تقرير: وكالة الصحافة اليمنية//
رغم تباهي مؤيديه بصراحته، إلا أن علاقة ترامب بالحقيقة دائمة التذبذب. فمنذ بداية حملته في سنة 2015، استمر الرئيس الأمريكي في “تجميل الواقع” وتضمين خطاباته الكثير من المبالغات، وأنصاف الحقائق، والتأويلات المبسطة بشكل مفرط، وحتى الأكاذيب الصريحة. وخلال آخر مقابلاته التي أجراها مع قناة “أيه بي سي” الأمريكية، أجاب ترامب على سؤال وُجه إليه بخصوص ما إذا كان يقول الحقيقة، فردّ: “أحاول حقا القيام بذلك. وأرغب دائما في قول الحقيقة. وأفعل ذلك متى استطعت”.
في الأيام الأخيرة، ومع اقتراب موعد الانتخابات، كثيرا ما لجأ ترامب، في تغريداته على حسابه على موقع تويتر وخلال تجمعاته الانتخابية، إلى الأكاذيب، التي كان جزء منها بعيدا عن الواقع، وذلك من أجل تعبئة قاعدته الانتخابية. وقد استمتعت صحيفة “واشنطن بوست” بإحصاء هذه الأكاذيب في اجتماع نُظم في أوائل شهر أيلول / سبتمبر في مونتانا.
في الحقيقة، توصلت الصحيفة الأمريكية إلى إحصاء 38 تصريحا كاذبا، و22 خطابا مضللا، واثنين آخرين يفتقران إلى إثبات، مقابل 26 تصريحا دقيقا نوعا ما وهو ما يُمثل 30 بالمائة من جملة تصريحاته. وفي السياق ذاته، قالت مجلة “بوليتيكو” الأمريكية ساخرة: “تخيل ما سيقوله ترامب في حملة إعادة انتخابه في غضون سنتين”.
وفيما يلي، مختارات من هذه الأكاذيب:
تخفيض الضرائب
أعلن الرئيس أنه سيُقر تخفيضا ضريبيا بنسبة 10 بالمائة لصالح الطبقات المتوسطة. وقد قال ترامب في اجتماع حاشد في 22 تشرين الأول / أكتوبر إنه “سيتم تنفيذ هذا القرار بحلول الأسبوع المقبل”. ويُعد هذا الوعد غير قابل للتصديق لسبب وجيه، وهو أن الكونغرس لن يستأنف عقد جلساته إلا بعد الانتخابات. كما قد يستغرق هذا التخفيض الضريبي بعض الوقت. فقد تحدث دونالد ترامب عن هذه الفكرة دون استشارة مستشاريه أو الجمهوريين داخل الكونغرس. وقد كان هذا التصريح مجرد وسيلة للتغطية على حقيقة أن التخفيض الضريبي الذي أقره سابقا قد خدم مصالح الأغنياء والشركات أساسا.
عقد التسليح
يفتخر دونالد ترامب كثيرا بصفقة الأسلحة التي وقعها في السنة الماضية مع المملكة العربية السعودية والتي تبلغ قيمتها 110 مليار دولار. وأينما يحل، يُردد ترامب أن هذا العقد سيخلق عددا كبيرا من مواطن الشغل في الولايات المتحدة. ولكن، كم يبلغ هذا العدد تحديدا؟ علما وأنه يشهد ارتفاعا كلما اقترب موعد الانتخابات.
ففي 13 تشرين الأول/ أكتوبر، وبحضور الصحفيين، تحدث ترامب عن توفير هذا العقد لحوالي 450 ألف وظيفة. فيما بعد، وفي مقابلة له على قناة “فوكس نيوز” في 16 تشرين الأول/ أكتوبر، ارتفع هذا الرقم ليبلغ 500 ألف وظيفة، قبل أن يصبح 600 ألف موطن شغل يوم 19 من الشهر ذاته في اجتماع مائدة مستديرة في قاعدة عسكرية. وبعد بضع دقائق فقط، تحول هذا الرقم إلى “أكثر من مليون” أمام الصحفيين! على هذا النحو، وخلال حملة إعادة انتخابه في سنة 2020، قد يبلغ هذا الرقم 10 ملايين وظيفة. ومن ناحيتهم، يشكك خبراء الدفاع كثيرا في صحة هذه الأرقام.
وفقا لهؤلاء الخبراء، ستكون أغلب فرص العمل التي سيتم خلقها في المملكة العربية السعودية. وحسب ما نقلته وكالة رويترز، تُقدر وثيقة صادرة عن شركة “لوكهيد مارتن” لصناعة المعدات العسكرية أن العقد السعودي قد يشمل ما بين 20 ألف و40 ألف عامل في صناعة الدفاع. في المقابل، يجب أن تكون جميع الدبابات والصواريخ والقنابل قد تم شراؤها بالفعل. مع ذلك، تم توقيع عدد قليل جدا من العقود إلى حد الآن، كما لم يتم تحديد تواريخ عدد هام من طلبيات الأسلحة أو تمت جدولتها في السنوات التي ستلي 2022.
