المصدر الأول لاخبار اليمن

سجون الإسرائيليين تكتظ بأطفال القدس والإحتلال يعتقل 131 طفلاً بعد قرار ترامب

جرائم دولية ويوميات رعب وتعذيب..

قرار ترامب يصنع ثورة جديدة في قلوب أطفال فلسطين

“لا أخاف أن يعتقلوني أو يطخوني لأن فلسطين تستحق”، قالتها الشابة الفلسطينية عهد التميمي مراراً. ظهرت ابنة النبي صالح في فيديوهات وصور عدة تواجه الجنود الإسرائيليين بيديها وكلماتها وكل ما أوتيت من غضب.
قبل بلوغها العاشرة، كانت قد تحولت إلى وجه لافت للجيل الفلسطيني الجديد المقاوم، وفي السابعة عشرة من العمر أصبحت عهد رهن الاعتقال بعدما داهمت قوات الاحتلال منزلها في عتمة ليل الثلاثاء الماضي، إثر فيديو انتشر لها وهي تطرد جنديين إسرائيليين من باحة منزلها.
الطفله عهد التميمي
اليوم تمّ تمديد اعتقال عهد، ومعها والدتها ناريمان التي اعتقلها الاحتلال لدى ذهابها للسؤال عن ابنتها. قالت ناريمان، التي اعتُقلت مرات عدة، في مقابلة معها قبل سنتين “لا أخاف على أولادي. علمتهم أن يعرفوا حقوقهم حين الاعتقال وجهّزتهم للضغوط النفسية التي سيتعرضون لها”.
لكن عهد ليست بطبيعة الحال القاصرة الوحيدة التي تعتقلها إسرائيل، وإن كانت تعرف ربما أكثر من غيرها حقوقها عندما تعتقل، ومقاومة ضغوط السجانين حسب والدتها.
أطفال وشبان واجهوا ولا يزالون المصير نفسه، معظمهم يجري اعتقالهم ليلاً وفق خطة منهجية للترهيب يتم بموجبها تعديل قوانين تسمح باعتقالهم، ومخالفات أخرى تحت عيون المحكمة. يحصل ذلك بشكل تعسفي، فيتم تعذيب الأطفال وترويعهم، بما يخالف كل القوانين والمواثيق الدولية الخاصة بالأطفال.
اعتقال 131 طفلاً منذ إعلان ترامب
بحسب تقرير لـ”نادي الأسير” الفلسطيني، بلغ عدد المعتقلين منذ اندلاع تظاهرات التصدي لإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل 430 شخصاً، بينهم 131 طفلاً و9 نساء، وثلاثة جرحى معتقلين يقبعون في مستشفيات إسرائيلية.
ولم تغب عن البال بعد تلك الصورة، التي انتشرت عالمياً تزامناً مع التظاهرات الأخيرة، للقاصر الفلسطيني   (16 عاماً) من الخليل، وهو مقيّد ومعصوب العينين بين 23 جندياً إسرائيلياً.
فوزي الجنيدي ١٦ عاما
وقد نقل المحامي في “هيئة شؤون الأسرى والمحررين” لؤي عكة أن الجنيدي قد تعرّض للضرب عند اعتقاله بسلاح على وجهه، وقد تناوب الجنود على ضربه في جميع أنحاء جسده بشكل هستيري، قبل نقله إلى نقطة عسكرية قريبة.
هناك، وحسب عكة، أجلسوه على الأرض الملأى بالمياه الباردة لأكثر من ساعة، وكان الجنود يدوسون على أصابعه وكتفيه ويشتمونه طوال الوقت، قبل نقله إلى سجن عوفر.
وبحسب “هيئة شؤون الأسرى والمحررين”، تستخدم قوات الاحتلال القوة المفرطة والتنكيل الشديد بحق القاصرين الفلسطينيين، الذين تم اعتقالهم أخيراً، ولفتت إلى علامات الضرب البادية على وجوه وأجساد العديد من الأسرى القاصرين في سجن “عوفر” خلال عملية الاعتقال والاستجواب.
