المصدر الأول لاخبار اليمن

محاولات جيبوتي تخطي الأزمة مع “موانئ دبي” تثير قلق واشنطن

تقرير//وكالة الصحافة اليمنية// في الأسبوع الماضي، صعدت جيبوتي من نزاعها الذي طال أمده مع “موانئ دبي العالمية”، وهي هيئة تشغيل الموانئ المملوكة للدولة في دبي، في الوقت الذي تسعى فيه الدولة الصغيرة، الواقعة شرق أفريقيا، إلى إلغاء أحد مراكز الشحن الرئيسية للإمارات العربية المتحدة خارج البلاد.     وللوهلة الأولى، قد يبدو الأمر أكثر من […]

تقرير//وكالة الصحافة اليمنية//
في الأسبوع الماضي، صعدت جيبوتي من نزاعها الذي طال أمده مع “موانئ دبي العالمية”، وهي هيئة تشغيل الموانئ المملوكة للدولة في دبي، في الوقت الذي تسعى فيه الدولة الصغيرة، الواقعة شرق أفريقيا، إلى إلغاء أحد مراكز الشحن الرئيسية للإمارات العربية المتحدة خارج البلاد.

 

 

وللوهلة الأولى، قد يبدو الأمر أكثر من مجرد دولة ناشئة طموحة تحاول أن تحرر نفسها من عقد مقيِد. ولكن في الواقع، فإن للخلاف تداعيات جيوسياسية كبيرة، خاصة بالنسبة للولايات المتحدة.

ومن خلال “إرغام أنف” موانئ دبي العالمية، تهدد جيبوتي بالإخلال بتوازن القوى في واحدة من أكثر مناطق العالم حساسية سياسيا، وتعطي دفعة كبيرة للصين، في وقت تغذي فيه “الصقيع” بين واشنطن وبكين خلال الحديث عن حرب باردة جديدة.

 

 

وتحاول جيبوتي التخلص من “موانئ دبي العالمية” منذ شهر فبراير/شباط، عندما أنهت عقد الشركة المشترك في محطة الحاويات التابعة لها، وتولت السيطرة بدلا منها. ومنذ ذلك الحين، حصلت “موانئ دبي العالمية” على أمر قضائي من محكمة بريطانية حكمت بأن الإجراء الجيبوتي كان غير قانوني، وفازت بحكم منفصل من المحكمة العليا في لندن، مما منع حامل أسهم الأغلبية في ميناء “دوراليه”، “ميناء جيبوتي”، من إخراجها. ومع ذلك، ردت حكومة جيبوتي بتأميم شركة “ميناء جيبوتي”، مما جعل “دوراليه” خارج اللعبة التجارية.

 

 

ويقول المسؤولون في إحاطة نيابة عن رئيس جيبوتي، “إسماعيل عمر جيلة”، إن الحكومة تحاول ببساطة حماية “السيادة الوطنية والاستقلال الاقتصادي”. وتتسق المعركة مع “موانئ دبي العالمية” بالتأكيد مع سياسة “جيله” الاقتصادية العدوانية، التي تسعى لاستغلال موقع جيبوتي باعتباره بوابة إلى البحر الأحمر وقناة السويس. وتتجه تقريبا كل التجارة البحرية بين أوروبا وآسيا، والتي تبلغ قيمتها نحو 700 مليار دولار سنويا، نحو جيبوتي في طريقها، وتريد إدارة حكومة “جيله” تحويل جيبوتي إلى مركز تجاري إقليمي، لا يختلف في الواقع عن دبي. وقد أطلقت نوبة من المشاريع التنموية، وفتحت 3 موانئ جديدة في العام الماضي وحده، وأنشأت مركزا جديدا ضخما للتجارة الحرة في محطة “دوراليه” المتنازع عليها، والتي من المتوقع أن تكون أكبر منشأة في أفريقيا.

 

 

يد خفية

لكن خلف خطاب حكومة جيبوتي، من الواضح أن هناك تأثير ليد خفية، قد تشير إلى بكين. وتقوم الصين ببناء شبكة تجارية عالمية من خلال برنامجها الاستثماري “حزام واحد، طريق واحد”، الذي تبلغ تكلفته تريليون دولار، وتعتبر جيبوتي قطعة أساسية من قطع البرنامج، وهي قناة إلى أفريقيا، وبالتحديد إلى إثيوبيا، إحدى وجهات الاستثمار الرئيسية. ولقد أقرضت البنوك الصينية جيبوتي أكثر من 1.4 مليار دولار في العامين الماضيين، وأكثر من 75% من ناتجها المحلي الإجمالي، ومولت عددا من مشاريع البنية التحتية، لا سيما خط السكك الحديدية إلى أديس أبابا. وبشكل حاسم، تم بناء منطقة التجارة الحرة الجديدة في “دوراليه” بالأموال والقوة البشرية الصينية، وسيتم تشغيلها في مشروع مشترك مع شركة “الصين التجارية القابضة” المملوكة للدولة.

