خليجي (وكالة الصحافة اليمنية)
تواصل القناة ” 13 الإسرائيلية” كشف النقاب عما وصفته بـ”أسرار العلاقات بين إسرائيل ودول الخليج العربي”، حيث بثت مساء الاثنين الحلقة الثالثة من سلسلتها الوثائقية التي تناولت العلاقة مع دولة الإمارات العربية المتحدة، خاصة إمارة أبو ظبي.
فقد ذكر باراك رافيد، المحلل السياسي للقناة، ومعد هذه السلسلة الوثائقية التي تنشر لأول مرة بعض هذه الأسرار، أن “صفقة ما تعثرت أسفرت عن شرخ في العلاقة بين تل أبيب وأبو ظبي، وتتعلق بصفقة بيع الطائرات المسيرة من دون طيار من شركة إسرائيلية إلى دولة الإمارات العربية، مقابل التعاون الثنائي بخصوص إيران، ما أدى لتعثر العلاقات بين البلدين عدة سنوات، لكن صفقة إضافية في النهاية تم إبرامها بينهما”.
وأشار إلى أن “الصفقة غلب عليها الطابع السري، وتم التوافق بشأنها في 2009، لكن إلغاءها في اللحظات الأخيرة أدى لتضرر العلاقة الثنائية لمدة عامين، وأضر بالجهود الإسرائيلية ضد إيران، مع العلم أن الأزمة القاسية بينهما تم حلها فقط بعد جهود حثيثة بذلتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، ومفاوضات ماراثونية أشرف عليها جهاز الموساد”.
وأوضح أن “التعاون الثنائي بين تل أبيب وأبو ظبي ظهر بالتزامن مع تنامي النفوذ الإيراني في المنطقة، وتقدم المشروع النووي الإيراني، مع أن دولة الإمارات التي تعدّ إحدى الدول الأكثر ثراء في العالم لا يفصلها عن إيران سوى مضيق هرمز، وقد تخلل تحالف الدولتين خلال السنوات الأخيرة تبادل معلومات أمنية، ومصالح سياسية واقتصادية، معظمها حصل تحت غطاء من السرية، وجاء تعاونهما تطبيقا للمثل القائل: عدو عدوي صديقي”.
وأكد أن “فبراير 2009 شهد وصول الدبلوماسي الأمريكي المخضرم دينيس روس الذي عاد لاستلام مهام جديدة في إدارة أوباما، لعقد لقاء غير عادي في فندق الفصول الأربعة في حي جورج تاون بالعاصمة واشنطن، وكان في استقباله السفيران الإسرائيلي سالي مريدور والإماراتي يوسف العتيبة، واتفق الاثنان على إيصال رسالة شديدة اللهجة لإدارة أوباما عبر “روس” عشية خروج تسريبات مفادها أن الإدارة الجديدة تنوي الدخول في حوار مع إيران، عدوهما المشترك” بحسب تعبيره.
مريدور قال للقناة إنه “لا يريد الدخول في تفاصيل اللقاء، لكن دافعه كان القلق والجزع والمصالح المشتركة بين إسرائيل والدول العربية في مواجهة إيران، إسرائيل قلقة من المشروع النووي، والدول العربية قلقة من النشاطات الإيرانية في المنطقة”.
وأوضح رابيد أنه “في يوليو 2009 وصل مسؤولان أمريكيان بارزان إلى أبو ظبي، والتقيا ولي العهد محمد بن زايد، المعروف باسمه الثاني MBZ، باعتباره الحاكم الفعلي للدولة، ويعدّ الرجل المفتاحي في تقوية التحالف السري مع إسرائيل، ووفق برقية أرسلها السفير الأمريكي في أبو ظبي، فإن ابن زايد أبلغ الاثنين عن رأيه فيما تنوي الحكومة الإسرائيلية الجديدة القيام به تجاه الملف الإيراني، وقد كان بنيامين نتنياهو قد انتخب حديثا”.
وأضاف أن “ابن زايد أكد أنه يتفق مع تقديرات المخابرات الإسرائيلية بشأن تقدم إيران في مشروعها النووي، وأعتقد أن الإسرائيليين ينوون مهاجمة مفاعلاتها النووية بصورة أسبق مما تعتقده واشنطن، وقد لا يتجاوز الأمر انقضاء هذا العام 2009، في حين أن الإيرانيين سيردون بإطلاق صواريخهم تجاهنا نحن في الإمارات”.
