تحليلات (وكالة الصحافة اليمنية)
لا تبدو الأيام المقبلة مفروشة بالورود لولي العهد السعودي محمد بن سلمان كما أرادها حلفاؤه له، فمن مصلح إلى سياسي خذل شعبه وصولاً إلى مُتهم بالقتل بأشنع جريمة شهدها العصر الحديث، هكذا كان حال الأمير الشاب خلال السنتين الماضيتين وهذا لا يبشّر بالخير له على الصعيد الشخصي وعلى صعيد طموحه بالوصول إلى العرش ولا على صعيد الآمال التي عقدها عليه حلفاؤه عند وصوله إلى ولاية العرش.
ابن سلمان محاصر وترامب لن يستطيع التحمّل أكثر
مع بروز قضية مقتل خاشقجي إلى العلن قبل شهر ونصف من الآن حاول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الدفاع قدر المستطاع عن ولي العهد السعودي إلا أن سلسلة التناقضات التي خرجت عن السلطات السعودية حول تفاصيل جريمة القتل أحرجت الرئيس الأمريكي وجعلت تصريحاته متناقضة أيضاً، ومع تقدّم التحقيقات فيما يخص مقتل خاشقجي بدأت تلمّح السلطات التركية إلى أن إعطاء أمر القتل جاء من أعلى المستويات داخل السعودية وهذا أعطى إشارة بأن ولي العهد قد يكون المقصود بذلك خاصة وأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نفى أن يكون الملك سلمان بن عبد العزيز على علم بما جرى أو بالتخطيط لهذه الجريمة.
اليوم جاء تقرير خطير من وكالة الاستخبارات المركزية “سي آي أيه” يفيد بأنّ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان هو من أمر بقتل الصحفي، جمال خاشقجي، الذي اختفى في قنصلية بلاده في اسطنبول، حسب تقارير نشرتها وسائل إعلام أمريكية، وقالت مصادر مقرّبة من الوكالة إن “سي آي أيه” فحصت الأدلة التي بحوزتها بشأن القضية فحصاً دقيقاً.
ولم يصل المحققون إلى “دليل صارخ” على ضلوع ولي العهد السعودي في عملية القتل، ولكنهم يعتقدون أن مثل هذه العملية لا بدّ أنها تمت بموافقته، ونفت السعودية هذه الادعاءات، وقالت إن ولي العهد لم يكن على علم بأي شيء في هذه القضية.
تأكيدات من قبل صحف غربية حول تحقيق “سي آي ايه”
تحدثت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية عن تحقيق الـ “سي آي ايه” واعتبرت أن نتائج هذا التحقيق جاءت بناءً على اتصال هاتفي أجراه خالد بن سلمان، شقيق ولي العهد، وسفير السعودية في واشنطن.
ويعتقد أن خالد بن سلمان اتصل بخاشقجي، بتوصية من شقيقه ولي العهد، وطمأنه على سلامته إذا ذهب إلى القنصلية، ولكن السفارة السعودية في واشنطن نفت أن يكون خالد بن سلمان تحدّث مع خاشقجي بشأن ذهابه إلى تركيا.
ولم يعلّق البيت الأبيض ولا وزارة الخارجية الأمريكية على تقرير “سي آي أيه” حتى الآن، ولكن المصادر تقول إن الوكالة أطلعتهما على النتائج التي توصل إليها المحققون.
ويعتقد أيضاً أن “سي آي أيه” فحصت اتصالاً هاتفياً تلقاه أحد مساعدي ولي العهد من المجموعة التي قتلت خاشقجي، ونقلت وسائل الإعلام الأمريكية عن مصادر قريبة من الـ “سي آي أيه” أن المحققين لم يعثروا على أي دليل يربط ولي العهد مباشرة بعملية القتل، ولكنهم يعتقدون أن مثل هذه العملية لا بدّ أنها تمت بموافقته.
وخلص المحققون حسب واشنطن بوست إلى أنه “يستحيل أن تكون هذه العملية تمت دون علمه بها أو ضلوعه فيها”.
من جانبها نشرت الأوبزرفر مقالاً لمراسلها في منطقة الشرق الأوسط مارتن شولوف يركز على قضية قتل خاشقجي منذ أسابيع تناول فيه أحدث التطورات في القضية.
ويقول شولوف: إن النتيجة التي توصلت إليها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) ليست اعتباطية، وأن الوكالة لا بدّ أنها تمتلك أدلة قوية على استنتاجها بأن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان هو من أصدر الأمر باغتيال خاشقجي في مقر السفارة السعودية في اسطنبول.
ويضيف شولوف: إن هذه التطورات هي الفضيحة الأكبر التي تضرب ولي العهد السعودي والحاكم الفعلي للبلاد منذ ظهوره على الساحة السياسية مشيراً إلى أنها تهزّ منطقة الشرق الأوسط بأكملها لأن إعلان الـ “سي آي إيه” هو أول تقييم حكومي أمريكي يربط محمد بن سلمان بالاسم بفضيحة اغتيال خاشقجي.
ويقول شولوف: إن استنتاج الـ “سي آي إيه” يأتي بعد أيام من محاولة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومستشار الأمن القومي جون بولتون حماية ابن سلمان وإبعاد الاتهامات عنه في الجريمة البشعة التي تورّط فيها 21 شخصاً من المسؤولين والضباط السعوديين.
ويوضح شولوف أن ترامب وبولتون قالا في السابق: إن الجريمة ارتكبها مجموعة قتلة من دون علم ابن سلمان، لكن الاستنتاجات الأخيرة للسي آي إيه تؤكد أن قبضة ولي العهد الحديدية على كل الأمور والقرارات في السعودية تجعل تنفيذ جريمة بهذه البشاعة أمراً مستحيلاً من دون علم وموافقة ابن سلمان.
في الختام.. الضغوط التي يعاني منها ولي العهد قد تكون حجر عثرة في وصوله إلى العرش، في السابق لم يكن هناك احتمال آخر يفضي إلى أن شخصاً غير ابن سلمان سيكون ملكاً للسعودية في المستقبل خاصة بعد الدعم المطلق الذي قدمته له واشنطن وبرضى إسرائيلي واضح، لكن اليوم جميع الاحتمالات ممكنة بعد سلسلة الإخفاقات التي مُني بها ولي العهد لذلك قد لا نستغرب أن يرفع ترامب يده عن حماية الأمير الشاب إذا ما شعر بأن الأمور تتجه نحو الأسوأ وأن النار تقترب منه، ولكن في نفس الوقت لا نعلم ما إذا كان ترامب نفسه ينصب فخاً للسعودية يحصد من خلاله ما لذّ وطاب له من المال الذي يراه من حق شعبه ورفاهيته.