الفرار من الموت إلى الموت.. رهائن يمنيين في أيدي عصابات ليبية
الفرار من الموت إلى الموت.. رهائن يمنيين في أيدي عصابات ليبية
أنس الغيلي/ وكالة الصحافة اليمنية
لم يكن محمد علي البعداني، وهو شاب عشريني من أبناء محافظة إب، يعلم ما ينتظره من مصير خارج حدود وطنه بعد رحلة عناء طويلة، أجبرته الحرب على خوضها للبحث عن عمل يستر به حال أسرته ويؤمن به حياته.
في مارس من العام 2018 هاجر محمد وأربعة من رفاقه وأسرته إلى السودان ومنها إلى ماليزيا، حيث عمل هناك أياما قبل انتهاء تأشيرة سفره، وفي مكتب يمني للطيران في ماليزيا حجز رحلته إلى موريتانيا ولكن حين ذهب إلى المطار لم يستطع السفر لأن تأشيرة سفره ذهاب فقط”.
ليس محمد وحده من أجبرته الظروف على البحث عن عمل خارج اليمن إذ يتجاوز عدد اليمنيين في الخارج، وفق إحصاءات رسمية صادرة عن وزارة المغتربين، سبعة ملايين شخص، ويمثلون ما نسبته أكثر من 28% من إجمالي السكان و40% من إجمالي القوى العاملة، كآخر إحصائية قبل الحرب التي اندلعت في أواخر مارس/ آذار 2015، والتي ساهمت في زيادة عدد المغتربين، إذ خلفت أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
عاد محمد ورفاقه إلى السودان حاملين خيبة أملهم الصغرى، والبؤس يرتسم على ملامحهم بعد أن أغلقت الأبواب في وجوههم، لكنهم لم ييأسوا وأخذوا يفكرون في ما يمكنهم القيام به ليقاوموا بطش هذه الحياة، فقرروا الهجرة.
العبور إلى المجهول
في عبورهم نحو المجهول قرر محمد ورفاقه الأربعة أن يهاجروا إلى مصر ومنها إلى ليبيا ومن ثم الجزائر وصولا إلى بلد يستطيعون فيه الحصول على عمل مناسب لتخصصاتهم الدراسية الجامعية كإيطاليا أو فرنسا غير أن ذلك كان قمة الجبل الجليدي، فما كان ينتظرهم هو ما لم يكن بالحسبان.
“عندما وصلوا مصر اتفقوا مع مهرب مصري ليأخذهم إلى ليبيا” كما يحكي أحد أقارب محمد لوكالة الصحافة اليمنية، ويضيف قائلاً: “بعد ذلك اتجهوا جميعا إلى ليبيا عبر صحرائها، وفي وسط الصحراء قام المهرب بخداعهم وباعهم لعصابة لا يعرفون من الحياة إلا المال، حيث طلب زعيم العصابة فدية مالية على كل واحد منهم مبلغ خمسة آلاف دولار أميركي أي ما يعادل 2.5 مليون ريال يمني، لكنه قلصها بعد عشرة أيام من تواصل محمد بعائلته إلى ثلاثة آلاف دولار أميركي أي ما يعادل 1.5 مليون ريال يمني فدية لكل شخص”.
50 يوما من الضياع
لم يشفع لهؤلاء الشباب الخمسة حالتهم المادية التي أجبرتهم على التخلي عن وطنهم والرحيل من دولة إلى أخرى يتجرعون فيها مرارة الغربة عن أهاليهم ويتحملون مشاق الحياة ومرها بحثا عن لقمة العيش؛ ليقاسوا الأمرين هناك في صحراء الضياع لأكثر من 50 يوما في أيدي عصابة أذاقتهم صنوف الظلم والعذاب وجرعتهم الويلات والإهانة، حتى أنهم لا يعطونهم من الطعام إلا ما يحول بينهم وبين الموت.
قبل أشهر قليلة قام أحد أصدقاء محمد، وهو شاب من صنعاء يعمل في طرابلس، بالتواصل مع السفارة اليمنية الممثلة لحكومة الرئيس المستقيل عبدربه منصور هادي في ليبيا فكان جواب موظفي السفارة تنصلا من المسؤولية الملقاة على عاتقهم؛ حيث قالوا: “لا تدخلنا في موضوع تهريب أو غيره مالنا دخل”.
عصابة ماكرة
يقول صديق محمد لـ “وكالة الصحافة اليمنية” أن “الكثير من الشباب الذين يقعون في أيدي هذه العصابات لا يخرجون حتى وإن أرسلت الفدية التي تطلبها العصابة، ولهذا هو يصر على تسليم الشباب أو إعطاء ضمانة بخروجهم أولا ومن ثم إرسال فديتهم التي ما زالت إلى الآن لا يدري أهالي الشباب من أين سيحصلون عليها”.
وناشد أهالي الشباب الحكومة الليبية ومن يهمه أمر المختطفين من المسؤولين اليمنيين في حكومتي الإنقاذ وهادي والمنظمات الدولية بالتدخل السريع للإفراج عنهم وتخليصهم من أيدي هذه العصابة.