وأكد أنه “في تلك الآونة، تحدث دبلوماسيون أمريكيون أن لقاءات مكثفة عقدها الإماراتيون والإسرائيليون في الموضوع الإيراني، لكن شهر العسل الذي مرت به الدولتان شهد عاصفة غير متوقعة، وضعت نهاية له، حين تمت عملية اغتيال قائد حماس العسكري في إمارة دبي محمود المبحوح في يناير 2010”.
وأشار إلى أن “أزمة أخرى ترافقت معها نكشف عنها لأول مرة، حيث إنه فور دخول نتنياهو مكتب رئاسة الحكومة توجه له رئيس الموساد مائير دغان، وعرض عليه الموافقة على بيع الإمارات صفقة طائرات مسيرة دون طيار مقابل حصول إسرائيل على تعاون كامل منها حول الموضوع الإيراني، نتنياهو للوهلة الأولى رآها فرصة سانحة للاستفادة أكثر في مواجهة المشروع الإيراني من جهة، فأعطى الضوء الأخضر لإبرام الصفقة”.
واستدرك الكاتب قائلا إنه “من جهة أخرى، فإن الشركة الإسرائيلية التي وقعت على الصفقة، أبلغت في وقت متأخر الجهة المسؤولة عنها، وهي وزارة الحرب الإسرائيلية، ما أسفر عن تورط إسرائيل في هذه الأزمة غير المتوقعة، مع أن الإمارات دفعت مسبقا عشرات ملايين الدولارات تحت الحساب، لكن وزارة الحرب عبرت عن رفضها لهذه الصفقة، وأعلنت أنها لن توافق على إبرامها”.
وشرح قائلا إن “رفض وزارة الحرب الإسرائيلية إبرام الصفقة مع الإمارات يعود إلى سببين: أولهما التخوف من تسرب أسرار التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية، وثانيهما عدم الترحيب الأمريكي بها، وهكذا تم إلغاء الصفقة، ما تسبب بغضب عارم من ابن زايد”.
دان شابيرو، السفير الأمريكي الأسبق في “إسرائيل”، وتولى مسؤولية مرموقة في البيت الأبيض، قال إن “ابن زايد شعر أن الإسرائيليين خانوه، وغدروا به شخصياً، ولذلك كانت الخطوة الأولى في تجاوز هذه الأزمة هو العمل على الجانب الشخصي، وجاءت مسألة اغتيال المبحوح وإلغاء صفقة الطائرات لتؤدي لقطيعة بين الدولتين استمرت بين 2010-2012، أضرت كثيرا بالجهود الإسرائيلية في تلك السنوات للتصدي للمشروع الإيراني”.
وأشار إلى أن “رئيس الموساد الجديد تامير باردو حاول إطفاء الحريق المشتعل بين تل أبيب وأبو ظبي، بالتعاون مع مساعديه وأصدقائه في إدارة أوباما، حيث بذلت جهود حثيثة، لكنها هادئة جرت من خلال مجلس الأمن القومي ومؤسسة الاستخبارات التي تحدثت مع الجانبين، وعبر كل طرف عما لديه من تحفظات، وما المطلوب من الطرف الآخر لاستئناف الحوار، وتجديده”.
وأوضح أن “جهود العامين تخللهما نظرة سيئة من كل طرف تجاه الآخر، إلى أن تم استئناف المباحثات عبر طرق سرية، وتوصلنا لتفاهمات جديدة نكشف هنا للمرة الأولى، لن أدخل في تفاصيلها”.
وفصل قائلا إن “أهم معالم التفاهمات الجديدة بين إسرائيل والإمارات تضمنت تعهدا إسرائيليا بعدم عمل جهاز الموساد أي اغتيالات على أراضي الإمارات، وقد رغب الإماراتيون بالحصول على اعتراف إسرائيل، وتحملها مسؤولية الاغتيال، على الأقل في الحوارات السرية”.
وأشار إلى أن “الإماراتيين حصلوا من الإسرائيليين في النهاية على صيغة مفادها أن أمورا كهذه لن تحصل في المستقبل على أراضيهم، مع وجود رغبة إسرائيلية بالعودة للتمركز في مواجهة المشروع الإيراني، والجماعات المسلحة في المنطقة”.
