تقرير خاص/ وكالة الصحافة اليمنية
احتفى شعراء اليمن الشباب بيومهم العالمي بطريقتهم الخاصة، منظمين كرنفالاً شعرياً مفتوحاً في صنعاء، لمحاولة إحياء النشاط الثقافي الذي اختفى خلال سنوات الحرب التي تعيشها اليمن منذ أربعة أعوام، وكوسيلة لإخراج الكبت الذي يعاني منه الشعراء.
الكرنفال الذي أقامته اللجنة التحضيرية ليوم الشعر بالتعاون مع مركز الدراسات والبحوث اليمني ومنظمة اليونيسكو (اليمن)، وشارك فيه أكثر من ثلاثين شاعراً، جاء برعاية شاعر اليمن الدكتور عبدالعزيز المقالح – رئيس مركز الدراسات والبحوث – وشهد حضور نخبة من الكتاب والنقاد والمثقفين، وعلى راسهم شاعر السبعين يوما محمد عبدالسلام منصور ونائبة وزير الثقافة الشاعرة هدى أبلان.
وضمت التظاهرة جمهوراً من محبي الشعر كواحد من الأشكال الأدبية والفنية الجمالية التي يلجأ إليها الشعراء لإفراغ طاقاتهم الإبداعية وقناعاتهم الشخصية ومواقفهم القومية وميولاتهم الذاتية، فيصورون الحياة من حولهم كما يشاؤون وكما يحلو لهم وينظرون إلى الماضي بعين فاحصة لاستشراف المستقبل بروعته وبؤسه.
وفي المقابل يلجأ إليه القراء للهروب من واقعهم المعيش الذي يعانون منه إلى عالم الإبداع والخيال، محلقين معه في سماوات الأوطان ومروج الأرض الخضراء الممتلئة بأسرار الجمال الذي يغفلون عن الإحساس به، ومنهم من يجد فيه طريقا لإشباع عواطفه أو إمتاع سمعه وبصره وإطراب خاطره.
وعلى الرغم من اتجاه الكثير من القراء إلى فن القصة القصيرة، باعتبار الإنسان بفطرته يحب الحكايات إلا أن “سلطان الشعر مازال متربعاً على عرش الأدب وراسخاً بروحه الحاضرة وهو يعانق النجم في أبديته الخالدة”، كما تقول أميرة شايف – رئيس اللجنة التحضيرية – وتضيف لـ “وكالة الصحافة اليمنية” إن “نسبة الجاهلين بالشعر من العرب أكبر من نسبة العارفين به”، متسائلة عن إمكانية تقلص القصيدة لتصبح حكراً على النخبة فقط فيما يتنكر لها عامة الناس؟”.
وشبهت شايف الشعر بسيف شجاع يتحول إلى تحفة أثرية أو رياضية فنية أو زي شعبي بعد أن كان سيد الموقف وسيد القلب والشجاعة في ميدان الحروب، فيبدو أمام العين كغريب لا يفهمه أو يسمعه أحد في ظل المتغيرات المحيطة به زماناً ومكاناً إلا من امتلك قلباً من جمر أو أذناً من نار”.
“ورغم هذه الفجوة الكبيرة بين الشعر والإنسان إلا أن القصيدة استطاعت أن تطل على العالم مبتسمة في يومها العالمي مواكبة بذلك كل أسرار الديمومة والخلود” بحسب قول أميرة التي أكدت أن الشعر هو فن الرقي بالمجتمعات وهو في صيغه وأشكاله التعبيرية قادر على التعبير عن الإنسانية والذات.
شعري بامتياز
يوم شعري بامتياز تخلله تكريم الشاعر والأديب أنور داعر البخيتي بدرع شخصية السلام الثقافية للعام 2019، تقديرا لمواقفه الإنسانية ومساعيه الحثيثة، من خلال ما يقدمه من إبداع، إلى نبذ العنف والقتل والدمار ومآسي الحرب التي أكلت كل شيء.
القصائد التي ألقاها الشعراء جاءت محملة بهموم الوطن وممزوجة بالألم والفراق والمعاناة، حاملة معها صرخات الأمهات ودموع الأطفال، وأنين التراب وحنين المغترب وشكوى الجريح، ومسافرة في عوالم من البؤس والجوع والمرض، لا تختلف كثيرا عن الواقع الذي يعيشه كل يمني.
وناقشت قضايا العنصرية والمناطقية والطائفية من منطلق نبذها، إلى جانب قضايا مجتمعية لا تزال عالقة في هذا البلد المشهور بسعادته رغم أوجاعه، ولعل أهمها، الجهل والتخلف والفهم الخاطئ لمجريات الوقت الحالي، كما أنها لم تبتعد عن الخيال الجميل والدهشة المفرطة والمحبة، فجاءت بعض القصائد حاملة مشاعر الحب والاشتياق وأخرى تشكو الفراق وثالثة تمني النفس بشيء من المراد. شاعر يحملق في عيون الشمس في رجاء، وآخر يسيطر الآه على مشاعره أو تتراقص بين أبياته دلالات القدر وأخرى تنتظر تساقط حليب الغيم، فيما طار بعضهم ليذرع اتساع مدى الحزن ومنهم من مشى على أربع.