المصدر الأول لاخبار اليمن

بوليسي دايجست: لماذا قتلت السعودية جمال خاشقجي؟

الخليج//وكالة الصحافة اليمنية// مؤخرا، صنفت مجلة “تايم” الصحفي السعودي المقتول “جمال خاشقجي”، إلى جانب صحفيين آخرين تم اضطهادهم، كشخصية هذا العام.   وقد مضى أكثر من شهرين منذ أن دخل “خاشقجي” القنصلية السعودية، ولم يغادرها منذ ذلك الحين. وكانت هناك تغطية كبيرة لطبيعة القتل والتداعيات الدولية التي تسبب فيها. ومع ذلك، كان هناك تغطية أقل […]

الخليج//وكالة الصحافة اليمنية//
مؤخرا، صنفت مجلة “تايم” الصحفي السعودي المقتول “جمال خاشقجي”، إلى جانب صحفيين آخرين تم اضطهادهم، كشخصية هذا العام.

 

وقد مضى أكثر من شهرين منذ أن دخل “خاشقجي” القنصلية السعودية، ولم يغادرها منذ ذلك الحين.

وكانت هناك تغطية كبيرة لطبيعة القتل والتداعيات الدولية التي تسبب فيها.

ومع ذلك، كان هناك تغطية أقل بكثير حول: لماذا قتلت المملكة “جمال خاشقجي”.

 

وكان “خاشقجي” أحد أشهر المعلقين السياسيين السعوديين في الولايات المتحدة، ولكي تقوم الحكومة السعودية بقتله داخل قنصلية بهذه الطريقة الوقحة، كان عليها أن تتوقع ردة فعل دولية عنيفة من شأنها أن تفسد كل الجهود المبذولة لتسويق صورة “محمد بن سلمان” كمصلح ليبرالي شاب يحاول بناء المملكة العربية السعودية الجديدة.

 

فما الذي جعل “جمال خاشقجي” خطيرا جدا على “بن سلمان”؟

هل كان “جمال خاشقجي” من معارضي النظام؟

“محمد بن سلمان يفعل الشيء الصحيح، ولكن بطريقة خاطئة جدا!”، كانت هذه إحدى مقولات “جمال خاشقجي”.

 

ولدى “خاشقجي” تاريخ موثق بشكل جيد في العمل مع الحكومة السعودية، ووسائل الإعلام السعودية، وشخصيات مؤثرة داخل المجتمع السعودي بالقرب من العائلة المالكة.

ومنذ عام 2015، كان “خاشقجي” يعمل لدى عضو الأسرة المالكة السعودية البارز والرئيس السابق للمخابرات السعودية، الأمير “تركي الفيصل”.

كما حاول تأسيس شركة إعلامية مع الملياردير السعودي “الوليد بن طلال”، الذي كان “معتقلا” من قبل “محمد بن سلمان” في “فندق ريتز كارلتون” خلال حملة مكافحة “الفساد” عام 2016.

 

ومع ذلك، ورغم أنه يصر بشدة على أنه مؤيد للمملكة والنظام السعودي، لكنه كان يعارض بشكل واضح العديد من السياسات والأساليب والمشاريع الرئيسية لولي العهد “محمد بن سلمان”، مثل مدينة “نيوم” المستقبلية التي ستدفع الحكومة السعودية فيها 500 مليار دولار، وقرار إدراج 5% من “أرامكو” السعودية في اكتتاب عام أولي، وقمع “الإخوان المسلمون”، والحصار المفروض على قطر، وكذلك الحرب في السعودية في اليمن.

 

تركيا

“رجب طيب أردوغان هو زعيم إسلامي ملتزم بمنهج خاص ويهتم بشدة بالأمة الإسلامية” – جمال خاشقجي (2016).

وعلى الرغم من أن “خاشقجي” لا يؤيد “بن سلمان”، وينتقد إيران بشدة، لكن هناك قائدا في الشرق الأوسط يبدو أنه يحترمه، ألا وهو الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان”.

 

وفي مقابلة أجراها “خاشقجي” مع الرئيس التركي في أنقرة، ناقش الجانبان جميع المصالح المشتركة بين السعودية وتركيا، وسبل عمل البلدين معا.

وكانت هذه هي المرة الثالثة التي يقابل فيها “خاشقجي” “أردوغان”، وحدث ذلك بعد أقل من شهرين من محاولة الانقلاب في تركيا، التي أدت إلى اعتقالات جماعية ضد أنصار الانقلاب المزعومين.

 

وبعد اختفاء “خاشقجي”، أشار إليه “أردوغان” على أنه صحفي و”صديق”.

