كندا تسعى لعقد محادثات مع السعودية.. هل نجحت “دبلوماسية دفتر الشيكات”؟
تحليل : وكالة الصحافة اليمنية كشفت وكالة “بلومبرج” عن اتجاه كندا إلى بذل مساعٍ دبلوماسية لعقد محادثات مع السعودية على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الجاري. يأتي هذا بعد شهر من أزمة دبلوماسية وقعت نتيجة هبَة سعودية احتجاجية اعتراضًا على انتقادات كندا لأوضاع حقوق الإنسان في المملكة ومطالبتها بالإفراج الفوري عن […]
تحليل : وكالة الصحافة اليمنية
كشفت وكالة “بلومبرج” عن اتجاه كندا إلى بذل مساعٍ دبلوماسية لعقد محادثات مع السعودية على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الجاري.
يأتي هذا بعد شهر من أزمة دبلوماسية وقعت نتيجة هبَة سعودية احتجاجية اعتراضًا على انتقادات كندا لأوضاع حقوق الإنسان في المملكة ومطالبتها بالإفراج الفوري عن المدافعين والناشطين الحقوقيين المحتجزين في سجونها، ومن بينهم سمر بدوي.
كندا ليست استثناءً، ففي الساعات الماضية أظهرت وثائق حكومية موافقة ألمانيا على صفقة أسلحة للرياض بعد إعلانها في مارس الماضي تعليق بيع أسلحة للدول المتورطة في حرب اليمن. وعلى الوتيرة نفسها تراجعت إسبانيا عن موقفها أيضًا.
غصن زيتون كندي لتخفيف الانفجار الدبلوماسي
قالت “بلومبرج” إن كندا مدت غصن الزيتون إلى السعودية بعد انفجار دبلوماسي لترى إذا كان بإمكانها تجنب المواجهة المُطولة التي تؤثر على الشركات الكندية والطلاب السعوديين.
ورغم مرور الوقت، لم يحدث أي تطور فعلي في هذا الشأن، في وقت سيكشف الأسبوع المقبل مدى الضرر الذي سيطول العلاقات الكندية-السعودية، بحسب “بلومبرج”.
ونقلت الوكالة عن مسؤول حكومي كندي، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، قوله إن الكنديين يقترحون إجراء محادثات بين وزيري خارجية البلدين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
الشهر الماضي، رفض السعوديون ما اعتبروه تدخلًا في شؤونهم الداخلية، وطردوا السفير الكندي في الرياض، وقطعت العلاقات السياسية والتجارية والاستثمارية، إضافة إلى تجميد رحلات الطيران من البلدين وإليهما، وتم استدعاء الطلاب المبتعثين إلى أوتاوا.
وجمّدت السعودية أي صفقات جديدة للشركات الكندية العاملة في المملكة، مثل شركة SNC-Lavalin Group، ووقف ترتيب ترسل بموجبه الرياض آلاف الأطباء سنويًا، وتتولى تمويل بعثاتهم، وهو ما يعد جزءًا رئيسيًا من النظام الطبي في كندا.
“كان محمد بن سلمان يحاول إرسال رسالة مُفادها أنه لا ينبغي ألا يحترمه أي أحد”، تقول بلومبرج.
ولسوء الحظ، فإن العديد من الطلاب السعوديين الذين كانوا في كندا يدفعون ثمنًا باهظًا (نتيجة لما حدث)، قال بول سوليفان، المتخصص السعودي في جامعة جورج تاون في واشنطن.
تأثر الشركات الكندية على المدى الطويل
في كندا، لا يتوقع أحد أن يكون لتجميد الاستثمارات السعودية تأثير كبير، فيما شكل النفط 99% من الواردات الكندية من السعودية في عام 2017، حسب إحصاءات كندية.
في حين قالت “بلومبرج” إن أي تجميد في الصفقات التجارية قد يكون له تأثير على المدى البعيد. ونقلت عن مسؤول حكومي كندي قوله إن 4 شركات كندية على وجه الخصوص قد تتأثر، هي: الشركة الهندسية SNC-Lavalin وعملاق صناعة الأسلحة الدفاعية General Dynamics Corp، وشركة أدوية Apotex Inc، وشركة أغذية McCain Foods Ltd.
وكشف مسؤول آخر أن صفقة الأسلحة التي أبرمتها أوتاوا مع الرياض بقيمة 15 مليار دولار كندي (12 مليار دولار) لا تزال سارية التنفيذ، على الرغم من غضب البعض في حكومة رئيس الوزراء جاستن ترودو.