وبين شابيرو أن “الشركة الإسرائيلية الخاصة أعادت المبلغ الذي دفعته الإمارات مقابل تلك الصفقة الملغاة، والحكومة الإسرائيلية عرضت تعويضا إضافيا لأبو ظبي، وعرض الإسرائيليون زيادة مستوى التعاون الأمني مع الإمارات، بما يشمله من تبادل المعلومات الاستخبارية، بما يفيد أبو ظبي، وركزت التفاهمات الجديدة بينهم على الجوانب الاستخبارية والتكنولوجية، والانشغال من جديد بالموضوع الأهم وهو الإيراني”.
وأوضح أن “إسرائيل والإمارات عبرتا عن قلقهما من بدء الحوار الأمريكي مع إيران الذي انطلق في 2013، وعملتا فعليا على إحباط أي اتفاق قد يتحقق، وكانا في حوار دائم حول هذه القضية، حتى أن السفيرين في واشنطن: الإسرائيلي رون دريمر، والإماراتي يوسف العتيبة، أجريا اتصالات ونقاشات على مدار الساعة دون توقف، لكن الفرق بين الجهدين أن إسرائيل فعلت ذلك علانية مع الكونغرس ضد أي اتفاق مع إيران، في حين أن الإمارات والسعودية فضلتا العمل سرياً، وليس بصورة علنية”.
وكشف قائلا إن “علاقات السفيرين الإسرائيلي والإماراتي في واشنطن وصلتا من المتانة والدفء إلى الحد الذي جعل دريمر يدعو العتيبة لحضور خطاب نتنياهو أمام الكونغرس في مارس 2015 ضد الاتفاق مع إيران، لكن العتيبة اعتذر عن الحضور، رغم تأكيده رفض بلاده أي اتفاق أمريكي مع إيران، لكنهم لا يريدون الظهور في المشهد علانية”.
وأضاف أن “توثق علاقات تل أبيب مع أبو ظبي حقق اختراقا جديا غير مسبوق في أواخر 2015، فقد وافقت الإمارات أن تفتح إسرائيل ممثلية دبلوماسية رسمية داخل مقر وكالة الطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة في أبو ظبي، وفي أوائل 2016 حصل تطور إضافي تمثل بإجراء اتصالات هاتفية بين نتنياهو وابن زايد، تركزت في التهديد الإيراني، والرغبة بتحقيق تقدم في عملية السلام بالمنطقة” على حد زعمه.
شابيرو قال إنه “بعيدا عن ذكر الأسماء، فإن ممثلين عن الرجلين تباحثا بصورة دائمة، سواء هاتفيا أو وجها لوجه، وبحثوا العثور على أفكار مشتركة”.
يشير رابيد معد التحقيق إلى أنه “بعد مغادرة أوباما للبيت الأبيض، تنفس نتنياهو الصعداء، مع مجيء رئيس محبب إلى قلبه هو دونالد ترامب، وهنا أراد نتنياهو استئناف العلاقات مع دول الخليج، حيث عرض على ترامب عقد قمة تجمعه مع ابن زايد وولي العهد السعودي محمد بن سلمان”.
يعكوب ناغال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي قال إن “الجهد الكفيل بتحقيق تطلعات الجانبين، الإسرائيلي والإماراتي، يكون على طاولة واحدة، وهو ما كانت تسعى إليه إسرائيل من خلال المباحثات المغلقة مع إدارة ترامب، حاول الأمريكيون تحقيق هذا التطلع الإسرائيلي، لكن الإجابات من الرياض وأبو ظبي جاءت سلبية”.
وختم بالقول إن “العامين الأخيرين شهد فيهما التحالف السري بين” إسرائيل ” والإمارات مزيدا من التعاون والقوة، خاصة مع تولي يوسي كوهين رئاسة جهاز الموساد، ومع ذلك فلم ينجح نتنياهو بعد في الخروج بهذا التحالف للجانب العلني، كما يسعى لذلك، صحيح أن إنشاد السلام الوطني الإسرائيلي “هاتكفاه” في أبو ظبي مع وزيرة الرياضة الإسرائيلية ميري ريغيف خطوة تاريخية، لكن الطريق لعلاقات دبلوماسية ما زالت طويلة”.