مقالات وتحليلات (وكالة الصحافة اليمنية)
قال أكاديمي وضابط إسرائيلي سابق، إن جملة تحديات رئيسية يواجهها الجيش الإسرائيلي، وتحول بينه وبين تحقيق الانتصار على أعدائه خلال المعارك.
وأضاف البروفيسور يورام يوفال عالم الاجتماع الإسرائيلي في مقاله بصحيفة يديعوت أحرونوت، إن “المجتمع الإسرائيلي عاش قبل ثلاثة أسابيع عاصفة كبيرة حين طرح بعض الكتاب والمحللين العسكريين أسئلة من قبيل: لماذا لن تنتصر إسرائيل في الحرب القادمة؟ مما سيجعلها بعد زمن من أهم وأخطر الأسئلة والمقالات والوثائق التي كتبت في إسرائيل خلال السنوات الأخيرة”.
وطالب الكاتب، الذي انخرط في الجيش الإسرائيلي، وخاض حرب لبنان الأولى 1982، وتولى مسئوليات عسكرية فيها، أن “تطرح هذه المقالات في اجتماعات المجلس الوزاري المصغر للشئون الأمنية والسياسية، وتكليف كبار الجنرالات بقراءتها، واستخلاص الدروس منها، لأن ما يجعلها تحتل الأهمية والخطورة أنها انشغلت بقضية باتت تتحول في السنوات الأخيرة لما تشبه البقرة المقدسة داخل النقاش الإسرائيلي، وهي الحساسية المفرطة تجاه إمكانية أن نفقد قتلى أو مخطوفين في معارك الجيش الإسرائيلي ومواجهاته العسكرية”.
وأكد يوفال، رئيس معهد الدراسات العقلية، أنه “رغم أن هذه الحساسية أتت من دوافع طيبة وإيجابية، لكنها أسفرت عن نتائج سيئة ومريرة، ومنعت الجيش الإسرائيلي، وسوف تمنعه في المستقبل، من الانتصار في حروب إسرائيل القادمة، مما يجعل من المشروعية البحث في المراحل التاريخية والنفسية التي أوصلت المجتمع الإسرائيلي إلى الخشية كل هذا الحد من فقدان ومقتل جنوده في ساحة المعركة”.
وتساءل الكاتب “من أين وصلت الحساسية في فقداننا للمزيد من جنودنا في المعركة، مما يتطلب تقديم حلول تعيد تدريجيا حرية الحركة للجيش، بعيدا عن أي اعتبارات ليست عسكرية، لأنه من المذهل أن يخشى الضباط والجنرالات، عائلات الجنود القتلى والمخطوفين أكثر من خشيتهم من العدو في ساحة القتال، وبسبب هذه الخشية لا يستطيع الجيش تحقيق الحسم والإخضاع لهذا العدو، الذي يتطلب دفع أثمان بشرية”.
وأوضح أن “هذه الحساسية المفرطة تجاه مقتل الجنود في المعركة أنتجتها ثلاث مكونات إسرائيلية: المحامون والقضاة، الصحفيون، والسياسيون، فالفريق الأول ينخرط بلجان التحقيق للبحث في الإخفاقات العسكرية للجيش، وبعض أعضائها من المحامين والمستشارين القانونيين والقضاة ليسوا ذوي خبرة عسكرية، ولا يستحضرون الاعتبارات العسكرية العملياتية التي دفعت هذا الضابط للقيام بما قام به في ساحة المعركة”.
وأضاف أن “هذا لا يعني عدم التحقيق في أي فشل للجيش لدى تنفيذه عملية عسكرية، لكن من يحقق يجب أن يكون من الضباط، وليسوا مستشارين قانونيين يفتقرون ألف باء علوم عسكرية، ولم يخوضوا في حياتهم معركة، لأن الضباط اليوم حين يذهبون لتنفيذ عمليات عسكرية ضد العدو الماثل أمامهم يفكرون فيما ستحقق به لجان التحقيق من المحامين والقانونيين، وكيف ستنظر إليهم عائلات الجنود الذين سيقتلون في المعركة”.
وانتقل الكاتب للمكون الثاني من منتجي الحساسية تجاه قتل الجنود، وهي “الصحافة الإسرائيلية الساعية لتحقيق كل سبق صحفي بكل ثمن، ولذلك تسببت هي الأخرى بإحداث شلل في الجيش عبر استخدام بعض العناوين البراقة التي تحقق الأكشن والإثارة مثل: كارثة ناقلة الجند، ثغرة الأنفاق، إرهاب البالونات الحارقة، كل ذلك جعل الجيش يفكر بتحقيق أي انتصار على العدو دون فقدانه أياً من جنوده، وهذا تحدي صعب تحقيقه”.
وأضاف أن “حريقا في كيبوتس زراعي بغلاف غزة حولته الصحافة الإسرائيلية لما يشبه تفجير القنبلة النووية الإيرانية، أو قتل جنود إسرائيليين بدم بارد، وتحول مقتل كل جندي في ساحة المعركة بنظرها إلى إخفاق وفشل وثغرة تتطلب التحقيق والفحص، والنتيجة أن الجيش بات مشلولا لا يعمل، لأنه يخاف، فقد بات يتقن عض الشفاه وذرف الدموع على كل جندي يقتل ويختطف، مع أنه تدرب على أنه لا انتصار بدون مخاطر”.
وذهب الكاتب للمكون الثالث وهم السياسيون الإسرائيليون، الذين “ساهموا بمنع الجيش من تنفيذ عملياته العسكرية وفق ما يراه مناسبا، بما فيها إمكانية سقوط قتلى في جنوده، وفي حالة بنيامين نتنياهو فإنه يقرأ توجهات الجمهور الإسرائيلي جيدا، ومستعد لأن يفعل كل شيء لإرضائه، وإلا سيكون مصيره السجن، لذلك يمتنع عن قول الحقيقة للرأي العام الإسرائيلي بأنه يجب أن نضحي ونغامر ونخاطر، ولو كلفنا ذلك قتل واختطاف مقاتلينا”.
وأوضح أن “نتنياهو ينفق الكثير من الأموال في سبيل توفير وسائل دفاعية مثل القبة الحديدية ومعطف الريح ومنظومة حيتس لمواجهة الصواريخ مختلفة المديات والأنواع، بدلا من ضخ النفقات لتطوير سلاح المشاة والبر اللازم لتنفيذ عمليات ميدانية برية في أرض العدو، فالبر والمشاة هو القادر على حسم المواجهة، وتحقيق الانتصار، ويوقف العمليات العدوانية ضد إسرائيل”.
وختم بالقول أن “إسرائيل خضعت لحماس، وأطلقت سراح أكثر من ألف أسير فلسطيني بسبب تواجد دماء يهودية على أيديهم، مقابل استعادة الجندي الأسير لدى الحركة غلعاد شاليط، وتوافق إسرائيل على منح حماس في غزة ملايين الدولارات شهريا، وتحرير المزيد من الأسرى الفلسطينيين لاستعادة جثامين الجنود القتلى في غزة”.
وقال أن “الزعيم الإسرائيلي الحقيقي يستطيع، ويجب عليه القول لعائلات الجنود القتلى أن استعادة جثامين أبنائهم ليست أكثر أهمية من قتل جنود ومستوطنين أحياء سيقتلهم من سيطلق سراحهم في صفقة تبادل قادمة مع حماس”.
(المصدر : عربي 21)