تحليلات (وكالة الصحافة اليمنية)
كل رؤوس الأموال في جميع أنحاء العالم يبحثون عن مكان آمن للشروع في طرح وبدء استثماراتهم وهذا أمر طبيعي لكونهم يبحثون عن استثمارات طويلة الأمد ومن هنا جاءت أهمية وجود مثل هؤلاء الأشخاص في أي بلد كان لكونهم يحسّنون من مستوى اقتصاد الدولة عبر تأمين فرص للشباب فضلاً عن ضخ الأموال في بلد الاستثمار.
السعودية تبحث عن هؤلاء المستثمرين في هذه المرحلة أكثر من أي وقت مضى لكون أميرها الشاب محمد بن سلمان يريد تنويع الاقتصاد والابتعاد عن الاعتماد على النفط وفقاً لرؤيته 2030 التي أصبحت اليوم مهددة أكثر من أي وقت مضى بعد حادثة اختفاء “خاشقجي” والتي على ما يبدو أن تبعاتها ستكون طويلة الأمد نظراً لتشعّب القضية وتعنّت السعودية ورفضها الكشف عن تفاصيل القصة.
خاشقجي واستثمارات السعودية
ستكون السعودية على موعد مع مؤتمر “دافوس الصحراء” للاستثمار يوم 23 أكتوبر/تشرين الأول الحالي ولمدة ثلاثة أيام، وكان من المفترض أن يكون هذا المؤتمر داعماً أساسياً لمشاريع ابن سلمان الإصلاحية ورؤية 2030 إلا أن قضية خاشقجي وما سبقها من اعتقالات لكبار الأمراء ورجال الأعمال، ساهمت مجتمعة في مقاطعة المستثمرين والشركات الإعلامية الراعية للحدث لهذا المؤتمر.
نبدأ من شركتي فورد وجي بي مورغان الأمريكيتين اللتين قررتا مؤخراً مقاطعة مؤتمر دافوس للاستثمار في السعودية، حيث ألغى بيل فورد رئيس شركة فورد موتور خطط حضور مؤتمر “دافوس الصحراء” للاستثمار في السعودية يوم 23 أكتوبر/تشرين الأول الحالي ولمدة ثلاثة أيام، وهو ما فعله الرئيس التنفيذي لشركة “جي بي مورغان تشيس” جيمي ديمون.
وبطبيعة الحال سيؤدي هذا الضغط إلى زيادة الضغط على شركات أمريكية أخرى مثل غولدمان ساكس وماستر كارد وبنك أوف أمريكا لإعادة النظر في خططها لحضور المؤتمر، وانسحبت من المؤتمر مؤسسات إعلامية كبرى مثل شبكة “سي أن أن” الإخبارية وصحيفتي فايننشال تايمز ونيويورك تايمز وشبكة “سي أن بي سي” ووكالة بلومبيرغ للأنباء.
وقالت شبكة فوكس بيزنس – وهي المؤسسة الإعلامية الغربية الوحيدة التي لم تقرر إلغاء مشاركتها في المؤتمر- لرويترز الأحد إنها تراجع هذا القرار، ومن المرجّح أن يلقي غياب مسؤولين تنفيذيين من شركات الإعلام والتكنولوجيا بظلاله على المؤتمر الذي أصبح أكبر معرض للمستثمرين للترويج للرؤية الإصلاحية التي أطلقها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد هدد بأنه سيكون هناك “عقاب شديد” إذا تبيّن أن خاشقجي قتل في القنصلية السعودية رغم أنه قال إن واشنطن “ستعاقب نفسها” إذا أوقفت مبيعات الأسلحة للرياض.
وكانت شركة نيكاي الإعلامية اليابانية آخر المؤسسات التي أعلنت انسحابها من رعاية المؤتمر المقرر انعقاده بالعاصمة السعودية الرياض في 23 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، ولمدة ثلاثة أيام، وقالت المؤسسة اليابانية إنها لم تعد شريكاً إعلامياً في الحدث، حسبما نقل موقع “سي أن أن”.
وكانت صحيفة “نيويورك تايمز” أول من انسحب من شراكة الرعاية الإعلامية للمؤتمر على خلفية القضية ذاتها، وسبق أن أعلن الانسحاب من المؤتمر ذاته كل من الإعلامي الاقتصادي الأمريكي أندرو روس سوركين، وكذلك رئيسة تحرير مجلة “ذا إيكونومست” البريطانية زاني مينتون بيدوكس
كما أعلن دارا خسروشاهي الرئيس التنفيذي لشركة خدمات سيارات الأجرة “أوبر” – في بيان – قرار مقاطعة مؤتمر الرياض بسبب القضية ذاتها، وأضاف: إنه “منزعج جداً بالأنباء الواردة حتى الساعة بشأن خاشقجي، نراقب الوضع عن كثب، وما لم تتكشف حقائق مختلفة كلياً فلن أحضر المؤتمر”.
وألغت شركة العلاقات العامة “هاربر غروب” في واشنطن عقدها مع الرياض، وكانت تقدّم خدماتها للسعودية منذ أبريل/نيسان 2017 بموجب عقد قيمته 80 ألف دولار في الشهر.
بورصات السعودية
جميع المحللين الاقتصاديين يرون أن قضية الصحفي خاشقجي سيكون لها آثار سلبية على استثمارات البلاد وجذب المستثمرين وأول من تأثر بهذا الحدث كانت الأسهم السعودية، إذ هوت سوق الأسهم السعودية الأحد وسط قلق المستثمرين من تدهور العلاقات مع المجتمع الدولي في خضم تداعيات قضية الصحفي السعودي البارز جمال خاشقجي، كما لم تسلم أسواق الإمارات أيضاً من ارتدادات هذه القضية.
وبعد مرور نحو ساعتين على بدء التداولات هبط مؤشر البورصة السعودي 7% مسجلاً أكبر خسائره منذ ديسمبر/كانون الأول 2014 حين انهارت أسعار النفط، قبل أن يقلص قليلاً من خسائره لاحقاً.
وهبط سهم الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) أكبر منتج للبتروكيميائيات في المنطقة بنسبة تقارب 8%، وحتى قبل إغلاق السوق تداولاتها بقليل منيت أسهم 182 شركة بخسائر متفاوتة، في حين لم تنجح بالصعود سوى أربع شركات فقط.
وتقدّر خسائر السوق المالية السعودية – وهي الأكبر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا – بنحو خمسين مليار دولار خلال جلستي الخميس والأحد، وفق وكالة الأنباء الفرنسية.
وقال صلاح شما رئيس استثمارات المنطقة لدى فرانكلين تمبلتون للأسواق الناشئة أحد كبار مديري الصناديق في العالم “إنه المناخ السياسي، السوق تتفاعل بالسلب مع المعنويات المرتبطة بقضية خاشقجي والضجة السياسية التي أثارتها”.
وقالت وكالة بلومبيرغ امس : إن الأوضاع الجيوسياسية هبطت بالبورصة السعودية، وإن استمرار إصرار السعودية على موقفها النافي لأي علاقة لها باختفاء خاشقجي لن يكون في مصلحة السوق.
في الختام… ابن سلمان يمارس سياسة غير مجدية لبلاده على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي وهذا سينقلب عليه وبدأنا نرى شرارة البداية التي قد تتوسع قريباً وتكون عائقاً كبيراً في وصول ولي العهد إلى كرسي العرش، فجميع الظروف اليوم توحي بأنه أصبح أبعد ما يكون عن هذا الكرسي.
المصدر : الوقت التحليلي