المصدر الأول لاخبار اليمن

هل ما زالت ذريعة الكيماوي القديمة تصلح لعدوان جديد على سوريا؟

تحليلات(وكالة الصحافة اليمنية)
تمرّ الأزمة السورية في الوقت الراهن بمجموعة من التحديات مركزها محافظة “إدلب” التي تتجه الأعين إليها في انتظار ما ستؤول إليه الأمور هناك على خلفية تصميم الجيش السوري على تحرير المدينة من الجماعات المسلحة التي ستدافع عن حصنها الأخير وسيدافع الغرب كذلك عن مشروعهم الأخير هناك بعد أن فشلوا في إحداث أي تغيير في جوهر الخارطة السورية، ومن هنا لا نستغرب ردود الأفعال المبالغ فيها من قبل الغرب والتكالب للدفاع عن الجماعات المسلحة وتوجيه تهم مسبقة “مسألة الكيماوي” إلى الحكومة السورية دون أن تكون مبنية على أي إثباتات، ولكن لكون الحكومة السورية تجتث آخر معاقل الإرهاب سنجد ردود أفعالهم هذه أمراً طبيعياً.

 

ما هي احتمالات الغرب لإيقاف الجيش السوري

 

لدى واشنطن والغرب عموماً عدة احتمالات سيبذلون قصارى جهدهم لتنفيذها في إطار إيقاف توجه الجيش السوري نحو إدلب، لكن الأخير لن يتراجع عن “تحرير إدلب” وبهذا يكون قد أنهى مسيراً طويلاً في الدفاع عن أرضه ووحدة تراب بلده، وبين الاحتمالين نجد أمريكا أكثر القلقين من القادم، خاصةً وأن روسيا هذه المرة أكثر صرامة في التصدي لأي محاولات لإعاقة تقدّم الجيش السوري نحو إدلب وكذلك الأمر بالنسبة للصين، وبالتالي سيكون من الصعب على أمريكا المغامرة، فهي لا تبحث عن مواجهة مباشرة مع موسكو في سوريا، لذلك ستحسب ألف حساب قبل ارتكاب أي حماقة في سوريا.

 

الذريعة المملة

 

ذريعة “استخدام الكيماوي” هي نفسها منذ عدة سنوات ولم يعد بإمكان واشنطن استخدام غيرها في ظل تدهور أوضاع المسلحين وانهياراتهم المتتالية في كل من ريف دمشق وحلب ودرعا وغيرها من المناطق، وجميع المحاولات المبذولة لإعادة انعاشهم باءت بالفشل، فمعاقل “المسلحین” انهارت برمتها مع قادتها الذين إما غادروا أو قُتلوا، ولم يبقَ في الميدان سوى “إدلب” وجماعاتها المسلحة التي بينها أخطر الجماعات الإرهابية في العالم ومصنفة على لوائح الإرهاب “جبهة النصرة” أحدها.

 

لأمريكا أتباع في إدلب مدربين بشكل جيد على تأزيم الأمور وإطالة أمدها أكبر قدر ممكن، ومن بين هؤلاء أعضاء منظمة “الخوذ البيضاء” المشهود لها بأيديها السوداء في سوريا والتي مارست أفعالاً لا تقل دناءة عن أي جماعة إرهابية مسلحة بدعم أمريكي – بريطاني – ألماني منظّم ومدروس وممنهج منذ العام 2003 أي منذ تأسيسها، وهذه محاولتها الأخيرة لإيقاظ روح الإرهاب في الجماعات الإرهابية من جديد، خاصة بعد أن غادر 800 شخص من أفرادها مع عائلاتهم إلى الأردن عبر “إسرائيل” ومنها إلى دول أوروبا التي تريد منحهم الإقامة هناك تكريماً لجهودهم في تخريب بلدهم.

 

والكلام عن هذه المنظمة لم يعد يقتصر على الصحف الروسية أو السورية بل الآن تجد الغرب وصحفييه يتحدثون عن خطورة هذه المنظمة ودورها في جلب العدوان الأمريكي – الغربي على سوريا، ولمن يذكر في يوم 14 نيسان/أبريل الماضي شنت أمريكا وفرنسا وبريطانيا هجوماً صاروخياً ضد سوريا، ردّاً على هجوم كيميائي مزعوم في مدينة دوما بالغوطة الشرقية، يوم 7 نيسان/أبريل عام 2018، ونفت السلطات السورية ضلوعها بذلك، فيما اعتبرت موسكو ذلك ذريعة مختلقة لتوجيه ضربات صاروخية من قبل أمريكا وحلفائها الغربيين ضد سوريا، لمصلحة الفصائل المتشددة، التي تعرضت لانهيارات وهزائم في الغوطة الشرقية.