وفي تقرير صدر قبل شهرين عن “مركز الدفاع عن الفرد” و”منظمة بتسليم”، ما يفيد عن مواصلة قوات الاحتلال انتهاكاتها الصارخة وإجراءاتها التعسفية بحق الأطفال الفلسطينيين في مدينة القدس المحتلة.
وبحسب التقرير “يجري اقتياد الفتيان في القدس الشرقية من أسرّتهم في دجى الليل، وتكبيلهم بالأصفاد من دون أيّ مبرّر، وتركهم لفترات طويلة في انتظار التحقيق معهم”، كما لا يُسمح لهم بالاتصال قبل ذلك بمحامٍ أو بذويهم، ولا يتم إبلاغهم أنّه يحقّ لهم الصمت أثناء التحقيق، ثم يجري اعتقالهم في ظروف قاسية طوال أيّام بل أسابيع، حتّى إذا كان التحقيق معهم انتهى.
خفض العمر الخاص بالعقوبة السالبة للحرية
حتى أواخر العام الماضي، كان يقبع في سجون الاحتلال نحو 7 آلاف أسير فلسطيني، يتوزعون على 23 سجناً ومعسكر توقيف، يقع أغلبها داخل الأراضي المحتلة في العام 1948.
من هؤلاء قرابة 350 طفلاً وطفلة فلسطينية، جزء منهم كان لا يزال في أقبية التحقيق، والجزء الآخر بحسب هيئة شؤون الأسرى والمحررين إما موقوفين أو محولين للاعتقال الإداري أو محكومين، علماً أن من بينهم أكثر من 150 طفلاً كانت تقل أعمارهم عن 16 سنة.
نذكر هنا أن إسرائيل تطبّق نظامين قانونيين على الأطفال الفلسطينيين دون 18 سنة.
من يعيشون في الضفة الغربية يخضعون لمنظومة الأوامر العسكرية الإسرائيلية، إذ يمكن حبس الأطفال الذين تراوح أعمارهم بين 12 و14 سنة لمدة أقصاها 6 أشهر.
أما الأطفال الذين يعيشون في القدس فيخضعون للقانون المدني الإسرائيلي، إذ يمكن حبس من تراوح أعمارهم ما بين 14 و16 سنة لمدة سنة، إذا ما كانت عقوبة التهم الموجهة إليهم تتجاوز في الأصل 5 سنوات.
وبينما كانت العقوبة في القدس تشمل القاصرين من سن الـ14 وما فوق، تذرعت إسرائيل بتنامي تهم القتل أو محاولات القتل، لتقوم في أغسطس العام 2016 بتخفيض سن السجن ليبدأ من عمر 12 سنة كذلك.
ثم كان أن اتُهم قاصرون بتهم ذات طابع قومي، إذ حُكم في نوفمبر العام 2016 على عدة أطفال، منهم أحمد مناصرة (14 عاماً) الذي حكم عليه بالسجن الفعلي لمدة 12 عاماً، ودفع غرامة مالية تعادل نحو 47 ألف دولار بزعم طعن مستوطنين في القدس.
أحمد مناصرة
كذلك نورهان عواد (16 عاماً) التي حكم عليها بالسجن لمدة 13 عاماً ونصف العام، وغرامة مالية تعادل 8 الآف دولار بزعم محاولتها تنفيذ عملية طعن في القدس في شهر نوفمبر من العام 2015.
والأمر نفسه حصل مع الطفلين منذر خليل أبو شمالي (15 عاماً) ومحمد طه (16 عاماً)، اللذين حكما بالسجن الفعلي لمدة 11 عاماً، وغرامة مالية تعادل نحو 13 ألف دولار لكل منهما.
قصة أصغر طفلة سجنها الاحتلال
في فبراير العام 2016، اعتقلت الطالبة في مدرسة شهداء حلحول ديما إسماعيل الواوي. كانت تبلغ من العمر حينذاك 12 سنة، وقد حكم عليها آنذاك بالسجن 4 أشهر، إلى جانب دفع غرامة مالية تُقدّر بألفي دولار، بدعوى محاولة “القتل العمد لمستوطنين، وتهديد أمن إسرائيل”.
