لأن لكل ظالم نهاية فقد كان لا بد من أن يسقط قناع الزيف بأي طريقة وبأي ثمن، كذبة الرخاء والتنمية التي عاشها الشعب اليمني لأكثر من 33عام طوت صفحتها الحقيقة التي يعيشها الشعب اليوم، الشعب الذي وجد نفسه أمام حقيقة أن كل ما بني في الماضي بني على باطل أو شبه باطل، فمعظم مظاهر التنمية تتلاشى اليوم من تحت أقدام المواطنين وكأنها كانت تنجز فقط لخدمة الفاسدين الذين يربطون تاريخ صلاحية الانجازات الكرتونية بتاريخ وجودهم ومقابل تربعهم على عرش البلاد وتحكمهم بثرواتها.
بسقوط نخبة جديدة من نخب الفساد في اليمن تنفس اليمنيون الصعداء وشعروا بشيء من الراحة النفسية التي افتقدوها منذ عقود كما افتقدوا الكثير من حقوقهم وأحلامهم، نخبة المؤتمر الشعبي العام التي ظنت أنها لن تزول ولم تقبل بفكرة التغيير فقط بالماضي أضحت اليوم من الماضي نفسه.
لم تعتبر تلك النخبة من أخواتها اللاتي سقطن بفعل صخب وصراخ الشعب في العام 2014م في حوث والخمري وعمران والفرقة الأولى مدرع ، وظلت تمني نفسها بالأبدية، مع أن جزءً كبيراً من بنات حزبها قد وقعت في سوء أعمالها وفرت مستغيثة بالخارج مسلمة له أمر شرفها وكرامتها، تلك نتيجة طبيعية لكل من يتعالى على الشعب ويتكبر ويتجبر عليه أن يطأطأ رأسه للأعداء حتى لو كانوا أقزاماً.
النخبة التي حكمت اليمن ثلاثة وثلاثين عاماً بخداع الشعب والكذب عليه ظلت مخلصة للخارج وأدواته وملتزمة بقراراته ومعاهداته التي تمس بكرامة ومستقبل الشعب، ظلت تزيح الستار عن مشاريع لم تبتعد كثيرا عن حارات وقرى النخبة نفسها فيما ظل المواطن اليمني بعيداً كل البعد عن أي تنمية صحية أو تعليمية في ريفه وحضره.
ظلت توزع الوهم وتصبه في بطون الشعب الذي بقي كل تلك المدة مصنفاً ضمن البلدان التي تعيش تحت خط الفقر بالرغم مما تمتلكه أرضه من ثروات طبيعية وبشرية، وتخدع العالم بشيء من النهضة العمرانية والتنموية التي شيدتها تلك النخبة لأبنائها في أحياء العاصمة صنعاء من قصور وفلل وأبراج وطيرمانات.
اليوم تتجول كاميرات الاعلام في منازلهم ليتعرف عليها المواطن اليمني لأول مرة، ترف ما بعده ترف، وثراء ليس بعده ثراء، فبمجرد دخول بوابة القصر تفاجئك الحدائق التي اقتربت كثيرا من حدائق بابل، والقطع الأثرية المتناثرة داخل القصر وخارجه وكأنه متحف اللوفر، والكثير الكثير مما لا عين مواطن يمني رأت ولا أذن كائن بشري سمعت.
لم تدرك نخبة الفساد المزمنة بأن نهايتها اقتربت حتى بعد أن أصبحت تعيش بحماية بضعة أفراد يتم تدريبهم سريا، وهي النخبة التي كاد جندها بالأمس أن يبلغ المليون جندي مسخرين لحمايتهم وحماية أولادهم ومصالحهم المنتشرة في عواصم المدن، لتقع في شر أعمالها وتواجه مصيرها وحيدة بلا دعم عالمي ولا ألوية عائلية فتذهب في مهب الريح في لحظات معدودة .
أذن لهذا الشعب أن يسترح من جزء كبيرا وعميقا من الفساد الذي لطالما أكل الاخضر واليابس وصادر الماضي ولغم المستقبل.