وتعد السعودية واحدة من الأسواق النامية الرئيسية لأدوية “أبوتكس”، وفقًا لمُتحدثها، جوردن بيرمان، الذي قال في بيان إن الخلاف مع كندا “كان له أثر كبير وسلبى على أعمالنا”، مضيفًا أن الشركة كانت أسرع شركات الأدوية العامة نموًا فى المملكة.
استعراض عضلات سعودي.. وكندا تطرق الأبواب الخلفية
استخدم السعوديون كندا في استعراض عضلاتهم والترويج لعلامتهم التجارية الجديدة “دبلوماسية دفتر الشيكات”، حسب تعبير “بلومبرج”، في إشارة إلى دور المال في لجم انتقادات الدول الكبرى للمملكة، لا سيما فيما يتعلق بأوضاع حقوق الإنسان.
وأشارت الوكالة إلى أن الخلاف مع السعودية كان أحدث علامة على اضطراب السياسة الخارجية لحكومة جاستن ترودو، الذي اعتاد الحديث عن القيم الإنسانية في الخارج.
وسبق أن غضبت الصين والهند من نبرة الزعيم الليبرالي الكندي، المُدافع عن حقوق النساء والأقليات، والذي لا يخشى أن يضع أنفه في نزاعات مع بلدان كبرى، من حيث الاقتصاد والسكان والقوة العسكرية.
كانت تغريدات السفير الكندي في الرياض عن الناشطة السعودية في مجال حقوق المرأة سمر بدوي، وأخرى من وزيرة الخارجية، كريستيان فريلاند، قد أشعلتا العداء بين البلدين.
في السياق نفسه، قال مسؤول كندي إن بلاده عملت بشكل غير رسمي من خلال القنوات الخلفية لتهدئة الخلاف. وقال أليكس لورانس، المتحدث باسم الحكومة، في بيان يوم الأربعاء، إن الدبلوماسيين الكنديين والوزيرة فريلاند “يواصلون التماس الوضوح من السعودية”.
وأضاف: “ستدافع كندا دائمًا عن حقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق المرأة وحرية التعبير. لن نتردد أبدًا في الترويج لهذه القيم في الأماكن العامة والخاصة”.
ضربة للقضية الأكثر إلحاحًا
ترى “بلومبرج” أن القضية الأكثر إلحاحًا في كندا هي برنامج تموله السعودية يضع طلاب الطب السعوديين في المستشفيات الكندية كمقيمين وزملاء، رغم منح 1000 طبيب سعودي مهلة شهر لمغادرة البلاد.
وعلى الرغم من أنه سيسمح لهم بالبقاء حتى يتم بحث ترتيبات جديدة، لا يزال مصير برنامج العام المقبل غامضًا. وكانت المعلومات الواردة من المبتعثين السعوديين متفرقة وغير محددة.
وبعد يوم واحد من التقارير الأولية للمهلة، قال المكتب الثقافي السعودي في كندا إن جميع الطلاب يجب أن يغادروا في 22 سبتمبر. وقد رفض المكتب التعليق عندما تواصلت معه “بلومبرج” هاتفيًا.
وقال أندرو بادموس، الرئيس التنفيذي للكلية الملكية للأطباء والجراحين الكندية، في بيان: “من غير الواضح ما إذا كان السعوديون الذين من المقرر أن يبدأوا بعثاتهم العلمية في كندا هذا العام سيتمكنون من ذلك… ورغم هذا فإن الحديث عن تمديد أجل مغادرتهم يعتبر “أخبار إيجابية للمدارس الطبية الكندية”.
ويعتمد النظام الطبي في كندا على طلبة الدراسات العليا في كلية الطب في السعودية، والتمويل الذي يجلبونه معهم، من أجل رعاية المرضى والأبحاث، وفقاً لنادية علم، رئيسة جمعية أونتاريو الطبية.
“هذا التأثير ضخم ومتعدد المستويات… المستشفيات الصغيرة ضعيفة وغياب فرد واحد سيسبب أزمة في الموارد البشرية الصحية”، تقول عَلم لافتةً إلى أن: “الرعاية الصحية ليست لعبة. ومن المؤكد أنه لا ينبغي أن تكون ذات علاقة بالسياسة”.
المصدر: رصيف 22