“لوب لوج”: اختفاء خاشقجي يكذب رواية الإصلاح السعودي
الخليج//وكالة الصحافة اليمنية// يلقي اختفاء “جمال خاشقجي” واحتمال مقتله وتقطيع أوصاله الضوء على أكاذيب “الإصلاح” التي أطلقها “محمد بن سلمان” في حديثه حول ما يسمى بانفتاح المجتمع السعودي. ويظهر موقفه “الأخرق” وأفعاله الشريرة تجاه المعارضين السعوديين المسالمين والمدافعين عن حقوق الإنسان داخل وخارج المملكة العربية السعودية عدم تسامحه المطلق مع كل أولئك الذين يتجرأون على […]
الخليج//وكالة الصحافة اليمنية//
يلقي اختفاء “جمال خاشقجي” واحتمال مقتله وتقطيع أوصاله الضوء على أكاذيب “الإصلاح” التي أطلقها “محمد بن سلمان” في حديثه حول ما يسمى بانفتاح المجتمع السعودي. ويظهر موقفه “الأخرق” وأفعاله الشريرة تجاه المعارضين السعوديين المسالمين والمدافعين عن حقوق الإنسان داخل وخارج المملكة العربية السعودية عدم تسامحه المطلق مع كل أولئك الذين يتجرأون على التشكيك في سياساته الداخلية والخارجية.
وكتب الكثيرون العام الماضي حول أن شدة رد فعل “بن سلمان” تجاه المعارضين وعائلاتهم يعزى إلى إدراكه الدقيق أنه يملك الرئيس “دونالد ترامب”، وصهره “جاريد كوشنر”، “في جيبه”.
وعلى الأقل، يعتقد الحاكم الفعلي للسعودية أن “ترامب” أسقط ملف حقوق الإنسان من حساباته في السياسة الخارجية، وأصبح أكثر دعما لحكم الرجال الأقوياء المستبدين، بمن في ذلك “بن سلمان” ونظرائه في الدول العربية المجاورة. وبناء على ذلك، يقتنع “بن سلمان” بأن قمعه الدموي للمعارضين، بمن فيهم النقاد المخلصون مثل “جمال خاشقجي”، لن يكسبه أي ضرر في علاقته بـ “ترامب” وإدارته.
وإذا تم تأكيد اغتيال “خاشقجي” داخل القنصلية السعودية في تركيا، فسيكون ذلك مؤشرا على أن “بن سلمان” ليس أكثر من مجرّد متهور عازم على الانتقام من أي شخص يجرؤ على التشكيك في حقه الموروث في الحكم، وحريته في القيام بما يريد داخل المملكة العربية السعودية وفي الجوار.
ويتم تسهيل وصول أجهزة الأمن السعودية منذ وقت طويل للمعارضين السعوديين في الإمارات العربية المتحدة ومصر والبحرين، وغيرها من البلدان العربية، عبر دعم تلك الدول للسياسات القمعية لـ “بن سلمان” بسبب الفوائد الاقتصادية التي تجنيها تلك الدول من السخاء السعودي.
لكن ما يزعجنا بشكل أكبر هي حقيقة أن هجماته ضد المعارضين السعوديين في تركيا والولايات المتحدة وكندا وأوروبا، ودول غربية أخرى، عبر عمليات الاختطاف والتهديد وإساءة معاملة أقارب المعارضين، قد قوبلت إلى حد كبير بصمت وببضع بيانات من الرثاء والنفاق.
وتعبر رسالة “بن سلمان” إلى الدول المجاور التي يحكمها المستبدون هي أن قمع المعارضة – بما في ذلك الاغتيال – مسموح به، وأن منظمات حقوق الإنسان الإقليمية عاجزة عن وقفها، وأن الدول الغربية، بما فيها الولايات المتحدة، تهتم أكثر بمصالحها الاقتصادية بما في ذلك مبيعات الأسلحة بدلا من حقوق الإنسان.
