خاص// وكالة الصحافة اليمنية//
استقر سعر صرف الريال اليمني اليوم الاربعاء مقابل العملات الاجنبية “الدولار”، بعد تراجع سعر الدولار في اسواق سعر صرف العملات، اليوم الى 470 ريال للدولار الواحد.
يأتي هذا التحسن بعد ان شهد الريال اليمني تدهوراً أمام العلات الاجنبية خلال الساعات الماضية ليصل الى اكثر من 510 ريال.
هذا وقد شهدت اسعار صرف الريال اليمني تدهوراً كبيراً خلال فترة سنوات الثلاث الماضية حتى اللحظة، في ظل حصار اقتصادي كبير فرضته دول تحالف بقيادة السعودية على مختلف القطاعات الاقتصادية والتي تسببت في اضعاف الاقتصاد الوطني بشكل كبير.
وخلال الفترة الماضية حاول التحالف الدولي بقيادة السعودية ان يكثف من الضغط الاقتصادي عن طريق تشديد الحصار الاقتصادي ومنع دخول المساعدات الانسانية والمواد الغذائية والوقود الى الموانئ اليمنية، بعد ان قام بإيقاف جميع التحويلات المالية من الخارج الى الداخل، كل ذلك من اجل اشعال الاسعار للمواد الغذائية والمشتقات النفطية، لتضيق الخناق على الشعب اليمني في لقمة عيشه.
حين قرر “المستقيل هادي” في 18 سبتمبر من العام قبل الماضي اصدر قراره من الرياض بإقالة مجلس إدارة البنك المركزي اليمني في صنعاء، ونقله من العاصمة اليمنية صنعاء إلى عدن ، والذي تم بغطاء امريكي” وفق تصريحات خبراء الاقتصاد الدوليين” حذر خبراء الاقتصاد دوليين من مغبة السماح لهادي بنقل البنك، محذرين واشطن وقوات التحالف من التداعيات الكارثية اثر اتخاذ مثل هكذا قرار.
انتهاك سيادة اليمن
القرار يعد انتهاك للسيادة اليمنية، كونه جاء مخالف للقوانين والدستور اليمني، والقوانين المالية الدولية، التي أكدت القرار بمثابة كارثة اقتصادية على اليمن، وذلك للأثر الاقتصادي الكارثي الذي سيتركه نقل البنك المركزي الى عدن، وما سيعكسه من زعزعة للاقتصاد اليمني، والحياة المعيشية للمواطن بشكل خاص، والموظف بشكل عام.
وبعد نقل البنك المركزي اليمني إلى عدن بناء على توجيهات دول التحالف بقيادة السعودية في محاولة لاستخدامه كورقة ضغط لعلها تفتح لهم باب للنصر على السلطة في صنعاء بعد أن فشلت في تحقيق اي انتصار يذكر في ميادين المعارك.
تتابع الاحداث
فقبل عدّة أيّام من صدور قرار نقل البنك المركزي الى عدن كان بن دغر قد قدم تقريرا تفصيليا إلى المؤسّسات المالية الدولية تثبت “كما يقول” عدم حياد البنك المركزي في صنعاء وأن نقل البنك المركزي أصبح ضرورة لإنقاذ الاقتصاد اليمني من الانهيار، متّهماً “الحوثيين” بالعبث بالمال العام، وطالب صندوقَ النقد الدولي بوقف التعامل مع محافظ البنك محمد عوض بن همام، وحجز الاحتياطات المالية الأجنبية للبنك في البنوك الدولية، والبالغة 1.6 مليار دولار.
في ذاك الوقت صرح كثير من مراقبين أن قرار هادي سيحدث حالة من الإرباك الشديد للقطاع المصرفي المحلي.. واما فيما يتعلّق بالتعاملات المالية الدولية فبموجب القرار ستستحوذ حكومة بن دغر على الاحتياطات المالية الأجنبية للبنك في البنوك الدولية، باعتبار حكومة هادي معترفاً بها دوليا، يضاف إلى ذلك أن قرار وقف التعامل مع البنك المركزي في صنعاء سوف يتسبّب بوقف التحويلات المالية الدولية إلى صنعاء وتحويلها إلى عدن، كما سيجبر البنوك التجارية والاسلامية على التعامل مع البنك في عدن.
بن دغر لدى لقائه القائم بأعمال سفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى اليمن ريتشارد رايلي، اشار إلى أن سلطات الأمر الواقع في صنعاء أو ما أسماهم “الانقلابيين”، قاموا بإيقاف مرتبات الموظفين في المناطق المحررة، إلى جانب إيقافهم النفقات التشغيلية للمؤسسات الحكومية، وان هذا القرار جاء استشعارًا من الحكومة لمسؤوليتها تجاه جميع فئات الشعب اليمني، وعلى حد قوله أن “الميليشيا الانقلابية” استنزفت أموال الدولة في تمويل المجهود الحربي، وأن حكومته سوف تعمل على إعادة ترتيب إدارة البنك ورفده بالموارد اللازمة لتغطية الاحتياجات والنفقات لموظفي الدولة مدنيين وعسكريين” دون استثناء، وتعهد بن دغر بأن تفي حكومته بكل ما عليها من التزامات بالدين الداخلي والديون الخارجية.
