المصدر الأول لاخبار اليمن

هؤلاء قرابين التغيير في السعودية

تقرير: وكالة الصحافة اليمنية//   لم تسلم فئة اجتماعية في المملكة العربية السعودية من حملات الاعتقال، أمراء ورجال أعمال وحقوقيون وصحفيون ودعاة وناشطات كن من أوائل من دافعن عن حقوق المرأة، بل إن البعض دفع حياته ثمنًا لخطط الإصلاح التي أعلنها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. وبينما لم تجف بعد دماء الصحفي جمال […]

تقرير: وكالة الصحافة اليمنية//

 

لم تسلم فئة اجتماعية في المملكة العربية السعودية من حملات الاعتقال، أمراء ورجال أعمال وحقوقيون وصحفيون ودعاة وناشطات كن من أوائل من دافعن عن حقوق المرأة، بل إن البعض دفع حياته ثمنًا لخطط الإصلاح التي أعلنها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

وبينما لم تجف بعد دماء الصحفي جمال خاشقجي، تثير التسريبات الجديدة عن عمليات تعذيب قاسية ضد الناشطات ومعتقلي الرأي في السعودية قلقًا متزايدًا على مصير السجناء بالمملكة لدى الأوساط الحقوقية الدولية وفي بعض العواصم الغربية.

ضروب من التعدذيب

منذ شهر مايو/أيار الماضي قامت السلطات السعودية بحملة اعتقالات تعسفية دون توجيه تهمة ضد عدد من النشطاء السعوديين من بينهم نساء تم احتجازهن بسجن ذهبان على ساحل البحر الأحمر غرب المملكة، ليصل الأمر حد تعرضهن لتعذيب لا حدود له.

منظمة “هيومن رايتس ووتش”، وفي تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني أكدت أن المحققين السعوديين عذبوا على الأقل 3 ناشطات سعوديات منذ شهر مايو الماضي، كاشفة وقوع ثلاث محاولات انتحار لإحدي المعتقلات بسبب تعرضها للتعذيب في معتقلها بالسعودية.

وبحسب المنظمة الحقوقية، شمل التعذيب من السلطات السعودية الصعق بالصدمات الكهربائية والجلد على الفخذين والتحرش الجنسي، ما تسبب لهن بصعوبة في المشي وارتعاش غير إرادي في اليدين، وعلامات حمراء وخدوش على الوجه والرقبة.

في تقرير حقوقي آخر منذ يومين، حصلت منظمة العفو الدولية “أمنيستي” على ثلاث شهادات منفصلة تثبت تعرض المعتقلين في السجون السعودية للتعذيب بشكل متكرر والصعق بالكهرباء والجلد بالسياط؛ ما أثر سلبًا على صحة بعض المعتقلين الذين أصبحوا غير قادرين على الوقوف بشكل صحيح أو المشي.

واحدة من الحالات التي تم الإدلاء بشهادة حولها تفيد بأن أحد النشطاء قد تم تعليقه في السقف، كما أكدت شهادة أخرى أن إحدى المعتقلات تعرضت للتحرش الجنسي على أيدي محققين ملثمين.

وبحسب المنظمة الدولية، تعرضت المعتقلات للتحرش الجنسي والتعذيب وغيره من أشكال المعاملة السيئة في أثناء عمليات الاستجواب التي يخضعون لها في السجون السعودية، لكن لم يكن من الواضح الهدف من تعذيب المعتقلات بهذه الطريقة، ربما من أجل إجبارهن على توقيع اعترافات أو لمجرد معاقبتهن على نشاطاتهن السلمية.

أثارت هذه التسريبات عن عمليات تعذيب قاسية ضد معتقلي الرأي في السعودية قلقًا متزايدًا بحق أسر معتقلي الرأي وحتى المعارضين في الخارج، حيث لا يقتصر الأمر على حرمانهم من رب الأسرة بسبب وضعه بالسجن بل تمارس إجراءات أخرى تحيل حياتهم إلى “جحيم”.