الجدار
يُشدد دونالد ترامب عادة على أن أشغال بناء الجدار على الحدود المكسيكية قد انطلقت. وفي تجمع انتخابي في ولاية كنتاكي تم تنظيمه في منتصف تشرين الأول/ أكتوبر، صرح ترامب قائلا: “لقد انطلقنا في بناء الجدار، وأحرزت الأشغال تقدما مستمرا، وبسرعة لا يُمكن لأي شخص توقعها”. ووصل الأمر بالرئيس الأمريكي إلى نشر تغريدات تضم صورا لجزء من المشروع في كاليفورنيا، لكن هذه الصور تعود إلى مشروع قديم سبق التخطيط له منذ سنة 2009، وليس إلى جدار يتراوح ارتفاعه بين 10 و12 مترا والذي وعد به ترامب. تجدر الإشارة إلى أن الرئيس قد طلب 25 مليار دولار لبناء الجدار، لكن الكونغرس لم يمنحه سوى 1.6 مليار دولار إلى غاية الآن.
القافلة
دون أي دليل، زعم دونالد ترامب أن “مجرمين وأشخاصا ينحدرون من الشرق الأوسط” تسللوا إلى قافلة مهاجرين قادمة من أمريكا الوسطى ومتجهة نحو الولايات المتحدة، في إشارة إلى وجود إرهابيين عرب فيها. خلافا لذلك، يظل عدد المهاجرين غير اللاتينيين الذين يدخلون الأراضي الأمريكية بطريقة غير شرعية ضئيلا جدا. فمن مجموع أكثر من 300 ألف شخص تم اعتقالهم في السنة الماضية، ينحدر 100 منهم فقط من الشرق الأوسط.
كما قال ترامب في تغريدة له على تويتر: “لن نسمح لهذه القوافل، التي تتكون من عناصر مثيرة للشغب وخطيرة، ومن أفراد العصابات، بالدخول إلى الولايات المتحدة. إن حدودنا مقدسة، ويجب عبورها بشكل قانوني. عودوا من حيث أتيتم”. تجدر الإشارة إلى أنه لم يكن هؤلاء المهاجرون ينوون الدخول بشكل غير قانوني إلى البلاد وإنما عن طريق طلب اللجوء.
حق المواطنة بالولادة
أعلن ترامب عن رغبته في توقيع مرسوم يحرم مواليد الأشخاص المتواجدين في الولايات المتحدة بطريقة غير شرعية من حق المواطنة بالولادة. ومن شأن مثل هذا القرار أن يثير العديد من الدعاوى القضائية ذلك أنه، وفقا للمختصين، لا يتمتع الرئيس بهذا الحق. في الحقيقة، يُشكل هذا الأمر انتهاكا للدستور وللتعديل 14، الذي تم اعتماده في سنة 1868، والذي يهدف إلى حماية العبيد السابقين.
لكن، يعتقد بعض المحافظين أنه لا ينبغي أن يُطبّق هذا التعديل على المهاجرين. كما صرح دونالد ترامب أن الولايات المتحدة هي “الدولة الوحيدة في العالم” التي تطبق حق المواطنة بالولادة، وهو ما يعد غير صحيح، ذلك أن هذا الحق تضمنه عشرات البلدان، بما في ذلك فرنسا.
الاقتصاد
يتفاخر ترامب، في جميع تدخلاته، بنجاحاته الاقتصادية، وينوه دائما بأن “الولايات المتحدة الأمريكية تتمتع بأفضل اقتصاد في التاريخ”. لكن، على الرغم من أن الاقتصاد الأمريكي يحرز تقدما واضحا، وإن كان ذلك يعود جزئيا إلى التدابير التحفيزية التي اتخذها باراك أوباما، إلا أنه عند التمعن في المؤشرات، نستنج أنها أسوأ مما كانت عليه في عهد الرؤساء الأمريكيين السابقين، دوايت أيزنهاور وليندون جونسون وبيل كلينتون.
الصحة
قبل سنة، صرح دونالد ترامب أن قانون الرعاية الصحية الأمريكي، الذي يندرج ضمن إصلاحات باراك أوباما، “قد مات، واختفى، ولم يعد موجودا”. ومرة أخرى، كان ترامب يُعبر عن رغباته كما لو كانت حقائق. وقد ناضل الجمهوريون من أجل إيقاف العمل بهذا القانون. لكن، حين فشلوا في تحقيق ذلك، انتهى بهم الأمر بانتقاد مكاسبه. وقد رفعت 20 ولاية، يسيطر عليها المحافظون، دعوى قضائية تدعي أن قانون الرعاية مخالف للدستور، حيث طالبوا بحذفه، بما في ذلك البند الذي يحظر على شركات التأمين رفض تأمين الأفراد الذين يُعانون من أمراض سابقة.
………………….
المصدر: مجلة لوبوان
ترجمة: noonpost