مقالات وتحليلات (وكالة الصحافة اليمنية)
تُجري مصر والسعودية والإمارات اتصالات ولقاءات مكثفة بالمجلس العسكري بالسودان؛ بهدف إظهار الدعم المطلق للمجلس الجديد، بقيادة عبدالفتاح البرهان، في قيادته للمرحلة الانتقالية.
ويرى سياسيون ومراقبون أن هذه الاتصالات والزيارات تهدف إلى تأمين مصالحهم المشتركة، ومحاولة إنتاج نظام عسكري يخلو من الإسلاميين، وإجهاض ثورة السودانيين.
وفي هذا الصدد، قالت السلطات المصرية إنه “يجري وفد مصري رفيع المستوى زياره إلى دولة السودان؛ للوقوف على تطورات الأوضاع الجارية والمتسارعة؛ للتأكيد على دعم مصر الكامل لخيارات الشعب السوداني وإرادته الحرة”.
وكان الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، أجرى اتصالا، الثلاثاء، برئيس المجلس العسكري الانتقالي السوداني، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان.
وقال متحدث باسم السيسي، في بيان، إن السيسي أكد “دعم مصر الكامل لأمن واستقرار السودان، ومساندتها لإرادة وخيارات الشعب السوداني الشقيق”.
يأتي هذا التحرك المصري بعد زيارة لوفدين من السعودية والإمارات، حيث أشاد البرهان، الأربعاء، بالعلاقات “المتميزة” بين بلاده وكل من السعودية والإمارات، وذلك بعد لقائه وفديهما الثلاثاء.
رهان مصري سعودي إماراتي
وقال أستاذ العلوم السياسية وخبير الشؤون الأفريقية المصري، بدر شافعي لوسائل اعلام : “هناك رهان عربي على المجلس العسكري السوداني، لا سيما أنه يحاول أن يظهر أنه باق لفترة مؤقته، وهو محل شكوك كثيرة، والهدف منها تهدئة الشارع، وعودة الناس إلى بيوتها”.
ورأى أن “المجلس العسكري السوداني يحذو حذو نظيره المصري إبان ثورة 25 يناير 2011؛ فهو يعمل على تفتيت المعارضة، ورأينا ادعاء بعض الجماعات الشبابية أنهم من شباب الثورة، واتضح ذلك من خلال طلب المجلس من كل قوى سياسية اختيار رئيس وزراء، وبالتالي سيختلفون ولن يتفقوا”.
وبخصوص التنافس المصري السعودي والإماراتي، قال: “دعنا نقول إنهم متفقون في بعض الأهداف، ثم إن لكل واحد منهم هدفه الخاص، فهم متفقون على الإطاحة بالإسلاميين، الذي كان البشير جزءا منهم، وما يهم مصر الآن هو موضوع الإخوان في السودان، وعدم تحريك قضية حلايب وشلاتين، وأن تأخذ الخرطوم موقفا قريبا من مصر في قضية سد النهضة”.
وأردف شافعي: “أما السعودية والإمارات، فهما تسعيان إلى إبعاد السودان عن المحور القطري- التركي، وأن يكون نفوذهما هو الأقوى، وأن يكون السودان دولة علمانية، على الرغم من أن الشعب السوداني شعب محافظ، وأن تكون لهما قواعد عسكرية أو تواجد على البحر الأحمر”.
كعكة السودان لمن؟
وعلق السياسي المصري، محمد شريف كامل، بالقول: “السنوات الماضية شهدت تنافسا إماراتيا سعوديا من جانب، وتركيّا قطريّا من جانب آخر، واتسع ليشمل الصومال أيضا”، مشيرا إلى أنه “رغم أن مثلث الشر العربي (الإمارات والسعودية ومصر) يمثل جبهة واحدة، إلا أن هناك صراعا داخليا هو بمثابة صراع قوى؛ حيث يسعى كل منهم للاستحواذ على أكبر قدر من وسائل السيطرة وتوسيع رقعة نفوذه”.
وأضاف لوسائل اعلام : أن “كل ما يدور الآن من حوار علني لقوى الشر مع المجلس العسكري في السودان، وقد تكون هناك حوارات أخرى غير علنيه، فكل ما يدور أمام وخلف الستار من مكالمات وزيارات من مصر والإمارات والسعودية هو دليل على أن الأمر ما زال في طور التشكّل”.
وحذر من جهود تلك الدول في إجهاض ثورة الشعب السوداني، قائلا: “يجب ألا ننسى أن ثورة السودان هي ليست الأولى، وأظنها ليست الأخيرة، فحالها كحال باقي ثورات الربيع العربي، ستؤثر وتتأثر بمحور الشر العربي، وكذلك بما ستأتي به الأيام في باقي دول المنطقة، وبالخصوص القضية الفلسطينية”.
ملء الفراغ
وأرجع رئيس الدائرة المصرية بمركز حريات للدراسات السياسية والإستراتيجية، إسلام الغمري، هذا التسارع في التواصل مع المجلس العسكري السوداني إلى أن “السقوط المدوي والمفاجئ للنظام السوداني أحدث حالة من الفراغ والغموض، نتج عنها تسابق دولي محموم لبسط النفوذ وملء الفراغ”.
وأوضح أنه بالرغم من تعامل البشير مع الحلف الصهيوني الذي تقوده الإمارات والسيسي وولي عهد السعودية، لكن تبقي أهمية السودان الاستراتيجية لمصر أكبر، ما سيجعل من مصر لاعبا أساسيا في التحكم ورسم مستقبل نظام الحكم السوداني الوليد”.
وأشار إلى أن “التواجد المصري السعودي الإماراتي غير متعارض في السودان، لكنه متعاضد، ورغم ذلك فنظام الحكم -الذي استمر لمدة 30 سنة- لا يمكن أن يتم استئصاله دون دخول السودان في حرب أهلية”، داعيا “دول الاعتدال مثل تركيا وقطر وماليزيا ألّا تغيب عن المشهد” على حد تعبيره.