بعد 55 عاماً من ثورة الـ14 من أكتوبر 1963م، التي حررت جنوب اليمن من الإحتلال البريطاني، تعيش المحافظات الجنوبية أسوا الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، في قبضة محتل أخر.. يبدو أن التاريخ يعيد نفسه اليوم لكن على وجه مقلوب، فالبلاد التي حررت نفسها في مثل هذا اليوم من الاحتلال وأعلنت الاستقلال، تجد نفسها تحت كماشة إحتلال أخر، وفي ظروف استثنائية تحتاج وفقا لمراقبون سياسيون إلى ” ثورة جديدة “، لتتخطى واقعها المزري.
في ذكرى هذا الحدث التاريخي الهام، غابت الفعاليات، وأختفت كل مباهج الفرح، في الساحة الجنوبية، ولم تشهد مدينة عدن أي توافد من مختلف المحافظات الجنوبية للاحتفال بعيد ثورة 14 أكتوبر، مقارنة بالأعوام السابقة، في حين لم تدعو القيادات الجنوبية في عدن، ولا حتى التكتلات الى اقامة احتفال بهذا اليوم، ومنها المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يتصدر المشهد في الجنوب حالياً، وأكتفى البعض بإصدار بيانات فقط، مصادر سياسية في عدن لــ” وكالة الصحافة اليمنية” أرجعت السبب في عدم إقامة إحتفال بعيد ثورة أكتوبر إلى ” الانقسام الذي يعانيه الشارع الجنوبي”.
هذا وكان المجلس الانتقالي الجنوبي قد أعلن إلغاء فعاليات ذكرى ثورة 14 أكتوبر، التي كان من المزمع إقامتها في عدن، اليوم الأحد، وأكد، في بيان صادر عنه، أن هيئة رئاسة المجلس أقرت في اجتماعها الأخير، عدم تنظيم فعالية مركزية في الـ14 من أكتوبر، لما وصفته بالأوضاع المعيشية والإنسانية الصعبة التي يشهدها الجنوب ويعانيها أبناؤه في كل المحافظات، نتيجة الانهيار الاقتصادي الكبير وانهيار العملة المحلية، وغيرها من صور الانهيار الناتجة عن الفساد الحكومي والسياسات الاقتصادية الكارثية، بحسب البيان.
وقال المتحدث باسم المجلس سالم ثابت العولقي، إن هيئة الرئاسة أقرت تسخير أية إمكانيات متوفرة لإقامة الفعالية، لدعم أنشطة المجلس الإغاثية والإنسانية التي تستهدف آلاف الأسر المحتاجة في العديد من محافظات الجنوب.
وأضاف أن “هيئة الرئاسة أقرت البقاء في حالة انعقاد دائم للوقوف أمام تطورات الأوضاع في العاصمة عدن ومدن الجنوب كافة، واتخاذ المعالجات والتدابير اللازمة بشأنها، وتدعو الهيئة جماهير شعب الجنوب في المحافظات إلى تلقي التوجيهات من القيادات المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي”.
يرى مراقبون في حديث الى ” وكالة الصحافة اليمنية” ، أن اختفاء الاحتفالات الشعبية من الساحة الجنوبية، خلال السنوات الأخيرة، بعد أن ظلت لمدى أكثر من خمسون عاماً، تقف وراءه دولة الامارات، المتوغلة بقواتها ونفوذها على طول خارطة المحافظات الجنوبية، ليتسنى لها التوغل في احتلال الجنوب، ونهب ثرواته.. فثورة 14 أكتوبر التي هدفت الى إجلاء القوات البريطانية من أرض الجنوب، والتخلص من السيطرة الاستعمارية الاقتصادية والسياسية، وإقامة نظام وطني على أسس ثورية سليمة يغير الواقع المتخلف إلى واقع اجتماعي عادل ومتطور، لا يمكن أن تشجعها دولة أخرى تحاول أن تضع نفسها في مكان بريطانيا في جنوب اليمن.
وفي الوقت الذي غاب فيه الاحتفاء بذكرى ثورة 14 أكتوبر في مدينة عدن، وباقي محافظات الجنوب، إحتفلت بعض القيادات الجنوبية في صنعاء بهذا الحدث التاريخي الذي حرر الارض والانسان من هيمنة الاحتلال ، في حفل أقامه حزب جبهة التحرير والمكتب السياسي لأنصار الله ومجلس التلاحم القبلي اليوم، بمناسبة العيد الـ55 لثورة الـ14 من أكتوبر المجيدة.