محمد محسن وتد – القدس المحتلة
أماط اعتراف إسرائيل الرسمي برفضها طلبا لدولة خليجية لشراء طائرة مسيرة من صناعاتها الجوية، الستر عن كواليس التعاون العسكري بين تل أبيب ودول عربية وإسلامية.
وكشف التلفزيون الإسرائيلي الرسمي النقاب عن أن دولة خليجية قدمت طلبا لتل أبيب قبل سنوات عدة لشراء طائرة مسيرة من طراز “هرمز 450″ والملقبة بـ”زيك”.
ووفقا للقناة الإسرائيلية فإن السلطات الأمنية بتل أبيب رفضت طلب الدولة الخليجية التي قررت عقب ذلك شراء طائرات من دون طيار من الصين. وقالت وزارة الدفاع الإسرائيلية ردا على ذلك إنها “لا تعقب على صفقات الصادرات الأمنية”.
ورغم التكتم الإسرائيلي على اسم الدولة الخليجية بطلب من الرقيب العسكري، فإن التلفزيون الإسرائيلي أفاد بأن الدولة المعنية هي الإمارات العربية المتحدة، التي قال إنها أبرمت خلال عام 2017 صفقة مع الصين لشراء طائرات مسيرة استخدمتها في تنفيذ عمليات هجومية واغتيالات في اليمن.
بعيدا عن الأضواء
يأتي هذا الكشف ليعزز الأنباء عن توجه دول عربية وإسلامية لتوسيع تعاونها العسكري والاستخباري مع إسرائيل بعيدا عن الأضواء.
ففي نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي نشرت صحيفة هآرتس تحقيقا كشف أن السعودية تستعمل منظومات تجسس إلكترونية إسرائيلية (بيغاسوس 3)، اشترتها من شركة “أن أس أو” الإسرائيلية بموجب اتصالات وصفقات أبرمت ما بين 2014 و2017، حيث بلغت القيمة الأولية للصفقة 55 مليون دولار من إجمالي يبلغ 208 ملايين دولار.
ويستثني قسم تصدير الصناعات العسكرية في وزارة الدفاع الإسرائيلية أي بيانات حيال التبادل التجاري العسكري مع دول عربية أو إسلامية ليست لها علاقات دبلوماسية مع تل أبيب.
ووفقا لبيانات صادرة عن الوزارة عن العام 2017 التي أوردتها صحيفة “كلكليست” الاقتصادية، فإن الصادرات العسكرية الإسرائيلية للعالم بلغت 9.2 مليارات دولار، مما يعكس زيادة بنسبة 40% مقارنة مع العام 2016، وهو ما أدى لتصنيف إسرائيل بوصفها واحدة من بين أكبر عشر دول مصدرة للصناعات العسكرية والأمنية في العالم.
ومن خلال استعراض التوزيع الجغرافي للصادرات العسكرية الإسرائيلية، فقد كانت معظم الصادرات إلى دول آسيا والمحيط الهادي بحوالي 58%، وأبرز الصفقات كانت بقيمة 2 مليار دولار وقعت بين الصناعات الجوية الإسرائيلية والهند، منها أكثر من 1.6 مليار دولار لنظام الدفاع الجوي “باراك 8”. وتأتي في المرتبة الثانية أوروبا بنسبة 21% من الصادرات، وأميركا الشمالية بنسبة 14%، وأفريقيا بنسبة 5%، وأميركا اللاتينية بنسبة 2%.
صفقات وعلاقات
محلل الشؤون العسكرية والأمنية في الإذاعة الإسرائيلية إيال عليمة يرى أن هذه القضية وإن كانت تفاصيلها مبهمة “تعكس الوضع القائم”.
وقال أن “بعض الدول العربية والإسلامية تبقي على العلاقات الأمنية والصفقات العسكرية مع تل أبيب تحت طي الكتمان، كما أن لإسرائيل مصلحة في ذلك منعا لإحداث أي إرباك أو إحراج لهذه الدول التي لا توجد معها علاقات دبلوماسية أو بسبب حساسية العلاقات القائمة أصلا”.
وبرأيه فإن الكشف عن طلب الإمارات شراء الطائرات المسيرة من إسرائيل “لا يبدو غريبا أو مستغربا”، مشيرا إلى تصريحات وردت على لسان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وغيره من القادة الإسرائيليين، تحدثوا عن “علاقات متينة” بين تل أبيب ودول خليجية وعربية، تبقى تحت مظلة من السرية بطلب من هذه الدول.
وعن طبيعة العلاقات الأمنية والعسكرية بين إسرائيل ودول عربية، قال عليمة “نستطيع الحديث عن صفقات أسلحة متطورة ومنظومات تكنولوجيا، أو مشاريع عسكرية لمنتجات مشتركة من تطوير الصناعات العسكرية الإسرائيلية والأميركية التي كانت محط اهتمام دول في الشرق الأوسط التي سارعت لإبرام صفقات مع تل أبيب”.
وأوضح أن رواج صفقات الأسلحة واتساع الحديث والنشر عنها في هذه المرحلة سبقه تعاون استخباراتي وتنسيق أمني إسرائيلي مع “الدول المعتدلة” في كل ما يتعلق بـ”مكافحة الإرهاب”.
رسائل ومصالح
الطرح ذاته تبناه واستعرضه نمرود جورن مدير المعهد الإسرائيلي “ميتفيم” المتخصص في السياسات الخارجية لإسرائيل والشرق الأوسط، الذي تحدث عن تاريخ حافل بالعلاقات السرية بين إسرائيل ودول عربية في المجال الأمني والعسكري والدبلوماسي والاستخباراتي وتبادل المعلومات وصفقات الأسلحة.
ولفت إلى أن الجديد في الأمر هو النشر والكشف عن كواليس هذه العلاقات والصفقات، مضيفا أن رفض إسرائيل صفقة الطائرات المسيرة مع دولة خليجية يعود بالأساس لرفضها الكشف عن هذه التكنولوجيا حتى لدول تعتبرها صديقة أو لربما لمعارضة أميركا للصفقة.
وفيما يخص التماهي في النشر والكشف عن إبرام صفقات أسلحة وتكنولوجيا وتعاون أمني وعسكري، رجح جورن في حديثه أن ذلك من مصلحة إسرائيل “لتبعث بذلك رسالة لإيران بأن تل أبيب ماضية في تعزيز الحلف مع الدول السنية المعتدلة”.
وتابع أن نتنياهو يبعث رسائل داخلية للمجتمع الإسرائيلي وتطمينات قبيل الانتخابات بأن قطار التطبيع انطلق وبسرعة وأنه ما عادت هناك تهديدات أمنية.