تحذيرات
وبرغم كل تلك التحذيرات الا ان الفار هادي لم يكترث لها ولم يعرها اي اهتمام خطوة الفار هادي التي تضمنت نقل البنك المركزي اليمني من صنعاء الى عدن قوبلت بأول رد بدأه محافظ البنك المركزي محمد عوض بن همام ونائبه محمد أحمد السياني ومدراء عموم البنوك العاملة في اليمن، مؤكدين استمرار تعزيز الثقة بالجهاز المصرفي.
في حين اعتبر السيد عبد الملك الحوثي في خطابه ان ذاك أن هذا القرار “جاء بتوجيهات من أمريكا وأن البنك المركزي كان حريصا على البقاء محايدا طوال الفترة الماضية للعدوان”، مبدياً ثقته الكبيرة في قدرة الشعب اليمني على مواجهة التحديات العسكرية والاقتصادية في آن واحد.
القرار مغامرة، كما وصفه العديد من الخبراء الاقتصاديين، باعتباره “يعرض مصادر عيش 1.2 مليون موظف يمني معظمهم في المحافظات الشمالية للخطر بل يعرض الاقتصاد اليمني للانهيار”، وحمل في طيّاته جملة من التساؤلات حول شرعية القرار، والأسباب التي تقف خلفه، فضلاً عن إمكانيّة التطبيق في ظل العديد من التحديات التي تواجه.
كانت هناك تحذيرات من البنك الدولي من الإقدام على مثل هذه الخطوة، فالقرار جاء متعارضًا بصورة كلية مع التوجهات المعلنة للمجتمع الدولي والدول الـ 18 الراعية للتسوية، ومع الموقف المعلن للأمم المتحدة، التي شددت على لسان المبعوث الأممي في إحاطته المقدمة إلى مجلس الأمن والتي شددت على دعم البنك المركزي اليمني وإدارته ودعم جهودها المستقلة في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي.
غطاء دولي
في ذاك الوقت نقل دبلوماسي أوروبي رفيع لـ”وفد صنعاء” في جولة الكويت الثانية عن معلومات تؤكد أن خطوة نقل البنك المركزي لم تحظَ بتأييد واسع من قبل المجموعة الأوروبية، أو ما يسمى دول الـ18، وأن الخطوة كانت سعودية بضوء أخضر أميركي، وأشار الدبلوماسي إلى تحفّظ مؤسسات مالية دولية على هذه الخطوة لما لها من تداعيات خطيرة على الوضع الاقتصادي في اليمن، غير أن واشنطن ودولاً خليجية تمارس ضغوطاً كبيرة على تلك المؤسسات، في إشارة إلى إمكانية استجابة تلك المؤسسات للضغوط، وهو ما حدث بالفعل.. في تلك الحظة باشرت وكالات والصحف الدولية بنشر تقارير متعددة اتفقت جميعها أن القرار جاء بهدف استخدام ورقة التجويع ضمن أدوات الحرب لا تستهدف كل الشعب اليمني.
الناحية القانونية
ومع كل هذا فقد جاء قرار نقل البنك المركزي إلى عدن وإعادة تشكيل مجلس إدارة البنك مخالفة صريحة للدستور والقانون، فقد قضت الماده 4 من القانون رقم 14 لسنة 2000 بشأن البنك المركزي اليمني بأن يكون المركز الرئيسي للبنك مدينة صنعاء لتسير أعماله داخل الجمهورية وخارجها.
وقضت المادة 10 من ذات القانون بأن يتكون المجلس من سبعه أعضاء على النحو التالي:
يعين المحافظ ونائب المحافظ وأعضاء المجلس بقرار جمهوري بناء على ترشيح من مجلس الوزراء، ووفقًا للدستور فإن مجلس الوزراء اليمني الذي يترأسه أحمد عبيد بن دغر غير شرعي، كونه لم يحصل على ثقة البرلمان اليمني وبالتالي فإن قرارته أو ترشيح مجلس إدارة البنك المركزي مخالفة للدستور والقانون.
تضمن قرار الرئيس اليمني تعيين 7 أعضاء جدد وهم موظفون عموميون، وهذا يخالف نص الماده11من قانون البنك المركزي اليمني والتي تنص “لا يجوز أن يعين عضو في مجلس الإدارة أو أن يستمر في عضويته إذا كان عند تعيينه أو أصبح بعد تعيينه عضوًا في مجلس الوزراء أو عضوًا في مجلس النواب أو موظفًا عامًا باستثناء ممثل وزارة المالية”.
