السعودية.. جيش بلا فاعلية وطموحات عسكرية بعيدة عن الواقع
وكالة الصحافة اليمنية:
الفيديو الأخير الذي تداولته وسائل إعلام سعودية تحت عنوان “قوة الردع” عكس حقيقة الصراع الدائر بين المملكة السعودية والجمهورية الإيرانية على النفوذ في منطقة الشرق الأوسط، لكن ورغم ان الفيديو المتداول لم يبتعد عن كونه نوع من ألعاب الفيديو التي تتحدث عن حروب افتراضية بعيدة عن الحقيقة والمعارك والحروب العسكرية التي تدار على أرض الواقع إلا ان الترويج له عبر وسائل الاعلام السعودية جسد مدى الضعف الذي تعاني منه المملكة وعكس محاولاتها البائسة لإظهار قوة ما تزال بعيدة بل وتعجز عن امتلاكها..
ويرى الخبراء أن المملكة العربية السعودية لم تكن لتدخلَ حروبًا عسكرية ودبلوماسية كما في اليمن، ومقاطعة قطر، واستقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، لولا أنها تستهدف بذلك الحد من تأثير إيران في المنطقة، غير أن عدم فاعلية جيشها يحد من تلك الطموحات، على الرغم من أنها واحدة من أكبر الدول المنفقة على الدفاع في العالم، وفق تقرير لموقع “بيزنس إنسايدر” الأمريكي.
في العام الماضي، كانت المملكة العربية السعودية رابع أكبر منفق على المنتجات الدفاعية في العالم، خلف روسيا، ووفقا لشركة آي.إتش.إس جين، البريطانية المتخصصة في شؤون الجيش والفضاء والنقل، كانت المملكة العربية السعودية أكبر مستورد للأسلحة في العالم في عام 2014.
وتظهر بيانات معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام أن السعودية كانت ثاني أكبر مستورد للأسلحة في عامي 2015 و2016. وقد زادت واردات الأسلحة إلى المملكة بأكثر من 200% منذ عام 2012، وفقا للمعهد.
وبحسب التقرير فإن عدم فاعلية المملكة السعودية، ليست بسبب المعدات، فالأسلحة التي يتم شراؤها ليست منخفضة الجودة، بل إن معظمها من الشركات الأمريكية (13% من صادرات الأسلحة الأمريكية في عام 2016 توجهت إلى المملكة)، وكانت شركات من المملكة المتحدة وإسبانيا ثاني وثالث أكبر البائعين للمملكة.
كما تشمل ترسانة سلاح الجو الملكي السعودي مقاتلات تايفون الاكثر تقدما في الجيوش الأوروبية، فضلا عن مقاتلات F-15 الأمريكية، ملكة السماء بلا منازع لمدة ثلاثة عقود، إضافةً إلى النموذج الخاص بهم من مقاتلات F-15SA (السعودية المتقدمة)، التي بدأ تسليمها هذا العام.
وتشمل القوات البرية الملكية السعودية، كل شيء من دبابات أبرامز M1A2، ومدرعات M2 برادلي، إلى مقاتلات أباتشي لونغبو AH-64D، ومروحيات UH-60 من طراز بلاك هوك، وتقريبا كل سفن البحرية السعودية أمريكية الصنع، مع أحدث الفرقاطات، المعدلة من الفرقاطة الفرنسية من طارز “لا فاييت”.
ومع كل تلك الأسلحة التي تؤكد أن المملكة واحدة من أفضل الدول المجهزة عسكريا في العالم، فإن الجيش السعودي لا يلقي الرعب في قلوب أعدائه، ويقول مايكل نايتس، وهو زميل بارز في معهد واشنطن المتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية في العراق وإيران والخليج الفارسي، أنه لا أحد في الأركان العامة الإيرانية يخشى مواجهة المملكة على الأرض”، لافتًا إلى أن الحرب في اليمن، كشفت أوجه القصور في جيشها ضد عدو مثل إيران.
ويضيف الخبير العسكري أنه ليس أدل على أوجه القصور في الجيش السعودي مما يحدث في اليمن، فبعد ثلاث سنوات تقريبا من شن الحرب بدعم من دول خليجية وعربية أخرى، لا يزال “أنصار الله” نشطين، ويواصلون السيطرة على العاصمة، صنعاء.