ودعا “خاشقجي” على الدوام إلى تعاون أكبر بين تركيا والسعودية، وعلى وجه الخصوص استخدام تركيا للمساعدة في موازنة نفوذ إيران في المنطقة.

 

وكان من بين المطالب التي قدمتها السعودية والإمارات والبحرين ومصر من أجل رفع الحصار على قطر مطلب إغلاق قاعدة عسكرية تركية قيد الإنشاء في الدوحة، وردت تركيا بتسريع عملية البناء للقاعدة.

 

وتتشاطر تركيا رؤية أيديولوجية مشتركة للشرق الأوسط مع قطر، وهذه الرؤية تدعم كلا من “الإخوان المسلمون”، وثورات الربيع العربي.

 

الإخوان المسلمون

“الإخوان المسلمون هم حلفاء طبيعيون، والمملكة العربية السعودية دولة إسلامية إحيائية، ولا يستطيع محمد بن سلمان الهروب من ذلك” – جمال خاشقجي.

وفي مقابلته الأخيرة، قبل بضعة أيام فقط من اختفائه، أعاد “خاشقجي” التأكيد على ما قاله من قبل: “السعودية هي أم وأب الإسلام السياسي”.

 

ولا يختلف “خاشقجي” فقط مع قمع الحكومة السعودية لـ”الإخوان المسلمون”، لكنه يصف أيضا “الإخوان المسلمون” بأنهم “حلفاء طبيعيون لـ محمد بن سلمان”، ويقارنهم بمؤسسي المملكة.

ويتفق “خاشقجي” بشكل عام مع أطروحة مفادها أن الربيع العربي كان دليلا على تغلغل مفاهيم “الإخوان المسلمون”، ما يدل على أن الجماعة تمثل شريحة هائلة من العالم الإسلامي، خاصة بعد فوزها في الانتخابات في العديد من الدول العربية.

 

وفي الوقت نفسه، كان ينتقد أيضا “الإخوان المسلمون”، ووصف حساباتهم بأنها “كارثية”، حين قرروا التحول ضد السعودية بسبب دعوة الجنود الأمريكيين للمملكة مطلع التسعينات، وكذلك انتقد الطريقة التي كانوا يحكمون بها في مصر.

 

وعلى الرغم من أنه امتدح جماعة “الإخوان المسلمون” لرفع شعار “الديمقراطية هي الحل”، مثلما كانوا قد استخدموا سابقا شعار “الإسلام هو الحل”، فقد جادل بأن “الإخوان” لم يفعلوا ما يكفي للدفاع عن الديمقراطية.

 

ويعترف “خاشقجي” بكونه “نشط” في صفوف “الإخوان المسلمون” عندما كان طالبا، لكنه وصف نفسه كصحفي يدعو فقط إلى فضاء يسمح بانتقاد ومناقشة الإصلاحات الجارية في المملكة، ويسمح له بالقيام بعمله كصحفي.

ومع ذلك، فهو يدرك أن مثل هذا الفضاء سيكون إيجابيا لـ”الإخوان المسلمون”.

 

وفي حين يبدو أن قتل “جمال خاشقجي” قد يكون خطأ استراتيجيا أو فشلا تاما في العلاقات العامة لـ”بن سلمان”، من المهم أيضا أن نضع في اعتبارنا أنه من المحتمل أن يكون هناك جمهور آخر في ذهن ولي العهد، ألا وهو الجمهور السعودي المحلي.

 

وقد أراد “خاشقجي” أن يصور نفسه سعوديا وطنيا ومدافعا عن النظام السعودي، ويريد ولي العهد أن يرسل رسالة مفادها أنه لا يوجد نظام سعودي بدونه، فلا عودة إلى زمن “محمد بن نايف”.

 

ويعد “خاشقجي” خطيرا بالنسبة للنظام السعودي، لأنه يفهم لغة الدول الغربية وله علاقات معها، بالإضافة إلى فهمه العميق للواقع السياسي في الشرق الأوسط.

وعلى الرغم من أن حزب العدالة والتنمية في تركيا لا يخلو بالتأكيد من العيوب، لكنه يمثل تلاحما لـ”الديمقراطية” و”الإسلاموية” التي يعتبرها “خاشقجي” وسيلة واقعية لتقدم العالم العربي وفق نموذج “الإخوان المسلمون”.

 

وقد أظهر الربيع العربي لـ”خاشقجي” أن هذا المزيج من النزعة الشعبية الاقتصادية، والمحافظة الاجتماعية الدينية، واعتماد اللغة الديمقراطية، هو المزيج الأنسب لسياسات العالم العربي، ومع ذلك، في السياسة، غالبا ما يكون النجاح أكثر خطورة من الفشل.

 

المصدر/الخليج الجديد

قد يعجبك ايضا