الخليج//وكالة الصحافة اليمنية//
عندما قام الرئيس الامريكي “دونالد ترامب”، وملك السعودية “سلمان بن عبدالعزيز” والرئيس المصري “عبدالفتاح السيسي”، بوضع أياديهم على كرة أرضية متوهجة في الرياض العام الماضي، أثارت هذه اللفتة المسرحية الحيرة والسخرية، ولكن يبدو أن هذه الكرة قامت ببعض السحر فعلاً.
ففي 28 سبتمبر/أيلول التقى وزير الخارجية الأمريكي “مايك بومبيو”، مع ستة من نظرائه من مجلس التعاون الخليجي، وكذلك نظيريه في مصر والأردن، وأكدوا أنهم سيشكلون “تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي”، الذي ادعوا أن أهدافهم تشمل الحد من الإرهاب وتهدئة الوضع في سوريا، لكن أوليته كانت واضح و هي وقف انشطة ايران التهديدية لوجود الاحتلال الاسرائيلي في المنطقة”.
وقام المسؤولون الأمريكيون والعرب المتحمسون – الذين يخططون لعقد قمة في يناير/كانون الثاني- بإطلاق اسم “الناتو العربي” على تحالفهم هذا، ومن المقدر أن الإنفاق الدفاعي السنوي للحلف المنتظر سيتخطى 100 مليار دولار وسيشمل أكثر من 300 ألف جندي و5000 دبابة و1000 طائرة مقاتلة، لكن من غير المرجح أن يرقى هذا التحالف إلى اسمه المستعار. وربما لن يعتمد التحالف مبدأ أن الهجوم على واحد من دول الحلف هو هجوم على الجميع، وهو مبدأ مقدس في نظيره الغربي، قبل أن يقوضه “ترامب”، علاوة على ذلك، انتهت الجهود السابقة للوحدة العسكرية العربية بخيبة أمل.
وتعرضت الائتلافات العربية للإذلال في كل حروبها مع “إسرائيل”، وبعد وقت قصير من تشكيل مجلس التعاون الخليجي في عام 1981، تم إنشاء قوة درع الجزيرة التي لم تثبت أنها عديمة الفائدة فقط في حرب الخليج، ولكن في العام التالي الذي قاتلت فيه القوات السعودية والقطرية بعضها البعض في اشتباكات حدودية. وفي عام 2014 تم إحياء فكرة القيادة المشتركة لمجلس التعاون الخليجي، لكنها لم تثمر إلا القليل.
تكمن إحدى المشاكل في أن الدول الأصغر تخشى التخلى عن السيطرة لجيرانها الأكبر، وفي الستينيات كانت مصر التي تسببت في التوتر، أما اليوم فهي السعودية، التي يحكمها فعلياً ولي عهدها الأهوج “محمد بن سلمان”. ويعد هوس السعوديين بإيران مصدرا آخر للقلق، ورغم أن الإمارات تتشارك مع السعودية في هذه الرؤية إلا أن الكويت وعمان أكثر تفاؤلاً إزاء “التهديد” الذي تشكله إيران.
وتكمن المشكلة الثالثة في أن العديد من الدول العربية تلقي باللائمة على الخصوم الأجانب في المشاكل الداخلية، مثل الاحتجاجات والإرهاب بما يهدد استخدام القوة المنتظرة في قمع المعارضين، لكن حتى “ترامب” قد لا يكون حريصاً على مساعدة حلفائه الأوتوقراطيين في إخماد المعارضة باسم الدفاع.
لكن أكبر عقبة في طريق تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي هي النزاع بين الدول العربية نفسها.
ومنذ أكثر من عام، فرضت كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر حصارا على قطر بسبب مواقفها المختلفة معهم، وأنهى الحصار التعاون العسكري في الخليج، وانسحبت أمريكا من التدريبات مع حلفائها الخليجيين في أكتوبر/تشرين الأول الماضي لتشجيعهم على الوحدة.
ومن المحتمل أن يحاكي تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي المخططات الدفاعية الأخرى التي لم تحظ بما يكفي من الدعم، بداية من مجلس الدفاع المشترك التابع لجامعة الدول العربية في عام 1950 إلى تحالف مكافحة الإرهاب الإسلامي العسكري في السعودية عام 2015.
ويقول “إيميل حكيم” من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، وهي مؤسسة فكرية في لندن: “كل بضعة أعوام يأتي شخص ما بفكرة كبيرة، ويعمل الناس بجنون لمدة عام، وينتهي الأمر بمبنى جديد لامع وسطح من شرائح الباور بوينت”.
ويبقى الأمر الأهم من أي كتلة متعددة الأطراف هو التزام أمريكا تجاه المنطقة، وهنا تظهر الفجوة بين الكلمات والأفعال.
وتعهدت أمريكا بالاحتفاظ بقواتها في سوريا طالما ظلت إيران تعمل هناك، لكن لم يكن هناك أي حاملة طائرات أمريكية في الخليج لمدة ستة أشهر، وهو أطول غياب منذ 20 عامًا.
وفي الشهر المقبل، ستسحب أمريكا أربع بطاريات للدفاع الصاروخي من البحرين والأردن والكويت، في ذات الوقت الذي تهدد فيه إيران بهجمات صاروخية على عواصم الخليج بعد استهداف الحرس الثوري في الأهواز، حيث يريد وزير الدفاع “جيمس ماتيس”، خفض البصمة العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط بعد 17 سنة من الحرب المستمرة، بينما من المحتمل أن يظهر “ترامب” المزيد من الحماس لبيع الأسلحة إلى حلفائه العرب أكثر من الخوض في ميدان المعركة بجانبهم.