وبالإضافة إلى ذلك، أثبت أنصار الله قدرتهم على شن هجمات صاروخية خطيرة على الحدود السعودية، والسفن البحرية الإماراتية والسعودية، فضلا عن إطلاق الصواريخ الباليستية إلى قلب المملكة، وقد اعترف وزير الخارجية السعودية في مقابلة تلفزيونية مع قناة فرنسا 24 بأن أنصار الله اطلقوا نحو 80 صاروخًا على المملكة.
وعن عجز السعودية رغم امتلاك هذه الترسانة العسكرية عن تحقيق أي انتصار حتى الآن في اليمن،
يقول الخبراء إن الجيش السعودي يواجه مشكلتين رئيسيتين، أولها أنه كبير جدا، مما يجعله أكثر عرضة للقضايا التنظيمية والجودة، ثانيًا أن الترسانة العسكرية السعودية مصممة لخوض حروب تقليدية كبيرة بدلا من الحروب بالوكالة في القرن الـ 21.
السعودية تواجه مهمة صعبة في اليمن، إذ إن “أنصار الله” قوة قتالية مدربة تدريبًا جيدًا وممولة تمويلًا جيدًا ومزودة تجهيزًا جيدًا، ولكي تتمكن من الفوز في ساحة المعركة عليها أن تنشر قواتٍ برية كبيرة في اليمن، لأن الحملة الجوية وحدها لن تحقق النصر، خصوصًا أنهم يظهرون كمدنيين، وفقا للخبير مايكل نايتس.
ويقدر نايتس أن المملكة بحاجة إلى إدخال نحو 10 آلاف إلى 20 ألف جندي ليكون لها التأثير المطلوب، لكنها لم تفعل ذلك حتى الآن على الأرجح لأنها تعلم أنها “تعاني من نقاط ضعف كبيرة، مثل نقص المعدات اللوجستية والخبرة اللازمة لتنفيذ هذه الحملة، بحسب الخبير.
ويضيف نايتس: “ليس لديهم الخبرة الكافية لتنفيذ العمليات الاستطلاعية، فالقوات البرية السعودية ككل غير مدربة بشكل جيد بما يكفي لتنفيذ عمليات واسعة النطاق، وبالتالي فإن أي دخول بري في اليمن قد يسبب ضررا أكثر مما ينفع.
وقال بلال صعب، وهو زميل كبير ومدير برنامج الدفاع والأمن في معهد الشرق الأوسط، إن “السعودية تفهم الضرر المحتمل لقواتها البرية، ولذلك لن تنشر فرقا كبيرة من القوات البرية لأن عدد ضحاياها سيكون كبيرًا، فضلا عما يسببه من أضرار هائلة في اليمن”.
وبحسب الخبير فإنه لكي تنتصر المملكة في الحرب عبر جماعات مدربة ومنظمة بشكل جيد مثل “حزب الله” في لبنان و”أنصار الله” في اليمن وقوات الحشد الشعبي في العراق، فإنها تحتاج إلى تقليص حجم جيشها، والتركيز على جودة التوظيف والتدريب، وتوفير تدريب قتالي مع حلفاء محليين.
وعلي ذكر الحلفاء، يقول ميسم بهرافيتش الباحث في مركز الدراسات الشرق أوسطية (سمس) إنه لا يمكن للسعودية أن تخوض حربًا ضد إيران، لأنّ حلفاءها -مثل أمريكا وإسرائيل- ليسوا على استعداد لتقديم تضحيات كبرى بالنيابة عنها ما دامت مصالحهم الاستراتيجية الخاصة لا تتعرّض إلى الخطر بشكل مباشر.
ويضيف الكاتب في مقال على موقع “ميدل إيست آي” أن السعودية تركت وحدها في نهاية المطاف للتعامل مع طهران، ما يقودها إلى الحل الوحيد المقبول لمشكلاتها مع إيران، وهو الدبلوماسية، لافتًا إلى أنه يتعين على القوتين إدراك أنه لا يمكن لأيّ منهما أن يحكم المنطقة على حساب الآخر.