تقرير: وكالة الصحافة اليمنية//
تطورات إيجابية عديدة شهدها الصومال في الآونة الأخيرة، تمثل أبرزها في إعلان الولايات المتحدة إعادة بعثتها الدبلوماسية إلى مقديشو بعد غياب استمرّ 28 عامًا، وسبق هذا القرار الأمريكي استئناف شركة الخطوط الجوية الإثيوبية تسيير رحلاتها المباشرة للعاصمة الصومالية، كما تدرس الخطوط الكينية خطوة إعادة رحلاتها هي الأخرى.
ورغم الهجمة الإعلامية الشرسة التي يشنّها الإعلام الإماراتي بالتحديد على الصومال، بدا أكثر الصوماليين متمسكين برئيسهم محمد عبد الله فرماجو يلاحظ ذلك من يراقب تفاعلات الشباب الصومالي على مواقع التواصل الاجتماعي، بينما لم ينساق وراء تشويهات الإعلام المعادي إلا قلّة من أفراد الشعب، إذ إن فرماجو يمثل للسواد الأعظم من الشباب صوت الأمل والتفاؤل بمستقبل زاهر للصومال البلد الإفريقي الذي عانى من وطأة الصراعات الدامية، وحتى إن كثيرًا من الذين لديهم اختلافات في الرؤى مع الرئيس الصومالي لم يفجروا في الخصومة ولم ينساقوا وراء تضليلات إعلام أبو ظبي.
خطوة متسرعة من حكومة الصومال
وسط أجواء التعافي التي تعيشها مقديشو في الآونة الأخيرة بعد إسقاط مذكرة كانت تهدف إلى حجب الثقة عن محمد عبد الله فرماجو، اتخذت السلطات الصومالية الثلاثاء الماضي خطوة جريئة بإبلاغ مبعوث الأمم المتحدة الخاص بالصومال، نيوكلاس هايسوم، أنه “شخص غير مرغوب فيه”، مطالبة إياه بمغادرة البلاد.
وأوضحت وزارة الخارجية في بيان نشرته وكالة الأنباء الصومالية الرسمية (صونا)، أن “هذا القرار جاء بعد تجاوز مكتب المبعوث الأممي إلى الصومال للأعراف والتقاليد الدولية بشكل واضح، وقيامه بالتدخل السافر في شؤون ووحدة البلاد”، لم تفسر وزارة الخارجية طبيعة التجاوزات ولكن وسائل إعلام محلية ونشطاء اعتبروا أن هذا القرار يأتي مباشرة بعد رسالة وجهها المبعوث الدولي إلى وزارة الأمن الصومالية مطالبًا فيها بتقديم توضيحات بشأن أعمال عنف شهدتها “بيدوا” عاصمة ولاية جنوب غرب الصومال، معتبرًا في رسالته أن ما حدث في المدينة يعد انتهاكًا لحقوق الإنسان.
زيادة على ذلك، كان نيوكلاس هايسوم قد وجّه إدانة “شديدة اللهجة” بعد الهجوم غير المباشر على قاعدة الأمم المتحدة في العاصمة الصومالية، مقديشو، الذي تبنّت حركة الشباب الصومالية “المصنفة إرهابية” مسؤوليتها عنه، ويبدو أن الحكومة الفيدرالية في الصومال انزعجت من لهجة بيان المبعوث الأممي واعتبرت أنه يتجاوز الأطر الدبلوماسية المتعارف عليها في مثل هذه الحالات.
ومن الواضح أن حكومة فرماجو فاض بها الكيل من تصرفات هايسوم التي جاءت تباعًا، حيث اعتبرت أن رسالته الأولى عن تقديم تفسيرات لما جرى في بيدوا وسؤاله عن مشاركة قوات إثيوبية في الهجوم على المدينة بأنه تدخل يتجاوز تفويضه ونطاق عمله المرسوم له، وجاءت الخطوة الثانية من ممثل الأمم المتحدة بإدانته الشديدة للهجوم الإرهابي على مقر البعثة، مما جعل مقديشو تشعر بأن الرجل يتهمها ضمنًا بالتقصير، وهنا لم تتردد في اتخاذ قرار بإعلانه شخصًا غير مرغوب فيه.
لم يجد قرار طرد المبعوث الدولي ترحيبًا من أي جهة، فقد عارضه مجلس تعاون الولايات الإقليمية الصومالية، واتهم بيان أصدره المجلس الحكومة بالتسرع في إصدار ذلك القرار، ودعا المجتمع الدولي إلى عدم إيقاف الدعم الذي يقدمه للشعب الصومالي الذي يمر بمرحلة حرجة “حسب البيان”، كما حثّ لجنتي الشؤون الخارجية في مجلسي الشيوخ والشعب في البرلمان الفيدرالي على حل هذه القضية.
ودخلت “أرض الصومال” الجمهورية المعلنة من جانب واحد على الخط، فقد أعربت عن استيائها من إعلان الحكومة الفيدرالية الصومالية مبعوث الأمم المتحدة نيكولاس هايسوم شخصًا غير مرغوب فيه، واعتبر بيان أرض الصومال أن قرار الحكومة الصومالية لا يعني هرجيسا التي تقدر التعاون بينها وبين الأمم المتحدة والدعم التنموي والإنساني الذي تقدمه لها الأخيرة، محذرًا من عواقب وخيمة للقرار الذي
اتخذته الحكومة الصومالية.
أما حكومة مقديشو فلم تقف متفرجة، إذ دافع وزير الخارجية أحمد عيسى عوض عن القرار قائلًا: “مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة في الصومال نيكولاس هايسوم تجاوز النظم المتبعة في مكتبه، لذلك اتخذت الحكومة قرارًا واضحًا بعدم عمله في البلاد”، مؤكدًا أن الحكومة لم تستعجل في اتخاذ قرار بطرد نيكولاس هايسوم، حيث منحته الوقت الكافي لتقديم الاقتراحات والمشورة، لكن منذ وصوله إلى الصومال تحدث بكلام يمس سيادة ووحدة البلاد. حسب تعبير وزير الخارجية الصومالي.
أحداث مدينة بيدوا فجّرت الأزمة
كان المبعوث الأممي إلى الصومال، بعث برسالة إلى محمد أبوبكر إسلوا وزير الأمن في الحكومة الفيدرالية، يطلب منه تقديم تفسيرات عما حدث في مدينة “بيدوا” عاصمة ولاية جنوب غرب الصومال المؤقتة الأيام التي سبقت الانتخابات التي جرت فيها يوم 19 من ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وتفجّرت الأوضاع في بيدوا منذ قيام القوات الأمنية الشهر الماضي باعتقال القيادي السابق في حركة الشباب الإرهابية مختار روبو المعروف بـ”أبو منصور” الذي كان يستعد لخوض سباق رئاسة ولاية جنوب غرب الصومال، وبررت السلطات الصومالية قرار اعتقال روبو بأنه لم يفِ بالشروط اللازمة لرفع القيود التي لا تزال مفروضة عليه، وعلى رأسها التخلي عن فكرة التطرف والتنديد بها علنًا، ودعم الحكومة الصومالية، بالإضافة إلى الابتعاد عن الأفعال التي تخل بنظام الدولة وتدبير مؤامرات ضد الحكومة المركزية والولايات.