كما أن القرار لم يلتزم بالقانون بقيامه بتنحية جميع مجلس إدارة البنك بالمخالفة للفقرة 4 من المادة 10 من ذات القانون، وذلك من حيث المدد التي أوجبت استمرار العضو في عضوية المجلس حتى يكمل مدته وهذا أمر وجوبي، حيث حدد القانون الحالات التي ينحى فيها العضو بنص صريح ولا وجود لأي حالة تحق تنحية مجلس الإدارة، وتنص الفقرة 4 من المادة 11: “لا يجوز تنحية المحافظ أو نائبه أو أي عضو من أعضاء المجلس من منصبه لأي سبب آخر غير ما ذكر في هذه المادة”.
تداعيات
وبرغم كل التحذيرات من أن قرار الفار هادي سيؤدي مباشرة الى تبعية البنك لحكومة الرياض مما يجعله خضعا للقرار السياسي وهو ما يخالف القانون والدستور حول استقلالية البنك المركزي ويعتبر قرارا سياسيا غير فانوني او اقتصادي.. كما ان هذا القرار يهدد المصلحة العامة وستتضرر حياة المواطنين نتيجة عجز البنك عن توفير الرواتب والاجور، وتحميل اليمن التزامات قانونية كون هذا القرار سيسمح لحكومة الرياض استغلال الموارد المالية المتأتية الى البنك المركزي، سواء عن طريق تحصيل أموال الدولة أو عن طريق القروض الخارجية في تمويل الحرب، وبذلك يكون البنك المركزي قد حمل الدولة التزامات خارجية ناتجة عن تصرفات حكومة الرياض ويتحمل تبعاتها أبناء الشعب اليمني كافة، كما أن هذا القرار يشكل خطرا على الشكل القانوني للدولة.
نتائج
لكن سرعان ما تحول حماسه بن دغر ومن اصغى على وعوده إلى خيبة أمل، فالرواتب لم تصرف والضائقة المالية زادت عن حدها.
وارتفعت نسبة الفقر في اليمن إلى مستويات غير مسبوقة، وذلك في ظل استمرار العدوان وانعدام الخدمات الأساسية، وتدهور الوضع الاقتصادي والإنساني، وانتشار الامراض والاوبئة التي حصدت ارواح اليمنيين، من الاطفال والنساء، مع ذلك ظل المجتمع الدولي في رعاية دائمة لكل قرارات دول التحالف ضد اليمن، وصعد اكثر من ضرباته العسكرية للهداف المدنية التي راح ضحيتها آلاف الابرياء عبر مجازر مروعة في صعدة وتعز والحديدة وصنعاء وغيرها من المدن اليمنية.
وأكد تقرير صادرة عن الامم المتحدة وبعض المنظمات الانسانية والمراكز الاقتصادية أن نسبة الفقر ارتفعت في البلاد إلى 85 % من إجمالي عدد السكان البالغ عددهم 27.4 مليون نسمة بينما يعاني 17 مليون نسمة من انعدام الأمن الغذائي ، و 20.7 مليون نسمة بحاجة الي مساعدات انسانية ، فيما 9.8 مليون نسمة مهددين بخطر المجاعة والموت جوعا.
وأرجع التقرير السبب إلى عدم فاعلية البنك المركزي الذي يتخذ من مدينة عدن (جنوبا) والقيام بمهامه الاساسية من رسم السياسات النقدية والرقابة على البنوك والمصارف وأدراه حسابات الحكومة في الداخل والخارج.
من ولماذا؟
بعد قرار نقل البنك المركزي، تعاني أغلب المناطق أزمة إنسانية، لا سيما بعد تنصّل الفار هادي من دفع رواتب موظفي الدولة، فيما تجد صنعاء نفسها أمام عدوان اقتصادي قد يكون أكثر فتكاً من الآلة العسكرية المستمرة في القتل والتدمير. فالحرب الاقتصادية تستهدف جميع اليمنيين بلا استثناء، من خلال الحصار الخانق والحظر الجوي وممارسات خفية تهدف إلى سحب ما تبقى من سيولة ماليّة، فضلاً عن توسّع نشاط السوق السوداء وظهور مؤشرات المجاعة وسوء التغذية في بعض المناطق الساحلية الغربية، بعدما منع العدوان مئات الصيادين من ممارسة أعمالهم.