 

 

ولا يثير الدهشة أن هذا أثار غضب “موانئ دبي العالمية”، التي هددت الصين باتخاذ إجراءات قانونية بشأن ما تعتبره محاولة لإخراجها من صفقة “دوراليه”. لكن الاستياء لا يقتصر فقط على دبي، فهناك مخاوف أيضا في واشنطن، حيث ناقش المشرعون بقلق احتمال منح “جيله” ميناء “دوراليه” بأكمله إلى الصين كهدية. لكن الأمر أكثر من كونه مسألة تجارية، فقد قامت الصين بالفعل ببناء قاعدة عسكرية في “دوراليه”، بجوار محطة الحاويات، ويسبب هذا مشاكل للولايات المتحدة، التي تقع منشآتها العسكرية، في معسكر “ليمونيه” الضخم، على بعد مسافة قصيرة سيرا على الأقدام.

 

 

دبلوماسية الديون

وتصر الصين بالطبع على أن مبادرة “حزام واحد، طريق واحد” هي ببساطة عبارة عن بناء شبكة تجارية تتماشى مع حداثة القرن الحادي والعشرين، ويؤكد الرئيس “شي جين بينغ” أنه سيعامل جيبوتي كشريك على قدم المساواة. ولكن بالنسبة إلى المنتقدين، فإن توسع الصين في جيبوتي ذو أغراض استعمارية، حيث تغري بكين “شريكها” الأكثر فقرا للوقوع في فخ الديون بقروض رخيصة، قبل أن تستحوذ على الأصول ذات الأهمية الاستراتيجية في تلك البلد بداعي سداد الديون.

وقد أسفرت هذه المحبة المغلفة كهدية عن عدد من المرافق الأجنبية الرئيسية، لا سيما ميناء “هامبانتوتا” في المحيط الهندي، الذي استحوذ عليه التجار الصينيون بشراسة وفق عقد إيجار مدته 99 عاما، بعد أن تورطت الحكومة السريلانكية في ذلك في إطار خطة سداد الديون الصينية.

 

 

ومع ارتفاع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في جيبوتي بالفعل إلى 85%، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى القروض الصينية، فمن السهل معرفة السبب الذي يجعل النقاد يعتقدون أن “دوراليه” ستذهب بنفس الطريقة. وإذا ما حدث هذا، فسوف يكون هذا كارثيا بالنسبة للولايات المتحدة، التي انتقدت الصين بالفعل بسبب توجيه أشعة ليزر عسكرية باتجاه طياريها المقاتلين فوق جيبوتي. ويخشى القادة العسكريون الأمريكيون من أنه إذا سيطرت الصين سيطرة كاملة على دوراليه، فقد تمنع السفن الأمريكية من التزود بالوقود هناك، مما يفرض فعليا خنقا على معسكر “ليمونيه”.

 

 

وبينما يسعى “دونالد ترامب” إلى الضغط على الصين بجولة جديدة من العقوبات، فإن هذا التهديد غير مرحب به على وجه الخصوص، وقد يعمل على تقويض نفوذ واشنطن في مواجهتها العميقة مع بكين. والأكثر من ذلك، أنه يأتي في وقت تتعرض فيه الحكومة الصومالية لخطر الانهيار، وتستمر الحرب الأهلية اليمنية مشتعلة، في صراع بالوكالة بين المملكة العربية السعودية، بمساعدة أمريكية، وإيران. ويعد معسكر “ليمونيه” نقطة انطلاق لكل من الصومال واليمن. وتحتاج الولايات المتحدة إلى الوصول الكامل وغير المعوق إلى معسكر “ليمونيه”، الآن أكثر من أي وقت مضى.

 

 

وقد يدعي “جيله” وزملاؤه أن انخراط الصين المتنامي لا يشكل أي خطر على الولايات المتحدة، ولكن من المستبعد أن يقنع هذا الإدارة الأمريكية. وبعد أعوام من تشجيع القوى الأجنبية لإقامة معسكرات في البلاد، وضعت جيبوتي قنبلة موقوتة على أرضها، وهي الآن تحتفظ بمشعل الفتيل في يدها. وقد يقترح البعض أن جيبوتي صغيرة للغاية لإشعال مواجهة بين الولايات المتحدة وعدوها الشرقي. ولكن لو نتذكر، فقد قالوا الشيء نفسه عن “خليج الخنازير” (محاولة انقلاب فاشلة في كوبا دعمتها المخابرات الأمريكية).

قد يعجبك ايضا