الإهمال يغتال صنعاء القديمة وإدانات اليونسكو لا تكفي
استطلاع خاص : وكالة الصحافة اليمنية عن ألق وجمال وروعة صنعاء القديمة يتحدثون كثيرا وبصنعاء التاريخ والحضارة يفاخرون لكن أحدا لا يتحدث ولا يهتم بما تعانيه المدينة العتيقة من آلام وأوجاع. الجميع يرى في صنعاء القديمة تحفة فنية من التراب الأزلي البقاء والطين المحترق في آتون الإنسان القديم الذي روض الطبيعة وجعله يقف شامخا يتحدى […]
استطلاع خاص : وكالة الصحافة اليمنية
عن ألق وجمال وروعة صنعاء القديمة يتحدثون كثيرا وبصنعاء التاريخ والحضارة يفاخرون لكن أحدا لا يتحدث ولا يهتم بما تعانيه المدينة العتيقة من آلام وأوجاع.
الجميع يرى في صنعاء القديمة تحفة فنية من التراب الأزلي البقاء والطين المحترق في آتون الإنسان القديم الذي روض الطبيعة وجعله يقف شامخا يتحدى الأزمنة بأيامها ولياليها ومتغيرات ظروفها وطقسها منذ الأمس البعيد وحتى اليوم.
صنعاء القديمة تعاني اليوم كثيرا ومنازلها تتوجع وتئن بصوت عال يملأ أزقتها ضجيجا ويسكن الأعين صداه، لكن أحدا لا يسمعها أو يهتم لما تعانيه من آلام، أو يبادر لتضميد جروحها التي تنزف على مسمع ومرأى من الجميع كل يوم وكل لحظة.. جروح صنعاء النازفة التي تزداد عمقا وتتوغل لتصيب قلب التاريخ.
” وكالة الصحافة اليمنية ” وفي اطار أنشطتها الميدانية التي تسعى من خلالها لتلمس هموم المواطنين ومعاناتهم ونقل قضاياهم، وقفت أمام منازل صنعاء ونقلت صورة جزئية من معاناة كبيرة تعيشها المدينة القديمة.
العناق والسقوط
في حي الجامع الكبير منازل سقط تاج كبرياءها الذي ظلت ترتديه طيلة قرون، ومنازل انحت قاماتها ومالت لتعانق منازل اخرى تجاورها وتتقاسم معها المسافة التي طالما كانت تمنح كل جهة خصوصيتها.
شماعة الأمطار
“وكالة الصحافة اليمنية” حاولت الاقتراب من المشكلة ومناقشة أسباب كل هذا الاهمال والصمت الذي يخيم على الجهات ذات الاختصاص و الدور الذي ينبغي أن تقوم به لمعالجة الأضرار ووقف الخطر بما يضمن الحفاظ على مكونات المدينة والطابع المعماري الفريد الذي تميزت به على مر العصور، لكننا لم نجد غير الصمت والغياب الذي لا يمكن تبريره لجهات الاختصاص.
وإذا ما تحدث أحد عن المشكلة امتزج حديثه بالمبررات التي لا يمكن لعاقل تقبلها لضعف حجتها ومحاولة أصحابها الهروب من تحمل المسئولية.
مؤسسات غائبة
الهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية ومنذ العام 2007 ترجع الاسباب لعوامل الطبيعة وتتهم الامطار وتسرب مياه الصرف الصحي بالتسبب فيما تعاني منه منازل صنعاء، لكن مثل هذه المبررات لا تحل المشكلة ولا تعفيها من تحمل المسئولية في كل هذا الاهمال الذي يكاد بودي بصنعاء.
وفي الوقت الذي تتهم الهيئة والكثير من الجهات عوامل الطبيعة بالتسبب في سقوط وانهيار الكثير من المنازل، يؤكد التاريخ المناخي لصنعاء براءتها، لأن صنعاء ومنذ فجر التاريخ تغتسل بالمطر وأزمان المواسم والفصول لكن منازلها ظلت واقفة ومتجددة.
وليس هذا وحسب بل ان التصريحات السابقة للهيئة تؤكد إهمالها وعدم جديتها في التعامل مع طلبات الترميم والتي قالت في العام 2009 أن “لديها أكثر من 100 طلب لترميم بيوت بعضها يعاني من شروخ وتشققات وبعضها يحتاج الى تدخل سريع يحول دون انهيارها وتهدم اجزاء منها”، لكنها لم تفعل شيئا منذ ذلك التاريخ وحتى هذه اللحظة.
اليونسكو والطارئ البعيد
اليونسكو بدورها أعلنت على لسان المديرة العامة لها‘ إيرينا بوكوفا، عن خطة عمل طارئة للحفاظ على التراث الثقافي اليمني تهدف إلى وضع آلية للتعاطي مع التهديدات المتواصلة للتراث الثقافي المادي وغير المادي.
وقالت في اختتام اجتماع خبراء في مجال التراث، انعقد في مقر المنظمة بباريس منتصف يوليو 2015 ان خطة العمل الطارئة تندرج في اطار الدور الذي اضطلعت به اليونسكو في قيادة التحرك الدولي عبر التحالف العالمي في حملة “متحدون مع التراث”.
وأشارت إلى أن الخطة التي بلورتها اليونسكو وشركائها من المؤسسات الأخرى والهيئات الوطنية اليمنية ذات الصلة، ترتكز على أساس معالجة الدمار، الناجم عن الحرب، الذي لحق في الفترة الأخيرة، بمواقع التراث الهامة والمتاحف، فضلا عن الاضرار التي لحقت ببعض تعابير التراث الثقافي غير المادي، التي تشكل مجتمعة رموز هويات الشعوب ورصيدا أساسيا لإعادة البناء والتنمية المستدامة في البلاد.
لكن وفي الوقت الذي أدانت فيه المديرة العامة لليونسكو، إيرينا بوكوفا الاستهداف الذي تعرضت له صنعاء القديمة من قبل مقاتلات التحالف وعبرت عن أسفها بالقول: “إنني متأثرة كل التأثر للخسائر في الأرواح البشرية، وكذلك للتدمير الذي لحق بواحدة من أقدم جواهر الحضارة الإسلامية”، إلا أن شيئا لم يحدث ولم تقدم اليونسكو ما يمكن أن نلمس من خلاله حرصها على حماية واحدة من أهم مدن التراث العالمي.