مقالات وتحليلات (وكالة الصحافة اليمنية)
شنت الولايات المتحدة في عام 2003 حرب عبثية على العراق متذرعة باكذوبة أن “صدام حسين” كان يمتلك الكثير من أسلحة الدمار الشاملة وبهذا فلقد تمكنت القوات الامريكية من احتلال الكثير من المناطق العراقية. لكن إدارة “أوباما” السابقة قامت باخراج معظم تلك القوات الامريكية من العراق في نهاية عام 2011 ولقد أدى التدخل السافر لوزير الخارجية الأمريكي “جون كيري” في تحديد مصير العراقيين وفشله في لعب دورا مهما خلال فترة رئاسة “نور المالكي” لمجلس الوزراء العراقي الذي كان تربطه علاقات جيدة ووثيقة مع واشنطن إلى ظهور تنظيم “داعش” الارهابي وانتشاره في كثير من المناطق العراقية بقيادة “أبو بكر البغدادي”، الذي كان قبل ذلك مسجونا في أحد السجون الامريكية ولقد تلقى “البغدادي” العديد من التدريبات من المخابرات السرية الأمريكية، التي هي بدورها قامت باطلاق سراحه بعد ذلك ليقوم بإنشاء وقيادة تنظيم “داعش” الإرهابي.
ووفقًا لكل هذه المعلومات قام الرئيس “دونالد ترامب” بالاعتراف علنا خلال حملته الانتخابية مع منافسته “هيلاري كلينتون”، بأن إدارة الرئيس السابق “أوباما” هي التي قامت بخلق وإنشاء تنظيم “داعش” الارهابي وذلك لكي يتسنى لها الاستعانة بذريعة محاربة هذه المجموعة الإرهابية، لإرسال قوات تابعة للجيش الأمريكي مرة أخرى لاحتلال العراق. وفي حملته الانتخابية، أكد الرئيس الامريكي “ترامب” مراراً وتكراراً أن الولايات المتحدة أنفقت 7 تريليونات دولار في الشرق الأوسط، لكنها لم تتمكن من إنجاز أي شيء يُذكر على ارض الواقع، ووعد “ترامب” أيضا بأنه إذا فاز بالانتخابات الرئاسية وأصبح رئيسا للولايات المتحدة، فإنه سيعمل جاهدا على إعادة القوات الأمريكية إلى بيوتهم، وأخيراً وقبل ثلاثة أسابيع أعلن الرئيس “ترامب” على حسابه الخاص على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، بأن القوات الأمريكية ستغادر سوريا في القريب العاجل.
وبالتزامن مع بداية العام الميلادي الجديد قام الرئيس “ترامب” بزيارة القاعدة العسكرية الامريكية في العراق، ومن هناك أعلن بأن القوات الأمريكية ستبقى في العراق لفترة غير معلومة من الزمن وذلك لكي يتسنى لها مراقبة القوات السورية والإيرانية عن قرب.
إن هذا الموقف الغريب للرئيس “ترامب” يعني بأن استمرار تواجد القوات الأمريكية على الأراضي العراقية، لا يتفق مع إرادة الشعب والحكومة العراقية، وذلك لأن هذا التواجد سيشكل تهديدًا للدول المجاورة التي تربطها علاقات جيدة وقوية مع بغداد وهنا تذكر العديد من المصادر الاخبارية بأن حكومة بغداد صرحت مراراً بأنها لن تسمح للقوات الامريكية باستخدام أراضيها ومجالها الجوي لشن هجمات عسكرية ضد الدول المجاورة.
إن الواقع يؤكد بما لا يدع مجالا للشك بأن زيارة الرئيس ترامب للعراق في هذه المرحلة جاءت كرسالة مفادها بأن الحكومة الأمريكية لا تُعير أي أهمية لاستقلال وسيادة الحكومة العراقية، وأنها فقط وفقط تسعى لتحقيق مصالحها حتى ولو كانت مصلحتها تقتضي شن حروب عبثية على جميع دول الشرق الاوسط بما ذلك العراق.
وهذا ما تؤكده الاحداث الاخيرة، فلقد قامت الولايات المتحدة خلال الفترة السابقة بالعمل لإعادة تنظيم جماعة خلق الإرهابية في العراق، وهذه التدابير ربما تضر بعلاقات حسن الجوار والأخوة الجيدة بين بغداد وطهران ولهذا فإنه يجب على الحكومة والبرلمان العراقي اتخاذ بعض القرارات الشجاعة حول استمرار تواجد القوات الامريكية على أراضيها لدرء الخطر عنها وعن المنطقة ولحفظ علاقاتها الطبية مع دول الجوار.
وحول هذا السياق قال “محمد البلداوي”، أحد أعضاء البرلمان العراقي، يوم الأحد، بأن القوات الأمريكية قد عادت مرة أخرى لتدريب عناصر ينتمون إلى جماعة خلق الإرهابية في العراق. ووفقاً لما صرح به هذا البرلماني العراقي، فإن مشروع خطة طرد القوات الأجنبية من الأراضي العراقية قد وصل إلى لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي والآن يعود الأمر إلى الحكومة والبرلمان العراقي لاتخاذ القرار المناسب بشأن طرد القوات الاجنبية بما فيها القوات الأمريكية من أراضيها وهنا تجدر الاشارة بأن قوات الحشد الشعبي والجيش العراقي وبمساندة بعض الخبراء العسكريين الإيرانيين، هم الذين تمكنوا من القضاء على فلول تنظيم “داعش” الارهابي في العراق وليست القوات الامريكية التي حاولت جاهدة سرقة تلك الانتصارات، ولهذا فإنه ليس هناك أي عذر او ضرورة لاستمرار تواجد القوات الأمريكية في هذا البلد.
(المصدر : الوقت التحليلي)