ديما الواوي
تستعيد الواوي قصتها في حوار مع رصيف22. تقول إنها في ذلك اليوم غادرت المدرسة باكراً بسبب آلام في البطن، وبدل توجهها إلى البيت قررت ملاقاة والدتها في أرضهم الزراعية قرب مستوطنة “كرمي تسور”.
“هناك فوجئت بحارس المستوطنة يُشهر السلاح في وجهي، ويطلب مني التوقف، ثم حضرت من خلفي سيارة إسرائيلية، وبدأ كل من فيها تصويب سلاحه تجاهي”، تقول ديما مضيفة “أمروني بالتمدد على الأرض، ثم قاموا بتعصيب عينيّ وتقييد يديّ ورجليّ قبل أن يقوموا بتفتيشي، ورغم عدم عثورهم على شيء، نُقلت بسيارة الشرطة الإسرائيلية إلى مستوطنة كريات أربع (المقامة في مدينة الخليل)”.
تروي الطفلة ذكرياتها المريرة في السجن، فتتذكر كيف تناوب على التحقيق معها في المستوطنة 7 محققي شرطة استمروا بالضغط عليها لساعات، قبل نقلها بعد منتصف الليل إلى سجن هشارون (بين مدينتي طولكرم ونتانيا).
هناك أودعت في غرفة عزل شديدة القذارة والبرودة والتعفن، تعرفت فيها على الطفلة ملك سلمان (16 سنة) من القدس، وكانت قد اعتقلت هي الأخرى على خلفية زعم محاولة تنفيذ عملية طعن.
تقول ديما “كانوا يسوقوني يومياً بعد منتصف الليل للمحكمة ثم يعيدوني إلى أن تم حكمي، فأعيد نقلي لسجن هشارون، لتمضية فترة الحكم، وأذكر أنني حين دخلت غرفة السجن وجدت نحو 8 بنات تراوح أعمارهن ما بين 14 و16 سنة، ولاحظت إصابات مختلفة على أيديهن منذ يوم الاعتقال من دون أن يجري علاجهن”.
قصة محمد العزازي وحمزة أبو اهليل… وأيام الاعتقال
محمد محسن العزازي من مخيم البريج في قطاع غزة، اعتقلته سلطات الاحتلال في أكتوبر العام 2015، ولم يكن يبلغ من العمر آنذاك أكثر من 14 سنة. أما التهمة فكانت الدخول إلى إسرائيل من دون تصريح وتهديد الأمن، وقد جرى الحكم عليه بالسجن لمدة 6 أشهر.
“كنت كغيري من الأطفال ألقي الحجارة على الجيبات الإسرائيلية من خلف الأسلاك الشائكة بين قطاع غزة وإسرائيل، وحين وجدنا إحدى الثغرات في السلك الشائك تقدمنا أكثر عبر الفتحة ليلاً، وكان هناك جيب عسكري إسرائيلي يسلط الضوء باتجاهنا أثناء تراجعه للخلف، فتقدمنا نحوه أكثر، ولم يكن في بالنا أنها محاولة منهم لاستدراجنا”، يروي العزازي.
ويضيف في حديثه مع رصيف22 قائلاً “حوصرنا من كل الجهات، فحاولت و5 أطفال معي الاحتماء، لكنهم تمكنوا منا إذ رأيت نحو 15 جندياً يصوبون الأسلحة نحوي. كبلوا يديّ وجراء اللكمات ابتلعت إحدى أسناني، فأغمي عليّ على إثرها”.
لاحقاً، وجد العزازي نفسه مع الأطفال الآخرين في ساحة معسكر احتلالي، شبه عراة تحت المطر، يرتجفون ويتعرضون للضرب وإطفاء السجائر في أجسادهم، يروي ذلك وهو يظهر آثار الثقوب المتبقية في جسده.
يستمر مسلسل التعذيب بين سكب الماء البارد عليهم، وإبقائهم ثلاثة أيام تحت المطر من دون طعام أو شراب أو حتى استخدام المرحاض، قبل نقلهم لأحد مراكز شرطة الاحتلال ثم لأحد مراكز التوقيف ثم لسجن هشارون.
