث كانت على مدى سنوات حرب التحالف على اليمن، خط الدفاع الأول أمام أي تحرك عسكري يسعى للوصول إلى العاصمة صنعاء من جهة الشرق.
وفي ظل التحركات الفاشلة لمجندي قوات التحالف من محافظة مأرب باتجاه مديرية نهم في عام 2015، تدافع أبناء قبيلة بني حشيش مع سائر القبائل اليمنية لإسناد قوات صنعاء في الدفاع عن العاصمة صنعاء، ما كبد قوات التحالف خسائر فادحة ومميتة تسببت بانهيارات عسكرية كبيرة بداية من الانسحاب من مديرية نهم وخسارة محافظتي الجوف والبيضاء بالكامل، إلى فقدان 12 مديرية من أصل 14 مديرية تابعة لمحافظة مأرب.
وتشير تقديرات الخبراء والمحللين العسكريين، إلى أن واشنطن، بعد فشل ضرباتها الجوية الأخيرة في تحييد قوات صنعاء عن إسناد قطاع غزة، لجأت للعمل على إعادة بث الروح تمهيد الطريق مجدداً أمام القوى الحليفة لها في اليمن لتنفيذ عمليات هجومية محتملة باتجاه شرق العاصمة صنعاء، على غرار ما حدث في سوريا نهاية العام الماضي.
كما رأى الخبراء، أن الاستهداف المتكرر لمديرية بني حشيش يعكس رغبة أمريكية في إضعاف القدرات الدفاعية للقوات الموالية لصنعاء، في مسعى أمريكي للضغط على صنعاء عسكريًا للحصول على مكاسب سياسية قد تساعدها في إحداث تغييرات في مواقف صنعاء، الدعمة لغزة.
الأهمية التاريخية والجغرافية لبني حشيش
قديماً تعتبر بني حشيش بوابة الدفاع الشرقية عن العاصمة صنعاء ويشهد لها التاريخ انها من ناصرت الإمام الهادي يحيى بن الحسين بن القاسم الرسي في الدخول نحو العاصمة صنعاء، كما ساهمت في التصدي للغزاة الأتراك، ودعم كافة الثورات التحريرية للعاصمة صنعاء.
وحديثاً لعبت بني حشيش دورًا محوريًا في التصدي للزحف العسكري للقوى التابعة للتحالف، منذ أن تقدمت الفصائل المدعومة من التحالف إلى مديرية نهم في 2015، حيث خرج أبناؤها للقتال جنبًا إلى جنب مع أبناء القبائل اليمنية لنصرة قوات صنعاء، مقدمين آلاف الشهداء دفاعًا عن العاصمة.
وبالتالي، فإن استهدافها اليوم يعكس إدراكًا أمريكياً واضحًا لدورها الحيوي في ميزان القوى العسكري.
الأبعاد السياسية والتوقيت الزمني
يأتي تصعيد العدوان الأمريكي على بني حشيش في وقت تتزايد فيه الضغوط الدولية على كيان الاحتلال لوقف عدوانه على غزة من جهة ومن جهة أخرى ضغوط دولية تحث الأطراف المتحاربة في اليمن للدخول في مفاوضات الحل النهائي، إلا أن الضربات الجوية على اليمن بشكل عام ومديرية بني حشيش بشكل خاص تشير إلى نية أمريكية لإعادة تشكيل المعادلة على الأرض قبل أي تسوية سياسية محتملة في غزة أو في اليمن والمنطقة.
وعلى ما يبدو، فأن تصعيد العدوان الأمريكي على مديرية بني حشيش الذي يتزامن مع تحركات مريبة واستعدادات ميدانية مكثفة للقوات الموالية للتحالف في مأرب، يُعد مؤشرًا على خطة أمريكية لعودة القتال في اليمن، وإعداد هجوم جديد، دُبر في ليل على العاصمة صنعاء من الجهة الشرقية.
النتائج المحتملة
-
تصعيد عسكري واسع النطاق: قد تؤدي هذه الضربات إلى ردود فعل قوية من قوات صنعاء، ما ينذر بجولة جديدة من التصعيد العسكري في المنطقة.
-
تعزيز اللجان الشعبية والمقاومة: نظرًا للخسائر التي تلحقها تلك الغارات بحياة وممتلكات سكان بني حشيش خلال الأيام الماضية، قد يدفع هذا العدوان أبناء المنطقة إلى مزيد من الاصطفاف مع قوات صنعاء لصد أي هجوم محتمل، ودعم جبهات التصدي للعدوان الأمريكي على اليمن وإسناد غزة.
-
تصعيد يمني: تمثل الضربات الجوية الأمريكية على بني حشيش بشكل خاص واليمن بشكل عام، تطورًا خطيرًا في مسار التصعيد العسكري، ما يضع اليمن أمام احتمالات تصعيد جديد من المواجهة مع الولايات المتحدة وكيان الاحتلال.