وبرصد لأبرز ما نشر عن معاناة أهالي المعتقلين من الدعاة والمفكرين والشخصيات الحقوقية والمجتمعية السعودية فإن عددًا كبيرًا منهم تعرض لحملات استدعاء وتهديد من أجل الصمت وعدم الحديث عن حرمان المعتقلين من الزيارة والاتصال بالمحامي، والحرمان من مشاركة المعتقل في المناسبات الدينية وخاصة أيام العيد.

وبالنسبة لذوي المعتقلين، تداهم الجهات الأمنية السعودية منازلهم عدة مرات بعد اعتقال ذويهم، ولم تقف الانتهاكات عند حد المعتقلين وعائلاتهم بل طالت كل من له صلة بهم من أصدقاء ومعارف.

قرابين التغيير

في زمن الانفتاح المروج له في الخارج، لم يشهد مجال حقوق الإنسان في المملكة تضييقًا كما يحدث منذ تصعيد الأمير محمد بن سلمان إلى ولاية العهد، ومع أنه يتبنى خططًا لإصلاحات جديدة، إلا أن أي انتقاد لقمع حرية التعبير أو تعاطف مع معتقلي الرأي ينتهي بالاقتياد إلى جهة مجهولة.

في 24 ممن يونيو/حزيران، أنهت الحكومة السعودية حظرًا دام لعقود على قيادة المرأة السعودية للسيارات في إطار حملة لتعزيز الانفتاح الاجتماعي، وقبل أسابيع فقط من هذا التاريخ، شنت السلطات حملة واسعة ومنظمة نالت من عشرات المدافعين عن حقوق المرأة في المملكة.

اعتقلت السلطات السعودية وقتها 13 ناشطة بارزة على الأقل في هذا المجال، واتهمت العديد منهن بجرائم خطيرة يبدو أنها مرتبطة مباشرة بنشاطهن، فيما لا تزال 9 نساء على الأقل محتجزات دون تهم، رغم أن بعض التهم المنتظرة يمكن أن تصل إلى السجن 20 سنة.

جسدت هذه الخطوة حالة التناقض الواضحة في سياسات ولي العهد الإصلاحية، ففي الوقت الذي يرفع فيه شعارات حقوق المرأة وتدشين صفحة جديدة في تاريخها، إذ به في الجانب الآخر يزج بها في غياهب السجون والمعتقلات، وكثير من الناشطات دافعن عن الإصلاح ولكن يبدو أن إصلاحهن مختلف عما تؤمن به السلطة الحاكمة.

وفي الوقت الذي ترفع فيه المملكة حظر قيادة السيارة على المرأة السعودية تعتقل ناشطات كن أول من طالبن بهذا الحق، وثمة من يرى أن السلطات السعودية بقمع معارضيها توجه رسالة إلى الناشطين بعدم رفع سقف مطالبهم بما يتجاوز وتيرة إصلاحات الحكومة.

كانت الناشطة السعودية سمر بدوي والكاتبة نسيمة السادة من آخر ضحايا حملة الاعتقالات غير المسبوقة، وإذ تُكرم سمر دوليًا على شجاعتها بحصولها قبل 6 أعوام على الجائزة الدولية للمرأة الشجاعة، تُلاحق وتُتعتقل في بلادها للسبب ذاته.

الكثير من هؤلاء الناشطات كن من أوائل المطالبات والمدافعات لسنوات طويلة عن حق المرأة السعودية في قيادة السيارة والتصويت في الانتخابات البلدية، لكن في السنة التي تحقق فيها ذلك، يجدن أنفسهن ليس خلف مقود السيارة بل وراء قضبان السجون، والتهمة هي الرأي الآخر.

لم يتعارض ما تطالب به سمر بدوي وغيرها من الحقوقيات مع الإصلاحات والإجراءات التي يعلنها ولي العهد للانفتاح وتخفيف الكثير من القيود الصارمة في المجتمع السعودي، ولعل هذا ما يثير الحيرة، فمن المفترض أن توظف السلطات السعودية الشهرة الدولية لبعض الأسماء الحقوقية مثل سمر بدوي للترويج عالميًا للإصلاح، إلا أنها تعتقلهن وتخفيهن في السجون.