 

في هذا الإطار قال موقع ورلد سوشاليست الأمريكي على لسان الكاتب “بيل فان اوكين”: الهدف من الحادث الملفق كما كان الحال مع حالات مماثلة في السابق، هو إثارة تدخل أمريكا وحلف الناتو، وردّت أمريكا بريطانيا وفرنسا بإطلاق أكثر من 100 صاروخ على أهداف متعددة في سوريا بعد أسبوع.

 

في دعوة أمريكا وحلفائها إلى فرض “منطقة حظر جوي” في سوريا، وهو تكتيك يتطلب احتلالاً عسكرياً هائلاً للبلاد ومن شأنه أن يزيد من خطر مواجهة عسكرية بين القوتين النوويتين الرئيسيتين في العالم، أمريكا وروسيا، وتظهر أشرطة الفيديو أعضاء من ذوي الخوذ البيضاء يحملون أسلحة مع قوات النصرة أي إنهم شاركوا في الفظائع ضد القوات الحكومية السورية.

 

وأضاف الكاتب: إن الخوذ البيضاء تتمتع بتمويل ضخم، وقد تم توجيه الكثير من الأموال من خلال المتعاقدين الذين يعملون لمصلحة الحكومتين الأمريكية والبريطانية.

خطة الخوذ البيضاء اليوم

ذكرت قناة “الميادين” أنه خلال العشرة أيام الماضية اختُطف أطفالاً بريف إدلب وحلب وحماة تمهيداً لاستخدامهم في مسرحية الكيماوي المرتقبة، وتفيد المعلومات بنقل عناصر “الخوذ البيضاء” لمواد من سجن جسر الشغور باتجاه مبنى قريب، بعد أن كشفت الميادين عن التجهيز لمسرحية الكيماوي في جسر الشغور.

 

في المقابل أعلن رئيس مركز المصالحة الروسي، أليكسي سيغانكوف، يوم الثلاثاء الماضي، أن أفراداً من “الخوذ البيضاء” نقلوا حمولة كبيرة من المواد السامة إلى مخزن في مدينة سراقب السورية يديره مسلحو “أحرار الشام”، وأضاف سيغانكوف: “في وقت لاحق، تم نقل جزء من الحمولة في براميل بلاستيكية من دون وضع علامات إلى نقطة أخرى في الجزء الجنوبي من محافظة إدلب لتنظيم استخدام الأسلحة الكيميائية واتهام القوات الحكومية في استخدام المواد السامة ضد المدنيين”.

 

الرد الأمريكي

 

أمريكا مستعدة للإجابة على ما مهدته لها “الخوذ البيضاء” فقد أفادت قناة “CNN” أن الخبراء والاستطلاعيين العسكريين في أمريكا وضعوا قائمة للأهداف المحتملة التي قد يتم استهدافها بضربة أمريكية جديدة على سوريا، ونقلت القناة الأمريكية عن عدد من المسؤولين في البلاد (الجمعة) أن “القائمة تشمل مواقع سوريّة تستخدم لإنتاج الأسلحة الكيماوية، مشيرة إلى أن أمريكا ستشن غارات على هذه الأهداف في حال إعطاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمراً مناسباً كردّ على تنفيذ النظام في سوريا هجوماً باستخدام المواد السامة”.

 

الغريب أن الجميع يعلم أن الحكومة السورية سلّمت ترسانتها الكيماوية منذ عدة سنوات، ولكن الهدف واضح من ذلك، وبناءً على النتائج يتضح أنه بعد كل ضربة كيميائية يتعرض الجيش السوري لضربات عسكرية، اللافت أن هذه الضربات تحصل في حين يتقدم الجيش السوري في عمليته العسكرية، وتكون الضربة الكيميائية مفتاح تعثّر للجيش السوري لا تقدم.

 

السؤال الأبرز الذي يطرح نفسه اليوم يتعلق بتنبؤ العديد من وسائل الإعلام، وبناءً على ما تطرحه جهات سياسية وعسكرية واستخباراتية حول هذا الموضوع بوقوع الحادثة قبل وقوعها، فهل هو ضرب المندل أم بناءً على وقائع.

قد يعجبك ايضا