وعن طريقة تعامل السجانين مع الأطفال، قال العزازي “كان السجانون يقتحمون أحياناً غرفنا ونحن نيام، لتبدأ عملية ضربنا أثناء تقييد اليدين، ثم نُنقل لغرف أخرى، لنعود إلى غرفنا بعد بضع ساعات على أساس أنهم يتدربون. وفي أحيان أخرى، يقومون برشنا بخراطيم المياه فتبقى ملابسنا مبللة عدة أيام”.
اعتقال الإسرائيلي للأطفال الفلسطينيين في ازدياد.. المعدل السنوي لاعتقال الأطفال بين 2000 و2010 كان 700 حالة سنوياً، وقد وصل إلى 1200 حالة بين 2011 و2016
تشبه تجربته تلك التي عاشها حمزة نادر أبو إهليل، من بلدة دورا في محافظة الخليل، والذي اعتقلته سلطات الاحتلال في العام 2015 حين كان عمره 17 سنة.
كان ذلك بحجة إلقاء الحجارة والتحريض على مواجهة الاحتلال، وقد حكم عليه بالسجن لمدة ثمانية أشهر، ودفع غرامة مالية.
يقول “كنت أقطع الشارع على مثلث مخيم الفوار القريب من البلدة، وإذ بضابط إسرائيلي يناديني بعد أن التف جيب عسكري إسرائيلي حولي، وفجأة دون سابق إنذار انهال الجنود عليّ بالضرب، وسحبوني لجهة أخرى من الشارع، ليبدأ الضابط بالتحقيق معي، قبل أن يخبرني أنني وفرت عليه القدوم لأخذي من البيت ليلاً”.
نُقل أبو إهليل لمعسكر المجنونة جنوب البلدة، حيث استمرت عملية ضربه قبل نقله إلى مستوطنة “كريات أربع”، ثم إلى سجن عتسيون، شمالي المحافظة، ومنه إلى سجن عوفر.
وأكد حمزة أن السجانين كانوا يهدفون دوماً لاستفزازهم كلما كانت هناك عملية نقل للمحكمة أو لقاء الزائرين. يقول “لم نكن نتحمل شتمهم وضربهم لنا، فنقابل ذلك بالرد عليهم بالمثل، وهذا ما كان يؤدي إلى حجزنا في الزنازين الانفرادية”.
مخالفة للمواثيق الدولية
يلفت رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في “هيئة شؤون الأسرى والمحررين” عبد الناصر فروانة إلى محاولة إسرائيل شرعنة محاكمة الأطفال القاصرين من عمر 12 سنة، معتبراً إياها جريمة تخالف كل المواثيق الدولية.
يقول “تعتبر إسرائيل نفسها دولة فوق القانون، فتسنّ قوانينها لحماية عناصرها ومواطنيها ومنحهم الضوء الأخضر لارتكاب مزيد من الجرائم بحق الأطفال، في محاولة منها لردع الأطفال وبثٰ الرعب في نفوسهم”.
برأيه “هذا لا يدع مجالاً للشك في أن إسرائيل تهاب الأطفال وتخشى من مستقبلهم، باعتبارهم قنابل موقوتة مؤجلة الانفجار لحين البلوغ، خاصة بعدما رأت المشاركة الواسعة من الأطفال في انتفاضة القدس التي انطلقت في شهر أكتوبر من العام 2015”.
وللتدليل على كلامه، يلفت رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في الهيئة إلى الإحصاءات الأخيرة المتعلقة بالأطفال الأسرى، حيث الخط البياني للاعتقالات منذ العام 2011 يقدم مؤشرات خطيرة.
بحسب الإحصاءات، هناك زيادة مطردة سنوياً لعدد المعتقلين من الأطفال. في العام 2015، شكلت الاعتقالات زيادة مقدارها (72.1%) عن العام الذي سبقه، وزيادة بنسبة أكبر تصل إلى (134%) عن العام 2013، بينما فاقت الزيادة الـ200% عن العام 2011.
ويُذكر أن المعدل السنوي لاعتقال الأطفال خلال الأعوام بين 2000 و2010 كان 700 حالة سنوياً، فيما وصل المعدل السنوي خلال السنوات الخمس بين 2011 و2016 إلى 1200 حالة سنوياً.
*هيثم الشريف
قد يعجبك ايضا