تصف منظمة هيومان رايتش واتس الحكم بـ”الاستبدادي”، وتقول إن السلطات في الرياض ترى أي معارضة سلمية تهديدًا لحكمها الاستبدادي، وبحسب المنظمة “لا معنى للإصلاح في بلد يتجاهل سيادة القانون كالسعودية”.

وبالنسبة للمطالبين بحقوق حقيقية، فإن الإصلاحات في السعودية لا يمكن أن تُختصر في صالات للسينما أو حلبات للمصارعة في وقت تبقى فيه حرية الرأي والتعبير مكبَّلة، ويتساءل حقوقيون دوليون: أي إصلاح يتبع بإخفاء أكاديميين وناشطين حقوقيين ورجال الدين واتهامهم زورًا وانتزاع اعترافات منهم تحت التعذيب وتخوينهم أحيانًا؟

صورة المملكة “السلمانية”

منذ صعود محمد بن سلمان وزيرًا للدفاع ثم وليًا للعهد تفارق السعودية صورتها القديمة وتتقاطع مع دبلوماسية استقرت في الرياض مع دول العالم منذ عقود، وكانت الصورة كالآتي: مملكة تنشغل نخبها بشؤون الصحراء في الداخل والبذخ في الخارج، وإلى حد كبير يُتجنب الحرج دوليًا في كل الملفات التي تتجنب المملكة، يُعطف على هذا أن كل ملك من ملوك السعودية وسم صورة البلاد بشخصيته، ففيصل ليس
فهد، والأخير ليس عبد الله وبالتأكيد ليس سلمان.

لكنهم جميعًا باستثناء الأخير نأوا بالسعودية ما أمكن عن التجاذب أواستفزاز بقية العالم أو عدم الامتثال للقوانيين الدولية، إلى أن جاء الأمير محمد بن سلمان الذي طغت شخصيته على أبيه فأنتج صورة السعودية بما يفعل.

بدأت الصورة بالاهتزاز الدراماتيكي باعتقالات اصطلح على تسميتها “الريتز كارلتون”، فلم تعد العائلة المالكة محصنة من الاعتقالات، وتلك حملة افتتح بها الأمير الشاب ولاية عهده في مسعى لتثبيت سلطته بحسب تقارير إعلامية غربية، ولم يغادروا فندق الريتز الذي تحول إلى سجن مؤقت إلا بعد التسويات النقدية مقابل حريتهم.

ثم اتجه لاستهداف التيار المعتدل، فضرب ركنًا متينًا آخر قامت عليه البلاد، ففي سبتمبر/أيلول الماضي شملت الاعتقالات نحو 70 شخصًا بينهم الداعية المعروف سلمان العودة الذي يُوصف بأنه من أبرز المنادين بالإصلاح الاجتماعي والسياسي.

ورغم أن الاعتقالات في السعودية ليست جديدة فإن حجمها ونوعها وتوقيتها يطرح ألف سؤال، فقد اتهم تقرير للأمم المتحدة المملكة باستخدام قوانين مكافحة الإرهاب لتبرير التعذيب وقمع المعارضين والسجن للمدافعين عن حقوق الإنسان، وأكد التقرير أن من يمارسون حقهم في حرية التعبير يضطهدون بشكل ممنهج في السعودية.

انتهى الأمر بابن سلمان إلى ما لم يحدث سابقًا وعلنًا وبطريقة بالغة الفجاجة، وهو الاغتيال، حدث هذا داخل السجون السعودية دون نفي رسمي، وفي الخارج حدث مع جمال خاشقجي، فأي زعيم سيستقبل ابن سلمان على السجادة بعد اليوم؟ وأي مصداقية تبقت لمملكة الصحراء الثرية فيما لا تزال حملة الاعتقالات الأوسع في تاريخ المملكة الحديث مستمرة؟.

……………..

المصدر: noonpost

قد يعجبك ايضا