المصدر الأول لاخبار اليمن

المؤسسة المحلية للمسالخ بصنعاء.. هل أصبحت مأوى للكلاب الضالة؟!!

//تقرير//خاص// وكالة الصحافة اليمنية//

وأنت في طريقك إلى المؤسسة المحلية للمسالخ بصنعاء “المسلخ المركزي” من أية جهة أتيت إليها تقابلك مآسي, شكاوى سكان الأحياء المجاورة من جميع الجهات من الروائح الكريهة التي تزكم الأنوف,

أحد الساكنين كان إلى جوارنا في الباص يندب حظه العاثر الذي ساقه من بلدان ما وراء البحار والمحيطات قبل عشرين سنة ليبني تلك العمارة التي كلفته الملايين من الدولارات كعقار يدر عليه دخلا وفيرا غير انه يحاول بيعه ويغادر هذه الأحياء نتيجة الحالة الكارثية التي وصلت إليها المنطقة من التلوث البيئي الذي يتفاقم يوماً عن يوم, وشرد المستأجرين أكثر مما شردهم حرب العدوان,

عند دخولك إلى مبنى المؤسسة وبوابتها الخارجية يقابلك الموظفون وعمال الخدمات, رغم انه لا توجد أية خدمات وكل شيء قد انتهى داخل هذه المؤسسة والبقية التي بها رمق من الحياة تحتضر عدا تلك الكلاب الضالة التي تظهر وكأنها وحوش كاسرة, تنتشر بجوار مصنع الأعلاف المعطل, وقد توالدت بالعشرات ,

رأينا رجلاً ذا لحية طويلة وكثيفة ومشده طويلة وجنبيه محترمه بيده عصا غليظة يلاحق ذلك القطيع من الكلاب, فقيل لنا انه نائب المدير, ويدعى(         ) سألناه عن المدير العام فأجاب أنه لا يحضر إلا المساء وفي الصباح يمر ساعة فقط ثم يذهب,

استغليناها فرصة عندما كان بجواره أحد صحفيي 26 سبتمبر والذي مضى على انتظاره أكثر من أسبوعين ينتظر المدير المبجل لإجراء حوار معه دون فائدة , ولما عرض عليه الجلوس مع النائب لأخذ صورة عن وضع المؤسسة التي حالها لا يحتاج إلى شرح لأنها مأساة حقيقية لنظام فاسد أكل عليها وشرب لمدة تقارب 35 عاماً,

قال المدير الذي يدعى (          ) في غضب شديد أنا المدير والذي أصرح وأكون مسؤول عن كلامي وليس “أبو بكر ولا عمر” في إشارة إلى اسم نائبه,

حينها اعتذر النائب وقال رجاء اذهبوا في “حالكم” وأي كلام صدر عني ألغوه فانا لست مسؤولاً عنه وان كان حقيقة, وبالفعل أخبرني مندوب سبتمبر ذلك التهامي المسكين الذي اخذ تلفون النائب, بأنه تنكر له عند ما حاول الاتصال به ليسأل عن مواعيد المدير الكاذبة فقال له : هذا رقم مقوت

بداية متابعة المأساة

في إصرار شديد ودون ملل أخذت بنصائح مسؤولي الأول في العمل كقاعدة استند عليها بأن الباحث عن الحقيقة لا بد أن يصل إليها ولو حاول تكرارا ومرارا ولا يعود بخفي حنين, سمعت أحد المواطنين المقربين من المسؤول المالي وساخط على المؤسسة والحياة بكلها وهو يقول للمدير المالي أين بدل المواصلات التي مرت عليها أشهر؟

فلم يجبه, فرد بالقول : والله لو كنا نشتغل “…..” في الفندق الفلاني لأعطونا حقنا في حينه دون مماطلة,

استغليتها فرصة بعد خروجه, فدلني على احد المسؤلين في المؤسسة والذي يشغل المرتبة الثالثة في المؤسسة, إذا لم تكن الثانية, ويطلقون عليه الصندوق الاسود للمؤسسة لأنه يعمل بها منذ تأسست من قبل المشروع الهولندي عام 1984م,

طاف بي في أورقة المؤسسة بأكملها وعرفني على كثير من أقسامها وأجاب عن اسئله كثيرة كانت تدور في ذاكرتي, بشرط أن لا أفصح عن شخصيته فأعطيناه وعدا بذلك ومضينا لإكمال مهنة ومهمة المتاعب من خلال شرحه بالقول :

منذ تأسست المؤسسة عام 1984م على أيدي المشروع الهولندي في اليمن والتي كلفت ملايين الدولارات لم تقم الإدارات المتعاقبة عليها بالمسؤولية الكاملة, بل كانت تأخذ خيراتها من الإيرادات وتترك الآلات والمعدات دون اهتمام يذكر حتى خرجت هذه المعدات والآلات عن الخدمة وانتهى عمرها الافتراضي واحدة تلو الأخرى,

فأصبحت المؤسسة اليوم شبه منتهية, وعجزت عن دفع رواتب الموظفين فيها, حيث وهم لم يضافوا إلى كادر الدولة إلا قبل 3 سنوات بعد مظاهرات ووقفات احتجاجيه و”مشارعة” في النيابات والمحاكم ,

أما عن الفساد فحدث ولا حرج, قبل فتره بسيطة كانت الإيرادات تصل من 70-80 مليون ريال ولا ندري إلى أين تذهب؟ وعند ما نسأل عن الحقوق يقال لنا أن الإيرادات تورد إلى البنك المركزي,

فمصنع الأعلاف معطل ولو تم تشغيله لكفى المؤسسة وكذلك الجلود التي تراكمت لسنوات وأصبحت الآن شبه لفة الكورجة قيمتها أكثر من 40 ألف ريال راحت سدى وهناك كوارج وكثير من مخلفات الجزارة في ظل تعطيل مصنع الأعلاف تنذر بكارثة بيئية، أصبحت تشكل عبئا على المؤسسة وهي تتبع الكثير من الجزارين لا يستفيد منها الا الكلاب الضالة التي تنتشر داخل المسلخ والعذر لديهم غلاء المشتقات النفطية وانعدام الديزل.

