حكاية من تحت القصف المتواصل والركام.. لا صوت يعلو على انين الضحايا في الحديدة
تقرير/ خاص/ رصدته وكالة الصحافة اليمنية من واقع مأساة الأهالي في الحديدة//
تلخصت هجمات التحالف على مدينة الحديدة ، خلال الأسبوع الماضي، بمقتل (34) مدنياً، وإصابة (21) اخرين، إضافة إلى تهجير (81) الف أسرة من محافظة الحديدة، في معركة طالما حذرت المنظمات الدولية من كوارثها الإنسانية.
ويرى عدد من المراقبين الحقوقيين، أن احصائية الأسبوع الماضي تعد أولية، قياساً بحجم الكوارث المتوقعة بسبب التصعيد الأخير للتحالف على مدينة الحديدة.
لكن كل التحذيرات الصادرة من المنظمات لم تحظى بأدنى درجات التجاوب من قبل قوى التحالف، التي تواصل قصف المدينة جواً، وبراً، وبحراً، بشكل مكثف وعشوائي حسب وصف شهود عيان في المدينة.
لحظات صعبة .. قد تدفع حياتك لإنقاذ انسان من الموت
صباح الثلاثاء الماضي افاق سكان اهالي حي الخمسين جنوب مدينة على فاجعة قصف الطيران لأحد المنازل.
حينها كان الطيران يحلق بكثافة في أجواء المنطقة، لم يتجرأ الأهالي على الاقتراب من المنزل، رغم أنهم كانوا يسمعون انين الضحايا من تحت ركام المنزل.
محمد يوسف أحد شهود العيان للواقعة حكى لوكالة الصحافة اليمنية، تفاصيل لحظات إنسانية صعبة عايشها مع عدد من أهالي الحي، والذين وقفوا حائرين بين نزعة انسانية تدفعهم لإخراج الضحايا، وبين خوفهم من أن يعاود الطيران قصفهم، كما فعل مع مسعفين سابقين وحولهم إلى اشلاء.
يقول محمد يوسف لقد استهدف الطيران المنزل بغارتين، رغم أن المنزل لم يكن قريب من منشأة عسكرية، أو يتوافر فيه ما يستدعي تعرضه للقصف بهذا الشكل، وكل ما كان داخل المنزل هو أب وأم وثلاثة من اطفالهم، لم يتجاوز اكبرهم الـ11 من العمر.
الناس لا يرغبون بخيارات النزوح ولم يتوقعوا أن يتعرضوا لكل هذا القصف
جيران المنزل الذي تعرض للقصف، شعروا بالهلع وبدأوا على الفور بمغادرة منازلهم، هائمين على وجوههم لا يعرفون إلى اين يتوجهون.
ومثلهم كانت اسرة امين الحياني، الذي تعرض منزله للقصف، فمعظم الناس على حد قول محمد يوسف، لم يكونوا قابلين بخيار مغادرة منازلهم، لأنهم اناس شرفاء ولا يرغبون أن يشفق عليهم احد بمنحهم المأوى ومستلزمات الحياة، وإلى جانب ذلك يضيف محمد يوسف، أن توقعات الأهالي لم تكن تعتقد في أي حال من الأحوال تتعرض منازلهم واحيائهم السكنية لكل هذا الكم الكثيف من قصف الطيران والمدفعية.
انين الضحايا يرشد المسعفين المرعوبين
بمجرد أن بدأت ملامح ضوء النهار تضيء المكان أكثر، حتى تغلب الأهالي على مخاوفهم، وهرعوا لإخراج الضحايا من تحت انقاض المنزل.
يقول محمد يوسف لقد عملنا بكل ما نستطيع من سرعة وجهد، على رفع الأنقاض، والرعب يسيطر علينا من إمكانية أن نكون هدفاً للطيران الذي يحوم فوقنا، لم يكن عددنا يتجاوز اصابع اليدين، لكن صوت الأنين النابع من تحت الركام ساعدنا على الاهتداء إلى مكان الضحايا الأحياء.
كانت الطفلة ريهام هي اول من اخرجناها من تحت انقاض البيت المدمر، اسرعنا إلى إسعافها إلى مستشفى 22 مايو القريب، لكن الطريق إلى المستشفى كانت محفوفة بمخاطر قصف الطيران الذي ركز قصفه بشكل غير مسبوق على محيط المستشفى.
ويتابع محمد يوسف حديثه بالقول اخرجنا الأب، والأم ، وولدين اثنين، لكن للأسف لم ينجو منهم سوى طفل في العام الثاني أو الثالث من عمره.
لا وجود لأي منظمات
وحول ما إذا جاءت المنظمات الحقوقية لتوثيق الجريمة، قال محمد يوسف : لم تأتي أي منظمة إلى موقع المنزل الذي تعرض للقصف، ولا نعرف إن كانت المنظمات تقوم فعلاً بتوثيق مثل هذه الجرائم، أو الية عملها.
قبل الهجمات على الحديدة كانت المنظمات الحقوقية قد اطلقت الكثير من بيانات التحذير حول الكوارث الإنسانية التي يمكن أن تحدث في حال اقدم التحالف على أي تصعيد عسكري بهدف احتلال الحديدة، الأمر الذي يفترض على اساسه أن تكون المنظمات أكثر حضوراً، لإنقاذ الضحايا وتوثيق الجرائم المرتكبة بحق المدنيين.