تقارير (وكالة الصحافة اليمنية)
خلال الأيام القليلة الماضية شهدت العلاقة بين العراق والبحرين توتراً غير مسبوقاً، وصل إلى حد تصعيد اللهجة على نحو غير مسبوق بين الطرفين واستدعاء القائم بالأعمال العراقية في المنامة.
وحول هذا السياق، أفادت العديد من المصادر الإخبارية بأن هذه الأزمة بدأت عندما قام وزير الخارجية البحريني “خالد بن أحمد آل خليفة” يوم السبت الماضي بانتقاد شديد لبيان أصدره زعيم التيار الصدري “مقتدى الصدر”، طالب فيه إيقاف الحرب في اليمن والبحرين وسوريا وتنحّي حكامها فوراً والعمل على تدخل الأمم المتحدة للإسراع في استتباب الأمن فيها والتحضير لانتخابات نزيهة بعيدة عن تدخلات الدول جمعاء وحمايتها من الإرهاب الداعشي وغيره، ولفتت تلك المصادر بأن الوزير البحريني كتب على موقع التواصل الاجتماعي تويتر العديد من الشتائم ضد “الصدر” وصفه بالأحمق وعلّق أيضاً في تغريدته بالقول : “مقتدى يبدي قلقه من تزايد التدخلات في الشأن العراقي، وبدل أن يضع إصبعه على جرح العراق، اختار طريق السلامة ووجه كلامه للبحرين، أعان الله العراق على أمثاله من الحمقى المتسلطين”.
غضب وردود فعل واسعة في العراق
لقد تسببت تصريحات وزير الخارجية البحريني ضد الزعيم الديني “مقتدى الصدر” في انتشار موجه من الغضب والسخط في الشارع العراقي، وحول هذا السياق طالبت وزارة الخارجية العراقية في بيان لها الأحد، دولة البحرين بتقديم اعتذار رسمي عن تلك التغريدة النابية التي وجهها وزير خارجيتها ضد الزعيم البارز “مقتدى الصدر”. وأعربت الخارجية العراقية عن شجبها للتصريحات التي أدلى بها وزير خارجية البحرين، معتبرة أنها غير مقبولة إطلاقاً في الأعراف الدبلوماسية، بل تُسيء أيضاً للعراق وسيادته واستقلاله وقامت بغداد باستدعاء السفير البحريني وسلّمت له مذكرتي احتجاج على خلفية التصريحات التي صدرت من وزير الخارجية البحريني إساءة إلى الرموز الدينية والسياسة العراقية.
كما أفادت الخارجية العراقية بأن وكيلها سلّم مذكرة احتجاج إلى القائم بالأعمال الأمريكي، “جوي هود”، بعد استدعائه إثر التصريحات التي نشرتها السفارة الأمريكية، والتي تجاوزت فيها الأعراف الدبلوماسية.
وفي سياق متصل، أفادت قناة السومرية الإخبارية العراقية بأن عشرات العراقيين المؤيدين لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر شاركوا يوم الأحد الماضي في وقفة احتجاجية بمدينة النجف، تنديداً بهجوم وزير الخارجية البحريني على زعيمهم الصدر.
وقال أحد منظمي التظاهرة ويدعى جميل كاظم إن عدداً من رجال الدين احتشدوا أمام مقرّ القنصلية البحرينية وسط مدينة النجف، رافعين الورود ومرددين شعارات تنتقد الإساءة لرموز العراق ومن بينهم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.
وأوضح أن الهدف من التظاهرة هو التعبير عن الرفض الشعبي للإساءة للرموز الدينية في العراق من أي طرف كان.
السعودية والإمارات تناصران البحرين
أعلنت السعودية عن موقفها الرسمي من الأزمة الدبلوماسية بين العراق والبحرين على خلفية مقترح زعيم التيار الصدري “مقتدى الصدر” تنحّي حكام اليمن والبحرين وسوريا فوراً، وقالت الخارجية السعودية في تغريدة على تويتر يوم أمس الاثنين: “نرفض التدخل بالشؤون الداخلية لمملكة البحرين وكل ما يمسّ بسيادتها وأمنها واستقرارها”، وعبّر مصدر مسؤول بالوزارة عن تطلع المملكة إلى علاقة متينة بين البحرين والعراق، يسودها الاحترام المتبادل، وبما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي.
وفي السياق نفسه، أصدرت وزارة الخارجية والتعاون الدولي بياناً قالت فيه: “إن التدخل في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين الشقيقة والتجاوز على حرمة ومكانة قيادتها الكريمة أمر غير مقبول على الإطلاق وتدخل مرفوض”.
وأضافت أن الوزارة شددت على أن عدم تدارك ما يسيء إلى العلاقات بين الأشقاء لن يؤدي إلا إلى اتساع الفجوة وزيادة التوتر في ظروف نحن أحوج ما نكون فيها إلى التعاون والتواصل واحترام السيادة الوطنية ومبدأ عدم التدخل بالشأن الداخلي. وأوضحت الوزارة بأنها تدعوا الأخوة في العراق الشقيق إلى الالتزام بمبدأ السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية بما يسهم في تعزيز أواصر العلاقات العربية ويعمق هدفنا المشترك المتمثل في ترسيخ الاستقرار في المنطقة.
بالنظر إلى كل هذه التصريحات التي أطلقها المسؤولون السعوديون والإماراتيون الداعمة للبحرين، يمكن القول هنا بأن تلك التصريحات تهدف إلى الدفاع عن السياسات الإقليمية والتدخلات السافرة التي يقوم بها هذان البلدان في عدد من دول المنطقة أمام الانتقادات الدولية وذلك لأن هذه التصريحات السعودية والإماراتية جاءت عقب إطلاق “الصدر” تصريحات داعمة للحركة الشعبية في البحرين، ومعارضة لمخططات السعودية والإمارات الخبيثة في الحرب على اليمن.
يذكر أن الإمارات والسعودية شنتا حرباً دموية قبل عدة سنوات في اليمن وبدعم من واشنطن، ويرفضان حتى الآن أي خطة سلام لإنهاء الحرب وإراقة الدماء في هذا البلد الفقير.
ومن هذا المنطلق يمكن استنتاج أن وقوف الجبهة السعودية الإماراتية قبل عدة أيام ضد بغداد يرجع إلى عجز أمراء الخليج عن إقامة علاقات استراتيجية وودية مع العراق.
المصدر : الوقت التحليلي