كل شيء معطل

طفنا بمخازن الجلود التي معظم بنائها من الزنك، انهارأغلبها وهي عرضة لعوامل التعرية الشمس والرياح والأمطار وغيرها وهي تقع بجانب مسلخ الأبقار الذي بدأت آلاته تنهار بالتدرج،وهو اهم مكون لأساسيات المؤسسة والذي كان يستقبل يوميا من مذبوح الابقار أكثر من 500 رأس أما الآن فلا يتعدى 11 رأساً في اليوم، والغنمي تراجع من 200 راس إلى 50 رأساً، لأسباب منها عدم ضبط الجزارين للقيام بعملية الذبح داخل المسلخ رغم ان لديهم حضائر تشغل مساحات واسعة في المؤسسة أقاموها على حسابهم الخاص ربما يستغلونها في مواسم الأعياد، واذا قام احدهم بذبح أعجال أو أغنام يدفع حساب واحدة فقط، ولا ندري هنا أين تذهب رسوم البقية؟

حيث تؤكد المعلومات ان جمعية الجزارين يسيطر عليها متنفذون كبار ولاتلتزم بدفع أي رسوم للدولة، أو مؤسسة المسالخ او يقوم هؤلاء المتنفذون بعملية الذبح في أماكن أخرى دون أي إشراف طبي او إداري.

مررنا بعدها بآلة صفراء ضخمة تقع أمام هنجر كبير لكنها معطلة تحيط بها أماكن تواجد وتوالد الكلاب الضالة، قيل لنا انها محرقة خاصة ببقايا وتوالف الخط الغنمي الذي في طريقه إلى التعطيل والخروج النهائي عن الخدمة.

كل شيء معطل وعمره الافتراضي انتهى العربات كثيرة من سيارات نقل ووايتات ماء وفرامات وقلابات نظافة ووسائل نقل مختلفة تملأ حوش الإدارات معظمها تالفة وقد عفا عليها الزمن عدا فرامة واحدة من المشروع الهولندي لا يوجد لها قطع غيار في اليمن وهي في طريقها الى التوقف.

إدارة المؤسسة تحمل المشتقات النفطية المسؤولية وكذا الميزانية التشغيلية التي تخصم من إيرادات المؤسسة بنسبة 40% ولا أحد يدري اين مصيرها؟!!

وفي الاتجاه الجنوبي الغربي لحوش المؤسسة توجد مساحة كبيرة قيل انها تقدر بـ 1000 لبنة، كانت معدة لمشروع كبير للحظائر الحيوانية لإقامة أحواض مائية يستفاد منها لصناعة الأسمدة وغيرها.

بعد ان نجت من طواهيش الأراضي في الدولة، إلا أن الأرض ما زالت بيضاء وهذا هو لغز لم نستطيع حله حتى الآن.

سر الكارثة

في اتجاهنا الشمالي لمقر المؤسسة وبجانب غرفة المولدات الكهربائية التي طبعا معطلة عدا واحد منها يعمل 3 ساعات فقط قالوا للضرورة وكل المولدات الثلاثة قد انتهي عمرها الافتراضي لأنها تعمل منذ الثمانينات عند تأسيس المؤسسة.

لفت نظري ذلك السلم المتهالك والرائحة الكريهة التي تنبعث من أوساط الأنابيب والشبيهة بالنافورة.

فتذكرت كلام صاحب العمارة الذي يحاول بيعها والخروج من هذه الأحياء ونظرا الفضول الصحفي طلبت من صاحبنا ذلك أن يعطينا فكرة متكاملة، فتحدث لي بسرعة ونحن نمسك بأيدينا على أنوفنا وكأننا نستنشق غاز النوشادر الخانق وفي منظر لا يمكن وصفه إطلاقا.

موضحا ان ذلك كان خطاً للدماء التي تخرج من الحيوانات التي يتم ذبحها داخل خطوط الذبح المختلفة، فتجمع في هذا المكان الذي يشبه المسبح المائي لمدة معينة ثم يتم التخلص منها.

لكن الخط الخاص بها تعطل منذ مدة طويلة مما أدى إلى تجمدها وأصبحت تشكل كارثة بيئية على المؤسسة والأحياء المحيطة بها خصوصا في المساء.

وقد تقدم كثير من سكان الأحياء المجاورة بعدة شكاوى منذ فترة طويلة لكن دون جدوى أو فائدة تذكر.

أخيراً الحديث يطول عن هذه المؤسسة وأحوالها وإدارتها والفساد والتخريب الممنهج لمدة تصل إلى 35 عاما تم القضاء فيها على مشروع عملاق أهدته حكومة هولندا لهذا البلد الذي لم يقدر القائمون عليه عبر هذه السنوات الحفاظ عليه وإدراك قيمته,

والذي إذا أردنا فرضاً بديلاً عنه فلا تكفينا مليارات الدولارات، وكأن تلك الإدارات المتعاقبة على هذا المرفق في ظل ذلك النظام الفاسد وجدت للجباية والنهب المشرعن لصالحها فقط.

ونتساءل هنا..

ترى هل يتم إدراك ما تبقى من رمق في جسد هذه المؤسسة الهامة كرافد اقتصادي لخزينة الدولة أم ستبقى مأوى للكلاب الضالة؟؟!!

قد يعجبك ايضا