بركان ثانٍ: السن بالسن والجروح قصاص
تحليل/عبدالملك محسن // خاص بوكالة الصحافة اليمنية :
أي خطاب كان متوقعاً لزعيم أنصار الله السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي غير الذي ظهر به عصر أمس الأحد بمناسبة مرور ألف يوم من الصمود الأسطوري للشعب اليمني أمام واحدة من أقذر الحروب التي شهدتها المنطقة كونها حرب إبادة تعمدت قتل كل ما هو يمني وماله صلة بماضيه وحاضره ومستقبله.
جاء الخطاب حاملاً لنبرة ثقة ظهرت عالية في كلمات ووجه الشاب الثلاثيني الذي يقود أعظم ثورة تحريرية ضد قوى الاستكبار العالمي التي حشدت ترسانتها التسليحية الهائلة ومؤامراتها القذرة لإسقاط ثورة 21من سبتمبر 2014 فسقطت هي أمام إرادة تغيير تزداد يوماً بعد آخر.
تحدث السيد عبدالملك بفخر واعتزاز عن شعب يمني عظيم لم تنكسر إرادته أمام أداة حرب جبارة ، شعب قاوم الجوع والحصار وعشرات الآلاف من الغارات الجوية وصواريخها وقنابلها الذكية والمحرمة دولياً لقوى عدوان برأس أميركي وأيادٍ سوداء سعودية إماراتية .
واليوم وفي دلالة على ثقة لا سقف لحدودها ..ثقة نابعة من قيم إسلامية خلاقة ومبادئ لا تفرط بالحرية ولا تقبل أبداً بأن تخضع يوماً لغازٍ ..ثقة عنوانها الكرامة حياة والحياة كرامة وبينهما كفاح مثير للإعجاب لإنتزاع حق مشروع وصمود اسطوري وصل الى يومه الألف ولن يتوقف أبداً ولو بعد ألف عام.
تغيرت المعادلة في المنطقة وتحديداً في اليمن ، بل تم صياغة معادلة جديدة ، فاليوم باتت قوى تحالف العدوان على اليمن عاجزة عن إيقاف الإرادة اليمنية ..ومثلما قامت قوى الشر تلك بضرب القصر الجمهوري في صنعاء، والبنى التحتية للوطن وكل المنشآت الحيوية، ها هي الصواريخ اليمنية تضرب قصر اليمامة الملكي ومن قبله أهدافاً حيوية استراتيجية هامة كمطار الملك خالد وغيرها من مواقع لم يتوقعوها ولم يستطيعوا حجب دويها .
قال السيد عبدالملك :”السن بالسن والجروح قصاص”.. ثمة تحدٍ ووعد اختزلهما الرجل في هذه الجملة العميقة جداً.. فالوعد بالإنتقام لكل المدنيين والاطفال والنساء الذين قتلتهم آلة العدوان بلا رحمة وبوحشية طافحة في منازلهم ،حقولهم ، قراهم ، مدنهم ،أسواقهم ومساجدهم .. والتحدي للغطرسة الأمريكية الصهيونية وأدواتها العميلة والخائنة في المنطقة. فألف يوم من الحرب والحصار لم تمنع الجيش اليمني واللجان الشعبية من اقتحام الحدود المنيعة لمملكة العمالة ، ولم تستطع إيقاف الصواريخ اليمنية “بركان إتش تو الباليستية” من الوصول إلى العمق السعودي كقصر اليمامة في الرياض العاصمة رمز السيادة لنظام ظن أن حصونه مانعته من الغضب اليمني.!!
براكين يمنية على هيئة صواريخ بمسيمات ومهام عديدة – طورتها الوحدات الفنية والهندسية اليمنية بكفاءة عالية – وصلت إلى “الرياض” و”أبوظبي” ، وستصل إلى ما بعد هاتان العاصمتان فليستا أغلى من صنعاء ولا حتى يضاهيانها تاريخاً وحضارة.. وما هو أكيد في خطاب السيد عبدالملك الحوثي أن ثمة استراتيجية جديدة ستغير معادلة الحرب وموازين القوى ، وما ألف يوم من صمود ستخلده الذاكرة الإنسانية بإعجاب وفخر إلا محطة تزود خلالها اليمنيين بأسباب القوة .
قال قائد المسيرة القرآنية أن صمود اليمنيين جاء من كرامتهم المتأصلة والمتجذرة في وجه استكبار عالمي وعربي غاشم، ولأن اليمنيون أولو بأسٍ شديد فلا يمكن لأي قوة أن تسقطهم ..سيبقى اليمنيون وستسقط كل مشاريع الفوضى والاحتلال ونهب الثروة .
ثمة معادلات تغيرات منذ بداية العدوان على اليمن ..ومازالت معادلة القوة تتغير بنسق مدهش ليس ذلك وليد صدفة عارضة ولا حظ محض ..ولكن بفعل التصميم على امتلاك أدوات القوة رغم شح الإمكانيات ..والتسلح بثقة الذين يعملون بصدق مع الله ..ويقاتلون من أجل قضية عادلة.
ولعل العسيري ناطق العدوان يتذكر كيف حاول الترويج لفكرة الانتصار السريع والحاسم في غضون اسبوع ثم اسبوعين ثم امتد فترة انتصاره الواهم إلى شهرين أو ثلاثة كحد أقصى بحسب تأكيدات وتصريحاته التي ظن أنها ستفزع اليمنيين، فأفزعته هو وجعلته محل سخرية حتى في الداخل السعودي.
ويبدو أن العسيري وفي اليوم ال25 من العدوان اليمن، كان مغيباً عن الواقع ، ممتلئاً بحقائق زائفة حين قال أن قوات التحالف نجحت في تحقيق أهدافها المرجوة في اليمن، وأنهم نجحوا في تدمير 85 % من ترسانة السلاح الصاروخي المهددة للسعودية ، وأن عاصفة حزمهم أدت مهمتها على أكمل وجه محققة دقة عالية في ضرب بنك الأهداف التي حددتها لهم أميركا ..!!
وهم انتصار لم يهنئ به العسيري ولا قادته في تحالف العدوان، فبعد تصريحاته السمجة تلك جاءه الرد المبين و المزلزل من الجيش واللجان الشعبية اليمنية عبر صواريخ مطورة محلياً تصيدت بوارج العدوان في البحر ومجاميعهم في البر، فيما بضعة مقاتلين حفاة وبأسلحة شخصية يخدشون شرف المملكة صاحبة ترسانة الأسلحة الأغلى كلفة في العالم.
تخطى اليمنيون حدود مملكة الرمال، وغيروا كفة المعادلة التي صبت لصالحهم ،إذا ما قارنا فارق الإمكانيات الهائلة بين ما تملكه السعودية والإمارات وحلفائهم ومن فوقهم أمريكا واسرائيل وبين ما يملكه الجيش اليمني واللجان الشعبية الذين وجهوا ببنادقهم العتيقة ضربات موجعة لعدو متغطرس، كان في البدء متحدٍ ثم أُجُبر على الصراخ والعويل.
لقد ذهب العسيري في مهب الهزيمة ، وها هي مملكة أسياده العملاء ذاهبة في طريق التفكك والسقوط والهزائم المتوالية ، كما أن قائمة السقوط المهين استوعبت المرتزقة والعملاء والخونة الذين مهدوا وساعدوا وقاتلوا وتآمروا مع العدوان وفي صفوفه ضد “اليمن” الوطن الكبير .. جميعهم تساقطوا ودهستهم إرادة يمنية وطنية صلبة سلاحها الشرف والكرامة ،تتكأ على رصيد كبير من التاريخ والحضارة والإيمان.