سوق الأدوية.. أصناف باهضة الثمن لمرضى أرهقتهم الحرب والمجاعة
تحقيق خاص//وكالة الصحافة اليمنية// تجارة أخرى يعاني الموطن اليمني من جشع أمراؤها الذين يقصمون ظهره إضافة إلى تجار القمح والأغذية والمشتقات النفطية،… إنهم تجار الأدوية، الذين تعبر أموالهم الحدود وتتجاوز أرباحهم كل حدود المعقول. تجارة يشترك فيها كل من التاجر العابر للحدود والمستشفيات المحلية والأطباء المتخصصين والصيادلة المنتشرين في كل أزقة وشوارع المدن اليمنية. إلى […]
تحقيق خاص//وكالة الصحافة اليمنية//
تجارة أخرى يعاني الموطن اليمني من جشع أمراؤها الذين يقصمون ظهره إضافة إلى تجار القمح والأغذية والمشتقات النفطية،… إنهم تجار الأدوية، الذين تعبر أموالهم الحدود وتتجاوز أرباحهم كل حدود المعقول.
تجارة يشترك فيها كل من التاجر العابر للحدود والمستشفيات المحلية والأطباء المتخصصين والصيادلة المنتشرين في كل أزقة وشوارع المدن اليمنية.
إلى جانب ما يعانيه المواطن من انعدام للدخل وارتفاع أسعار المواد الأساسية نتيجة للحرب العدوانية وللحصار والحرب الاقتصادية التي تستهدف العملة الوطنية و تلاشي سبل الحياة، يتلقى المواطن الضربة القاضية من قبل الطبيب الذي يلجأ إليه لمعالجة مشاكله وأمراضه، غير أنه يجد نفسه بين يدي تاجر آخر لا طبيب، في سوق أخرى لا في مستشفى أو عيادة.
وبالرغم من فشل الأطباء في تشخيص معظم الحالات المرضية إلا أنهم لا يتأخرون عن سرد قائمة من الأدوية باهضة الثمن، ليس لأن المريض يحتاجها بل لأن لدى الطبيب اتفاقات تجارية مع أكثر من وكيل/مورد أدوية وأكثر من صيدلية يحصل بموجبها على نسبة من ثمن تلك الأدوية التي يجبر المواطن على شرائها من الصيدلية المتعاقدة مع الدكتور.
عبدالله أحمد ناصر جبيح جاء إلى العاصمة صنعاء لإسعاف زوجته التي أكد له الطبيب الذي أخضعها لعدة فحوصات وتحاليل وكشافات بأنها تعاني من التهابات في الدم، وصرف له الطبيب قائمة فيها تسعة أنواع من الأدوية وطلب منه شرائهن، وبعد بحث مضن لم يجدهن فعاد للطبيب ليعطيه عنوان صيدلية محددة تتوفر فيها تلك الأصناف النادرة ولم يجد بداً من شرائهن بالسعر الذي أراده الصيدلي لعدم توفر خيارات أخرى أمامه.
مقبل العبدي احتاج شراء جهاز طبي لوالدته بناء على مواصفات حددها الطبيب الذي تعالجت عنده، ولم يجد الجهاز سوى بعد إجراء الدكتور لعدة اتصالات ليذهب مقبل بعدها إلى إحدى المخازن في شارع الرقاص وشراء الجهاز بمبلغ تجاوز العشرين ألف ريال.
حفظ الله الكول هو الآخر لم ترحمه رغبة الطبيب بجني المزيد من المال، فخلال شهر واحد كتب له دكتور الباطنية الذي يتعالج في عيادته الخاصة أكثر من ثلاث جرع بمبالغ باهضة، ويؤكد بأن الدكتور حدد له الصيدلية التي يشتري منها تلك الأدوية بزعم أنها أصلية وأنها لا توجد في سوق الأدوية بنفس المواصفات.
خليل أبو حورية عانى كثيرا وتقطعت قدماه وهو يبحث في صيدليات ومخازن أمانة العاصمة عن دواء كتبه له أحد أطباء القلب في العاصمة الأردنية عمان، نسخ مزيفة ومهربة كثيرة وجدها في العاصمة صنعاء لكنه لم يجد نفس النوع المطلوب، اضطر لشراء نوع مشابه بمواصفات أقل غير أنه تفاجئ بسعر أغلى سعر النوع الأصلي.
المستهلك اليمني في سوق الأدوية يعاني مرارات الألم ومرارات جشع تجار الدواء، يصارع سكرات الموت تارة ويواجه متطلبات الأطباء الشرائية تارة أخرى، وحيداً يعاني ويحتضر في غياب تام لجمعيات المستهلكين أو المرضى، ففي هذا السوق فقط نجد نقابة لتجار الأدوية ونقابة للصيادلة وأخرى للأطباء ولا يوجد أي كيان أو جمعية لحماية المرضى أو الدفاع عنهم.
وحيداً يواجه المواطن اليمني الذي أنهكته الحرب والأزمات المتزامنة مافيا الأدوية ويعاني أشد المعاناة، لأنه في الواقع يتعامل مع الروشتة التي يكتبها له الطبيب بجدية قصوى كونها تتعلق بصحته أو بصحة أقربائه وهو الأمر الذي يقوده لدفع المبلغ الذي يطلبه البائع في أي صيدلية أمخزن أدوية.
بالتزامن مع المعاناة تخوض الجهات الحكومية ممثلة بوزارة الصناعة والتجارة حرب كر وفر مع تجار المواد الغذائية الذين ساهموا بشكل كبير في أذية المواطن اليمني إلى جانب قوى العدوان والحرب التي أعلنتها السعودية على اليمن منذ مارس 2015م، ويبدو أن الجهات الحكومية ستظل مشغولة وبعيدة عن أسهم وبورصة الأدوية التي تشهد ارتفاعاً مهولاً حولها من أدوية إلى معادن نفيسة يصعب شرائها.