حيث عصفت الازمة الاقتصادية جراء نقل البنك المركزي بأكثر من مليون موظف في اليمن يعولون اكثر من عشرة مليون فرد من اسرهم مع اوضاع معيشية طاحنة ، فيما تمعن الرياض وعملائها في حكومة الفار هادي في ممارسة الابتزاز والمماطلة في صرف مرتبات الموظفين على الرغم من تعهداتها للأمم المتحدة والمؤسسات النقدية الدولية منذ نقل البنك إلى عدن والتحكم في موارد النفط والغاز وتسلم عملة نقدية بمبلغ 400 مليار ريال يمني طبعت في روسيا ، تعهدها بإنهاء ازمة المرتبات وصرفها لكافة موظفي الدولة في عموم البلاد وتحييد البنك المركزي ودوره عن الصراع والحرب ووقف ممارسات العقاب الجماعي بحق اليمنيين.
ثم استلام مبالغ اخرى من “روسيا” ليصل حجم المبالغ المسلمة لعدن ما يقارب الــ 700 مليار دولار، اضافة الى مبالغ اخرى من بنك العربي بالأردن، اضافة الى المساعدات التي قدمت الى اليمن، اضافة الى المبالغ التي كانت مجمدة على البنك المركزي في امريكا والتي اطلقها ترامب لحكومة هادي، ليزيد المبلغ عن ترليون دولار، وليظهر خالد بحاح في تصريح له ليتهم هادي وبن دغر بالفساد ونهب اموال الشعب اليمني التي فاقت على حد قوله الترليون دولار.
ليشهد الريال اليمني تدهوراً – خاصة في الأشهر الخمسة الأخيرة – في ظل صمت مطبق للجهات التي قامت بنقل البنك وحتى الجهات الدولية التي قدمت ضمانات على أن نقل البنك لن يؤثر على العملة اليمنية وصرف الرواتب فحدث العكس تماماً، وقد ووصل صرف الريال اليمني لأدنى مستوياته أمام الدولار والعملات الأخرى، ووصل سعر صرف الريال السعودي أكثر من122وصرف الدولار 510 ريال.
رافق ذلك ارتفاعاً جنونياً للأسعار في ظل هذا التراجع المخيف للريال اليمني وصمت المعنيين، وهذا ما يهدف اليه العدوان، فقد ساهم في توسع مأساة الشعب اليمني العدوان من الداخل ممن كانوا يحاولون اللعب بمشاعر الشعب اليمني وتأجيج الشارع الداخلي، عن طريق رفع الاسعار وانعدام المواد الغذائية الاساسية فترة والمشتقات النفطية تارة اخرى. ممن تسببوا في صنع الكارثة الاقتصادية للشعب اليمني، في شمال الوطن وجنوبه، ابتداءً بمتخذ القرار هادي، وحكومة الرياض بقيادة بن دغر، ومنصر القعيطي.
فقد ساهم الفساد الكبير لحكومة المستقيل هادي في استنزاف كل الاموال التي دخلت بنك عدن، بل واستخدمت السيولة الموجودة التي سلمت الى ايادي متنفذين في عدن، والذين وضفوها في السوق السوداء لسحب العملات من السوق اليمنية، الى جانب قرار القعيطي بتعويم العملة اليمنية مما ساهم في انهيار الريال اليمني بشكل كبير، عوضاً عن تسليم كثير من الاموال عن طريق التحالف السعودي الامريكي الاماراتي للتنظيمات والجماعات المتطرفة في عدن.
لتذهب اموال الشعب اليمني الى بطون الموالين للتحالف ويترك الشعب اليمني شمالاً وجنوباً ليواجه الجوع والحصار.
وكما يبدو ان التواطؤ الدولي مع كل هذه الاحداث والتغاضي عنها، والتستر عليها، يأتي متوافقاً مع الصمت والتغاضي والتستر عن كل الجرائم والمجازر الانسانية التي ترتكب بحق الشعب اليمني. والحصار الاقتصادي واغلاق كل المنافذ البرية والبحرية والجوية امام دخول المواد الغذائية والمساعدات الانسانية والوقود.. فمن لم يمت بطيران التحالف الامريكي السعودي، يراهنون على موته جوعاً بحصارهم.
وليكتفي العالم بالمشاركة في الحرب على اليمن، أما ببيع الاسلحة المختلفة للتحالف العدوان، والبقاء صامتاً وإصدار البيانات والتنديد وتوجيه اللوم، في حين يرفع الضوء الاخضر امام العدوان لارتكاب المزيد من المجازر وتشديد الحصار، ومحاولة لصنع ورقة لصالح تحالف العدوان يمكن من خلالها زعزعة الاستقرار والامن، وانتهاج سياسة التجويع، للضغط على الشعب اليمني، في أمل للوصول الى بصيص من نصر في الميدان الاقتصادي، بعد ان فشل التحالف الدولي في عدوانه على اليمن، وخسائره المتلاحقة في الميدان العسكري والسياسي.