ووفقا لبيان “ترامب” الأخير، طالبت واشنطن المملكة العربية السعودية بإعلان تفاصيل حول مصير “جمال خاشقجي”. فهل ستستخدم إدارة “ترامب” قدراتها الدبلوماسية والإستخباراتية لفحص الأدلة التي توصلت إليها تركيا بالفعل حول تورط السعودية في الخطف والقتل الظاهر لـ “خاشقجي”؟ وإذا كانت تقارير المخابرات التركية صحيحة فيما يتعلق بوصول فريق سعودي إلى تركيا تحت غطاء دبلوماسي قبل دخول “خاشقجي” إلى القنصلية السعودية، ومغادرة الفريق من تركيا بعد ساعات قليلة من اختفائه الغامض، فهل سيوجه “ترامب” تجاه مساءلة السعودية بشأن الجريمة؟ هنا، يجب على وسائل الإعلام الغربية ألا تتراجع في تغطيتها حتى تظهر الحقيقة.
ويجب على الكونغرس تمرير تشريع ضد النظام السعودي لتسليط الضوء على ذنب “بن سلمان” في هذه الجريمة ووقف جميع المبيعات العسكرية للبلاد مع وقف فوري للمساعدة العسكرية والاستخباراتية لحرب “بن سلمان” الشنيعة في اليمن.
للأسف، لا يعد “خاشقجي” أول أو آخر من يعاني من غضب “بن سلمان” وأجهزته الأمنية. ويمكن القول إن التوسع في التغطية الإعلامية الغربية الحاسمة لجريمة النظام السعودي هذه المرة نتج عن حقيقة أن “خاشقجي” معروف بأنه معارض معتدل، مهني، ومخلص للنظام، وليس قائدا معارضا مصرا على تدمير نظام “آل سعود”.
وخلافا لغيره من منتقدي النظام، عمل “خاشقجي” بشكل وثيق مع آل سعود على مر السنين، كصحفي، ومدافع، ومتحدث، ورئيس تحرير لصحيفة “عرب نيوز” المملوكة للسعودية، ومستشار، وناقد بالطبع. ولم يكن لديه اعتراض على حكم آل سعود، وفي الواقع، فإنه دعم في البداية برنامج “الإصلاح” الخاص بـ “بن سلمان”. لكنه بدأ في التعبير عن انتقاده “اللطيف” للنظام منذ أعوام مضت، وقدم انتقاداته في الغالب في صورة نصيحة من قلب مخلص، أكثر من كونها تمردا باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان.
وبينما بدأ “بن سلمان” في تعزيز سلطته داخل الأسرة وفي البلاد عبر إجراءات قمعية ضد أعدائه المفترضين بما في ذلك أفراد العائلة الحاكمة والناشطين السلميين، رجال ونساء، أصبح “خاشقجي” أكثر صراحة في انتقاده. ومع ردود “بن سلمان” تجاه مثل هذه الانتقادات، قرر “خاشقجي” – خوفا على سلامته الخاصة – الذهاب إلى المنفى الاختياري والكتابة للصحف الأجنبية بما في ذلك صحيفة “واشنطن بوست”.
وكأكاديمي، ولاحقا كمسؤول حكومي، تحدثت معه عدة مرات على مر السنين. وغالبا ما وجده الغرباء المهتمون بالسعودية على اطلاع وواضح حول الشؤون السعودية الداخلية. ولاقت شخصيته الجذابة طريقها إلى الجماهير الغربية، وكان دائما يعبر عن آرائه عن بلده، سواء إيجابيا أو سلبيا، دون ضغينة، ولكن مع لمسة حزن على التطورات الأخيرة في البلاد.
ولقد شعر بأن المملكة، في ظل نظام “بن سلمان”، كانت تنجرف نحو الديكتاتورية، وأن العلاقات بين الحاكم والمواطن السعودي كانت تتآكل بسرعة الأمر الذي أثار قلقه وكثيرا ما كتب عنه. وبدأ “خاشقجي” يعتقد أن “الإصلاح”، الذي روج له “بن سلمان” في مقابلاته مع وسائل الإعلام الغربية المنتقاة، كان غطاء لحكمه الاستبدادي المتنامي. ونظر “بن سلمان” إلى انتقادات “خاشقجي” على أنها هجوم شخصي عليه، لأنها بدأت تؤدّي إلى تراجع صورته التي عمل على تعزيزها كمصلح مستنير.